لكل السوريين

إحياء الاتفاق النووي الإيراني.. إيجابياته ومحاذيره

تقرير/ محمد الصالح 

منذ توقيعه عام 2015، اعتبر المحافظون المتشددون الاتفاق النووي الإيراني إهانة لبلادهم، واتهموا حكومة روحاني بالتهاون خلال محادثات إنجازه.

وهم يسعون الآن إلى عرقلة إحيائه قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران المقبل، على أمل فوزهم بهذه الانتخابات، حيث لا يمكن للرئيس الحالي حسن روحاني عرّاب الاتفاق، الترشح مرة أخرى بعد فترتين في المنصب.

وكانت الرغبة في عرقلة إحياء الاتفاق قبل الانتخابات وراء تمرير البرلمان الإيراني، الذي يهيمن عليه المحافظون، لقانون يقلل من التزامات إيران النووية من خلال تحديد الثاني والعشرين من شهر شباط الماضي موعداً نهائياً لرفع العقوبات من قبل الولايات المتحدة، وإلّا ستوقف إيران العمل بالبروتوكول الإضافي بالاتفاق النووي الذي يتيح للوكالة الدولية للطاقة الذرية عمليات التفتيش المفاجئة من قبل خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقد أوقفت طهران بالفعل تنفيذ البروتوكول بعد انتهاء الموعد المحدد.

وبدوره يتهم روحاني، الذي يوصف بالوسطي، المتشددين بالرغبة في كسب الفضل في إحياء الاتفاق النووي لأنفسهم، ووضع العراقيل حتى لا يتم ذلك في عهده.

كما يتهم المعتدلون المتشددين الإيرانيين بأنهم “تجار عقوبات”، في إشارة إلى أن مصالحهم الاقتصادية تكمن باستمرار العقوبات على إيران من أجل الحفاظ على اقتصاد سري يمكّنهم من تحقيق الأرباح عبر الالتفاف عليها، والتهرب من قيود التجارة العالمية.

إحياء الاتفاق أكثر تعقيداً

يشير بعض المتابعين لمحاولات إحياء الاتفاق النووي، إلى أن المشكلة التي تمنع إيران والولايات المتحدة من العودة إلى هذا الاتفاق، تكمن في من سيكون الطرف الذي سيبادر أولاً. وفي هذا الأمر تبسيط لمشكلة ليست بسيطة.

ففي الولايات المتحدة يؤيد الديمقراطيون الاتفاق النووي من حيث المبدأ، بينما يعارضه الجمهوريون، وذلك ما يجعل أي صيغة للبدء في إحياء الاتفاق، لا تضمن بالضرورة الموافقة عليها، وتمريرها في الكونغرس الأميركي.

ولكن الوضع في إيران أكثر تعقيدا، بسبب وقوف الرأي العام الإيراني بشكل ملموس ضد النظام منذ إعادة فرض العقوبات المشددة التي قادتها الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب، مما أدى إلى التضخم وارتفاع البطالة، وإلى اندلاع احتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد الحكومة التي لجأت بدورها إلى مزيد من القمع.

وقد انضم العديد من الإيرانيين المحبطين والمصابين بخيبة أمل، إلى دعوة تحبذ تغيير النظام التي نادى بها مؤيدو سياسة الضغط الأقصى لدونالد ترامب.

كما يخشى العديد من الإيرانيين من أن يمنح إحياء الاتفاق متنفسا للنظام، مما يؤدي إلى إطالة أمد معاناتهم من خلال توسيع نطاق القبول الدولي للنظام الذي أصبحت شرعيته موضع تشكيك في الداخل والخارج معاً.

خاصة أن إحياء الاتفاق النووي قد لا يكون كافيا للتخفيف من معاناة الإيرانيين الاقتصادية، ولا  يضمن لهم انخفاض تكلفة المعيشة، وأسعار المواد الغذائية الأساسية.

والمخاطر مستمرة

كان من المفترض أن يضع الاتفاق النووي قيوداً صارمة على أنشطة إيران النووية بحيث يمكن أن يقلل من إصرار خصومها على توجيه ضربة عسكرية لمنشآتها النووية.

لكن إسرائيل ودول الخليج العربي شككت منذ إبرامه بجدوى هذا الاتفاق، لأنه  لم يشمل برنامج الصواريخ البالستية الإيراني.

ومع أن دول الخليج لا تريد، كما يبدو، أن تشهد المنطقة صراعاً عسكرياً مدمراً، إلّا أنها لا تبدي حماسة كبيرة لرغبة الرئيس بايدن بإحياء الاتفاق ما لم تتم معالجة هذه المخاوف.

وطالما بقيت الشكوك قائمة بأن إيران تعمل سراً على تطوير قدرتها على إنتاج رؤوس حربية نووية، فإن خطر شن هجوم استباقي إسرائيلي على منشآتها يظل قائماً.

وفي هذا السياق كشف تقرير سري للوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخراً، أن إيران بدأت العمل على خط تجميع لإنتاج مادة أساسية لتصنيع هذه الرؤوس.