لكل السوريين

2021وآفاق الحل السياسي

قبل أيام مرت الذكرى العاشرة لانطلاق الحراك السياسي الشعبي السوري، والذي بدأ سلميا مطالبا بالحرية والكرامة، رافضا للاستبداد والتسلط وهيمنة الحزب الواحد على الحياة السياسية، بالرغم من وجود العديد من التشكيلات السياسية المنضوية تحت مسمى الجبهة الوطنية التقدمية، والتي لا تعدو عن كونها كومبارس سياسي أتقن دوره خلال الحقبة الماضية.

وهذا الحراك السلمي وجه بردة فعل غير مسبوقة من السلطة الحاكمة، تمثلت باستخدام كل أنواع الأسلحة، ليس فقط، بل إنها استقوت في الأيام الأولى بقوى إقليمية لمساعدتها في قمع ذلك الحراك، بعد أن جرت عملية شيطنة له، من خلال اختراقه وبشكل مدروس من قبل دول إقليمية، استطاعت إبعاده عن توجهه السلمي باتجاه العسكرة، وهذا كان مبررا للسلطة لاستخدام القوة المفرطة في مواجهة ذلك الحراك، الأمر الذي تسبب في وقوع الكثير من الضحايا والكثير من الدمار والخراب والتهجير والنزوح لملايين السوريين للداخل والخارج، مما تسبب في إطالة أمد الأزمة، بهدف اللعب على عامل الزمن، لعل السلطة تستطيع إعادة فرض هيمنتها على المناطق التي خرجت عن سيطرتها، ولكنها فشلت في ذلك.

وطيلة السنوات الأولى مما دفع بالسلطة للاستنجاد بالجانب الروسي لقمع الحراك وإنقاذ النظام، وقد نجح في ذلك بعد أن استخدم أحدث الأسلحة في تدمير المدن والبلدات التي خرجت عن سيطرة الحكومة.

أما اليوم فقد تغير المشهد برمته، وأصبحت سوريا تقترب أكثر فأكثر من التحول إلى دولة فاشلة، بسبب بسيط، وهو أن العالم لم يكن يرغب بإنهاء الأزمة السورية، بعد أن جرى تحويل الأرض السورية إلى ساحة لتصفية الحسابات بين الدول التي اتخذت من سورية ملعبا لها، دون اكتراث بما يدفعه الشعب السوري جراء استمرار أزمته.

ولكن يبدو أن هناك مقاربة جديدة حول الوضع السوري، يجمع عليها معظم اللاعبين الرئيسيين، تفيد بأن عدم إنهاء الأزمة لن يكون في مصلحة كل الجوار الإقليمي، وستكون نتائجه كارثية على تلك الدول، وهذا هو ما يفسر لنا حجم التحركات السياسية التي شهدتها العديد من العواصم الإقليمية والعالمية، التي تناولت سبل الحل للأزمة السورية، ولكن وفق مرجعية جنيف والقرار الأممي 2254 الذي أجمع عليه كل الشعب السوري من العام الأول لأزمته، ومن خلفه معظم الدول التي ساندت قضيته العادلة.

ومثل هذا الحراك السياسي الدولي يشير بلا أدنى شك إلى إننا بتنا على مشارف الحل السياسي، وما يقال عن كورونا هنا ومحاكمات لرموز النظام هناك، وتهديد بفتح ملفات محاكم الجنايات الدولية ليس إلا مؤشرات عن اقتراب الحل السياسي، ولكن هناك شيئا مهما مفاده أن العالم الباحث والحريص على إيجاد حل سياسي بات اليوم مقتنعا الآن أكثر من أي وقت مضى بأن بوابة الحل ستكون شمال شرق سوريا، وما باتت تمثله من تجربة ناجحة في المجال السياسي والإداري والتنموي جديرة بالاقتداء، وهذا يفسر مستوى اللقاءات والحوارات السياسية التي تمت مع ممثلي الإدارة الذاتية ومظلتها السياسية مجلس سوريا الديمقراطية.

وكل ما سبق يؤكد ما كنا قد ألمحنا إليه من أن العام ألفان وواحد وعشرون سيكون بداية النهاية لأزمتنا السورية التي طال أمدها، وقد حان الأوان لحلها.