لكل السوريين

الأسواق السورية تفيض بالبضائع الأجنبية

تقرير/ بسام الحمد

أغرقت البضائع المستوردة الأسواق السورية عقب طرد بشار الأسد، وذلك بفضل زوال القيود المفروضة على الدولار، والرسوم الجمركية الباهظة المفروضة على البضائع، وهذا ما أدى إلى حدوث طفرة في السلع التي اختفت من الأسواق السورية طوال فترة الحرب.

خلال الأسابيع التي تلت إسقاط الأسد بفضل عملية عسكرية ترأستها هيئة تحرير الشام، وصلت كميات كبيرة من البضائع الغربية وبضائع دول الجوار إلى الأسواق السورية، فحول العاصمة السورية دمشق، أصبحت المحال التجارية ترص المياه التركية المعلبة، ومكعبات مرق الدجاج المصنوعة في السعودية، ومسحوق الحليب اللبناني، وعلامات تجارية أجنبية معروفة لأنواع من الشوكولا، وعلى رأسها تويكس وسنيكرز. وفي أحد المتاجر الكبرى بوسط العاصمة، ثمة جدار كامل مخصص لمنتجات “برينغلز”.

في عام 2013، أصدر الأسد قراراً يقضي بتجريم التعامل بالعملات الأجنبية وذلك سعياً منه لدعم الليرة السورية خلال فترة الحرب الدموية التي امتدت لـ13 عاماً، وفي الوقت ذاته، رفع النظام الرسوم الجمركية لرفد الإيرادات، إذ على سبيل المثال فرض على أجهزة الآيفون ضريبة تعادل 900 دولار تقريباً منذ العام المنصرم، وهذا ما أجبر السوريين على الاعتماد على المنتجات المصنعة محلياً، مع تفشي التهريب من لبنان لسلع لا يمكن تأمينها في البلد، مثل صلصة الصويا، كما فاقمت العقوبات الدولية حالة العزلة المفروضة على سوريا، على الرغم من إعفاء الأغذية والأدوية من تلك العقوبات.

كان من عادة التجار والباعة إخفاء البضائع الأجنبية خلف طاولات البيع ليقوموا ببيعها سراً لمن يعرفونهم من الزبائن، كما زاد الخوف من المداهمات والاعتقال والابتزاز على يد عناصر الأمن، ولذلك صار السوريون يتجنبون ذكر كلمة “دولار” ويستخدمون محلها كلمة “البقدونس” للتعبير عنها.

منذ وصول الحكومة التي تترأسها هيئة تحرير الشام إلى الحكم سمحت بالتعامل بالدولار، لكنها أعلنت مؤخراً عن حزمة جديدة من الرسوم الجمركية الموحدة والتي تهدف إلى خفض الرسوم على حد زعمها بنسبة تتراوح ما بين 50-60%، وأضافت بأن خفض الرسوم على المواد الخام المستوردة سيسهم في حماية الجهات المصنعة المحلية، وعلق على ذلك ماهر خليل الحسن، وزير التجارة الداخلية، في تصريح لوكالة “سانا” خلال هذا الشهر، فقال: “تتمثل مسؤوليتنا الأساسية خلال هذه المرحلة بضخ الدماء في عروق الاقتصاد والحفاظ على المؤسسات وخدمة المواطنين”.

وبدأت البضاعة المستوردة التي بقيت طوال سنين تصل من تركيا إلى محافظة إدلب التي سيطرت عليها هيئة تحرير الشام بالوصول إلى بقية أنحاء سوريا، ناهيك عن تلك البضاعة الآتية من لبنان، بما أن معظم السيارات القادمة من هناك تعبر الحدود من دون أن يجري تفتيشها في الغالب الأعم.

وماتزال العلامات التجارية المحلية أرخص بكثير من الأجنبية، وذلك لأن قارورة الكاتشب السوري من نوع دوليز مثلاً تباع بمبلغ 14 ألف ليرة سورية (ما يعادل دولاراً واحداً) في أحد المتاجر الكبرى، في حين تباع قارورة الكاتشب من نوع هينز بمبلغ يعادل 78 ألف ليرة.

وأطلق السوريون نكاتاً ساخرة بمجرد أن عادت علامة تجارية أجنبية أخرى أثارت شجونهم، ألا وهي جبنة البقرة الضاحكة الفرنسية التي اعتاد السوريون على استخدامها في شطائرهم عندما كانوا صغاراً، إذ نشر سوري فيديو عبر منصة إنستغرام يظهر الصورة الشهيرة لهذه العلامة التجارية وهو يقول: “من إيمتى ما شفت هالضحكة؟ راح الحمار ورجعت البقرة”.