لكل السوريين

تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.. استعصاءات متوالية واتهامات متبادلة

تقرير/ محمد الصالح 

ما زلت أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية تراوح مكانها بعد فشل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف، بالاتفاق على تشكيلتها خلال لقاء قصر بعبدا الأخير.

وفي تصريح صحفي عقب اللقاء، أكد سعد الحريري أن إصرار الرئيس على تمكين حلفائه من أغلبية معطلة في الحكومة هو سبب التعطيل.

وأشار إلى أنه طلب من الرئيس “أن يسمع أوجاع اللبنانيين، ويعطي البلد فرصته الوحيدة والأخيرة بحكومة اختصاصيين تقوم بالإصلاحات وتوقف الانهيار، بلا تعطيل ولا اعتبارات حزبية ضيقة”.

فيما أدلى الرئيس اللبناني ميشال عون بتصريح أنكر فيه بعض ما جاء على لسان الحريري

ووصفه بأنه كان “منفعلا” خلال تصريحاته، ورد عليها في بيان رئاسي قائلا “إن رئاسة الجمهورية فوجئت بكلام وأسلوب رئيس الحكومة المكلف شكلاً ومضموناَ.

وعلى خلفية استعصاء تشكيل الحكومة، واستمرار تدهور الليرة اللبنانية، تذبذب سعر صرفها، تجددت مطلع الشهر الحالي الاحتجاجات الشعبية في لبنان، وأقفلت عدد من المحال التجارية الكبرى أبوابها لإعادة تسعير سلعها، وتوقفت معظم المصانع عن الإنتاج بانتظار استقرار سعر الصرف.

اتهامات متبادلة واستعصاء مقيم

خلال الأشهر الماضية، تبادل الحريري وعون الاتهامات بعرقلة تشكيل الحكومة، ولكن الفترة الأخيرة شهدت تصعيداً غير مسبوق بينهما، حيث خيّر عون الحريري بين تشكيل حكومة بشكل “فوري” أو التنحي.

ورد الحريري باستعداده لعرض تشكيلة حكومية جديدة، وطالب عون بإفساح المجال أمام انتخابات رئاسية مبكرة، في حال عجزه عن التوقيع عليها.

ولم يسبق أن واجه لبنان ما يشبه هذه الأزمة الحالية في ظل الانهيار المريع لعملته الوطنية، والاستعصاء السياسي، وتمادي المنظومة السياسية القائمة في تمييع التحقيق بتفجير مرفأ بيروت، والاستهتار بتدمير نصف العاصمة، والإجهاز على دور لبنان كنافذة مهمة للمشرق على العالم.

ضغوط دولية

يواجه السياسيون اللبنانيون انتقادات دولية مستمرة لفشلهم في حلحلة الأزمة السياسية في ظل الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتردي في البلاد.

وخلال اجتماع مجلس الأمن الدولي الأخير، اعتبر أعضاء المجلس أن “على القوى السياسية أن تسهل تشكيل حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات الضرورية لوضع لبنان على طريق التعافي”.

وعلى خلفية افشال المبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان، من قبل أطراف داخلية واقليمية، واستمرار محاولات التعميم على المعطلين لتشكيل الحكومة، وعلى كشف المسؤولين عن تفجير المرفأ،  أطلق وزير الخارجية الفرنسي صرخة تحذير للإنقاذ قبل فوات الاوان، وحمّل المسؤولين اللبنانيين مسؤولية انهيار وطنهم.

ويرى المراقبون أن الجهد الفرنسي سيبقي معطلاً ما لم يقترن برعاية دولية تفرض حلاً إنقاذياً، وتحرر لبنان من الارتهان للعبة المحاور الإقليمية والدولية.

وإلى ذلك ذهبت مبادرة البطريرك الراعي الداعية إلى بلورة دعم دولي يمكن لبنان من النأي بنفسه عن صراعات الاخرين، والإسراع بإيجاد حلول عاجلة لوقف الانهيار الاقتصادي وتشكيل حكومة مهمة للإصلاحات الطارئة.

وانضمت السفيرة الأمريكية في بيروت مؤخراً إلى المسؤولين الأجانب الذين يحثون القادة اللبنانيين على تشكيل حكومة لمواجهة الانهيار الذي يشهده لبنان.

ودعت السفيرة السياسيين اللبنانيين إلى تنحية خلافاتهم جانباً لإنقاذ البلاد من أزماتها،

وتساءلت دوروثي شيا في تصريحات لها بعد لقائها بالرئيس اللبناني “ألم يحن الوقت للتنازل عن المطالب”.

يذكر أنه عند تشكيل أي حكومة لبنانية جديدة، تطرح إشكالية الثلث المعطّل، رغم أن دستور الطائف نصَّ على أن تأليف الحكومة يجب أن يتمّ بالاتفاق بين رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة المكلف.

ومع أنه غالباً ما كان رئيس الحكومة توافقياً، وليس لديه كتلة موالية.

ورغم أن دستور الطائف لم يذكر مصطلح الثلث المعطّل، إلّا أن هذا الثلث صار جزءاً من الثوابت، والمشكلات التي تواجه تشكيل أي حكومة.