لكل السوريين

حول مفهوم المواطنة في بلدان العالم الثالث -1-

انعام إبراهيم نيوف

المواطنة، تعني في اللغة وفي المفاهيم السياسية والحقوقية الانتماء إلى الوطن، أي الارتباط الوثيق به وبتراثه وقيمه وتاريخه وثقافته ومقدساته ومثله ومبادئه.

ومن جانب آخر تعني المواطنة أن يتمتع المواطن بكل حقوقه المدنية والسياسية، وأن يقوم بأداء كل واجباته تجاه وطنه الذي يشارك مع الآخرين في صياغته وبلورة مطامحه، فهي تتجاوز النموذج المبسط للوطنية، التي تفرض الولاء المطلق للدولة؛ ما يجعل منها أساسا ديمقراطيا لبناء دولة حديثة، يتعادل بهياكلها وقوانينها ومبادئها الحق والواجب.

في مواثيق القانون الدولي، يستخدم مصطلح المواطنة: بالموازاة مع مصطلح الجنسية بالتبادل فيما بينهما، خاصة حين يتم الحديث عن منح الأشخاص الحق في حماية دولة ما، إلى جانب حقوق سياسية ومدنية أخرى، وخاصة منها التي تشكل ركنا أساسيا في هوية الفرد/ الإنسان.

ويمكن تعريف المواطنة الحيوية أو العضوية في هذا القانون بأنها لها الحق في الحصول والتمتع بالحقوق بصورة عادلة.

وفي القواميس السياسية يرتبط مصطلح المواطنة موضوعيا بمصطلحات: الوطن، المواطن، الوطنية؛ وهو ما يجعل المواطنة إطارا جامعا لتفاعل المواطن مع وطنه، ولعلاقة المواطنين فيما بينهم ضمن الدائرة الوطنية للدولة.

وفي الفكر الإنساني المعاصر تعني المواطنة الانتماء السياسي إلى دولة ما، والتسليم لشرعيتها والخضوع لدستورها وقوانينها، فهي –في الفكر المعاصر- مرحلة أعلى من الجنسية وتعبر عن الكينونة الاجتماعية التي تشكل جسم المواطنة وروحها، وهو ما يعني في نظر العديد من المفكرين والمصلحين السياسيين أنه رغم التغيرات الجوهرية التي اعترت مفهوم المواطنة، عبر حقب التاريخ وتقلباته، بسبب الحملات العنصرية والاستعمارية، ظلت مفاهيمها تمتد على مساحة واسعة من الزمن الإنساني إلى السلطة والثقافة.

وفي نظر العديد من المفكرين المعاصرين فإن المواطنة الفاعلة لا تتوقف عند حدود الانتماء التاريخي والجغرافي أو الجنسي إلى الوطن، بل تشمل الواجبات التي على المواطن القيام بها تجاه وطنه، فالمواطنة المعاصرة –في رأيهم- تقوم على الحقوق المدنية للأفراد وعلى الانتماء إلى الدولة الوطنية، وعلى إعطاء الأولوية للمصلحة العامة ولأهميتها وخطورتها.

إسلاميا، يمتد مفهوم المواطنة على ساحة واسعة من المرجعيات الفقهية، وعموما المواطنة في الإسلام تحددها أربعة محددات فكرية هي:

  1. المساواة في الحقوق والواجبات أمام قضاء نزيه يحترم الكرامة الإنسانية.
  2. إعلاء قيمة الحرية، وتطبيق مبادئ وقواعد الحريات العامة والخاصة، حريات التملك والتنقل، حرية التعبد، حرية المعتقد.
  3. الهوية الوطنية الواحدة تتبلور في اللغة الواحدة، الرموز الوطنية.. الأعراف والعادات المتوارثة في العلاقات الاجتماعية.
  4. التنمية الشاملة في إطار العدالة، تنمية الموارد البشرية والمادية في إطار التقدم الثقافي والعلمي.

وبذلك تكون هذه المحددات الفكرية الأربعة قد ركزت صياغتها للمواطنة على محورين، هما الحرية والعدالة.

يتبع…