لكل السوريين

“أسطول” من الخيول إلى غزّة.. والحلم ولد ميتاً

لطفي توفيق

ما جرى في غزّة..

ذكّرني بيوم حضرت فيه .. قبل أكثر من ربع قرن ..

ندوة لرحالة سوري جاب معظم دول العالم على صهوة جواده.

تحدث الرحالة قليلاً عن رحلته التي استمرت أكثر من أربعين شهراً.

وقدم عرضاً لكتابه الذي دوّن فيه تفاصيل رحلته.. وهدفه منها.

وما لفت نظري خلال الحوار الذي أعقب الندوة..

اقتراح أحد الحضور … لماذا لا نجهّز “أسطول حرية” من الخيالة العرب والخيول العربية… وننطلق على صهواتها لكسر الحصار عن غزة..

شردت مع تفاصيل الصورة التي اقتحمتني إلى درجة الوجع..

وتراءت أمامي جحافل الخيول العربية..

والثوار الذين قارعوا على صهواتها آلة حرب المستعمر الغربي..

في مختلف الأقطار العربية..

وتخيلت.. بل رأيت مئات.. بل آلاف الفرسان على صهوات خيولهم..

يحملون بعض الدواء..

وبعض الغذاء..

وكلّ الحب..

ويتجهون إلى أكبر معتقل أنجزه “العالم المتمدن” في هذا القرن.

وغيبتني النشوة عمّا يجري في الصالة لحظات..

وأعادني صخب الحضور إلى الحضور..

وبقايا الحلم مازالت تعبث بي..

وقررت أن أناقش الفكرة..

وأدعو لها بحماس شديد..

وكدت أن أبدأ.. لولا أنه مع عودتي إلى الصالة..

عاد الواقع ليجتاح حلمي.. ويقتحم حماسي..

وتذكرت أن هذا …الأسطول… من الفرسان والجياد..

لو قيض له أن يتحقق..

سيمر على الأرض.. وليس في البحر..

وسيمر قبل وصوله إلى غزة بأرض من المفترض أنها .. بتتكلِّم عربي..

 

سخرت من سذاجتي..

وتساءلت: إذا كان المتحكمون بقرار هذه الأرض، وبأقدارها..

يمنعون حبة الدواء عن غزة..

ويعرقلون نسمة الهواء إذا سرت باتجاهها.

فكيف لي أن أفكر.. ولو بالحلم..

أن يرحب هؤلاء بجحافل فرسان بني يعرب..

وبني العرب العاربة.. والمستعربة

القادمة إليها!..

وكيف سيسمحون لهم بالدخول من معابر..

لا تُفتح إلا لتخفيف الضغط ليس عن غزة..

بل عن جلاديها.

جفّ الحلم على بريق العيون..

ويبس الحماس على الشفاه..

ولم يتجاوزها..

ولكي أهرب من خيبتي..

أقنعت نفسي بأنه يكفي أنني حلمت قليلاً..

في زمن صار الحلم فيه خروجاً على طقوس القبيلة..

وعلى قوانين القتلة..

وسواطير السفاحين.