لكل السوريين

“داعش والفيلق الخامس وحزب الله”.. الضغوطات على السويداء أسلبتها القرار السياسي

السويداء/ رشا جميل 

تعيش محافظة السويداء فراغ سياسي كبير منذ بدء الأزمة، لعدم قدرتها على اتخاذ أي قرار أو تكوين أي جسم سياسي يمثل أهلها ومتطلباتها، خاصة بعد فشل جميع المظاهرات الأخيرة التي قامت بها، لعدة أسباب منها الأمنية كتخوين القائمين على المظاهرات واتهامهم بالعمالة مع الخارج، بالإضافة إلى تدخلات أبناء المعارضة بشكل خاطئ ومستفز وغير مدروس، الأمر الذي أدى إلى فقدان حاضنتها الشعبية.

كما يمكن اعتبار النشاط الحالي الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني، والتي يتبع البعض منها لـ “اسماء الأسد”، دون جدوى فالواقع لم يتغير، ونشاطها مجرد تسكين أو تخدير لأي انتفاضة ضد هذا الواقع.

ما دفع الحكومة السورية وخاصة بعد معرفتها للمحافظة وقدرته على توقع ردود أفعال أبنائها، رغم أنها ما تزال تخاف من حصول أي انتفاضة شعبية، إلى جعل أهالي المحافظة يعيشون الجوع والفقر وعدم الأمان والصراعات الداخلية والخوف من حدوث أي اقتتال داخلي، ودفعهم إلى الجلوس في منازلهم، فالكرامة موجودة، لكن الجوع قاتل.

ولا يخفى على أحد الذل والمهانة التي يمارسها النظام من خلال البطاقة الذكية، والتي حرمت الأغلبية الساحقة من مخصصاتها، في الوقت الذي نشهد فيه انهيار الليرة السورية بشكل كبير، وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وانعدام القدرة الشرائية لدى الأهالي، حتى الموظفين فالراتب الشهري للموظف لم يعد يكفي لشراء الخبز والزيت كمثال.

وتزامناً مع ما سبق، تأتي البطالة القاتلة، خاصة أن شبان المحافظة لم يلتحقوا بالخدمة الإجبارية، الأمر الذي قيدهم تماما، وجعلهم مراقبين للوضع ليس أكثر، إلا من استطاع أن يجد عملاً في محل للألبسة، أو في ورشات البناء “عامل نجارة”، او البيع على البسطات.

أضف إلى كل ذلك أن الحكومة ما تزال تستخدم ورقة داعش التي تشكل ضغطاً على المحافظة من الناحية الشرقية، والفيلق الخامس، من الناحية الغربية، وفي الداخل الجوع.

أما بالنسبة للجهات الخارجية والتي لها الأثر الأكبر أيضا، واليد الداعمة للحكومة، في إثارة الاضطراب والفلتان الأمني، وخاصة الصراع الإيراني والروسي، وسط غياب واضح للفصائل وخاصة فصيل “رجال الكرامة” لإيجاد حل لمشاكل الخطف والقتل التي باتت شبه يومية.

هذه القوى المتصارعة النظام، روسيا، إيران، إسرائيل، الزعامات التاريخية للطائفة الدرزية، لبسط سيطرتها على المحافظة، باتت واضحة، فإيران حاولت دخول المحافظة من باب التشيع، وفشلت كون طبيعة المجتمع الدرزي في السويداء، ترفض هذا الفكر الديني، فحاولت الدخول بالمجتمع، عن طريق عملائها من عناصر حزب الله، والذين يعتبرون المصدر الأساسي لنشر المخدرات وتهريبها في المحافظة، ورجال الدين التابعين للحكومة.

وقد شهدت المحافظة في الآونة الأخيرة ما يقال عنه تنفيذ لعبة لخدمة الحكومة، أما روسيا فهي بحاجة إلى ما يزيد 60 ألف مطلوب للخدمة الإلزامية، خاصة (من يرفضها بدعم من تشكيلات الشّيخ الحجار)، لضمهم للفيلق الخامس، وهو ورقتها للضغط بقوة على محافظة السويداء.

كل ما يحدث في المحافظة، في ظل التخاذل الكامل من قبل تشكيلاتها العسكرية، وشيوخ دينها، وفصائلها، جعلها عاجزة تماماً عن تبني أي خطاب سياسي مفهوم، يأخذ على عاتقه إيصال صوتها أو تحقيق أي تغيير، خاصة الفعاليات الدرزية تتجنب اي محاولة صدام سواء محلية او في محيطها، وذلك في ترقب لحل سوري عام خوفا من تعرضها لمقتلة كبيرة، ترهقها وتفقدها موقعها المتوازن لليوم رغم كل عيوب المحافظة السياسية المشار اليها بداية.