لكل السوريين

أقحمت نفسها كثقافة أصيلة في شرق سوريا.. السياييل.. مأكول تراثي خفت بريقه لأسباب عدة

دير الزور/ غالب هويدي

تشتهر محافظتي الرقة ودير الزور وبعض من أرياف حماة وحمص الشرقية بعدد من الموروثات التي لا تزال تحافظ على تواجدها في المنطقة رغم أن العديد من أهالي المنطقة باتوا يرونها أنها من الزمان الغابر، حتى باتت النظرة لـ “السياييل” على أنها من جزء من ثقافة المنطقة.

ويعود سبب انتشار هذه الوجبة التراثية في محافظات الجزيرة السورية لكون تلك المحافظات تشتهر بصناعة السمن العربي الذي يعد المادة الرئيسية للسياييل.

وانتشرت هذه الوجبة في سوريا ومناطق العراق الغربية القريبة من دير الزور والحسكة والمتأثرة بكثير من ثقافاتها في خمسينيات القرن الماضي.

ومع أن الوجبة الشهيرة لم تلق انتشارا في مناطق الداخل السوري إلا أنها أدخلت نفسها كمأكول رئيسي يضاف لسلسلة من المأكولات الشرقية كـ “الجبن، الشلايل، الكشك، الهقط، والسمن العربي، اللبنة”، وغيرها من المأكولات.

خاتون العواد، سيدة تبلغ من العمر ستون عاما، تقطن في أرياف دير الزور الغربية، اعتادت أن تصنع السياييل في فترات التسعينيات وما قبلها، تقول “السياييل كانت من الوجبات الرئيسية في الجزيرة السورية، حيث أن أهل الجزيرة في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة وبعض من أرياف حلب المحاذية لمحافظة الرقة كانوا عندما يأتيهم ضيوف يعدون لهم السياييل كتقدير لهم”.

وتضيف “في الألفية الثالثة خفت بريف انتشار السياييل في المنطقة، ويعود ذلك لعدة أسباب، أبرزها الغزو الكثيف الذي شنته المأكولات الغربية كالكباب والمشاوي وانتشار المطاعم بشكل كبير في المحافظات الثلاث وفي أريافها، كما وأن الجهد الكبير الذي تحتاجه السياييل جعل الكثير من النسوة يبتعدن عن إعدادها رغم تواجد المواد الرئيسية اللازمة لإعدادها”.

وتتابع خاتون “عشت فترات كثيرة، وعاصرت أطعمة متنوعة، لكن لم تستطع أي وجبة أن تحل محل السياييل في الجزيرة السورية، لكن الجيل الحالي بحكم عدم رؤيته لها جعل منه يجهلها رغم أنها ثقافة أصيلة من ثقافة المنطقة”.

وعن طريقة صناعتها، توضح “تحتاج لعجين عادي، ويضاف إليه كمية كبيرة من الماء، حتى يصبح على شكل مرقة، ثم يوضع على الصاج، ثم نقوم بصناعة المواد التي تكون نسبة السكر فيها عالية تسمى قطر، وهي عبارة عن مياه عادية يضاف إليها سكر بنسبة كبيرة، ثم يضاف إليها السمن العربي الطازج، وتترك على الصاج حتى تنضج”.

وقلّت نسبة صناعة السياييل في فترة الأزمة السورية، وبحسب حامد وهو مربي أغنام من عقيربات بريف حماة فإن السبب لتراجع إعداد هذه الوجبة هو أن أصحاب المواشي سابقا كانوا لا يبيعون الحليب الذي ينتج منه السمن، إلا أنه في الوقت الحالي فإن أصحاب الأغنام باتوا يعتمدون على الحليب لتغطية مصاريف أغنامهم، حيث أن الحرب أدت إلى تقلص مساحات الرعي.

وغزت السياييل بعض البلدان المجاورة، حتى بات أهالي محافظات تركيا الجنوبية يقبلون على اعتمادها كوجبة تقدم للضيوف، ويعود ذلك للتداخل السوري بالمجتمع التركي المحاذي لمحافظة الرقة والحسكة.

ويصنع السمن العربي الذي يعد المادة الرئيسية لصنع السياييل من حليب الغنم، ولا يمكن صناعته من حليب الماعز أو الأبقار، ويعود ذلك لكثرة الدسم في حليب الغنم.

وتعد محافظات الرقة ودير الزور والحسكة من أكثر المحافظات السورية التي تتواجد فيها الأغنام، وذلك لتوافر مساحات الرعي فيها، كما وأن خصوبة المزروعات فيها تدفع مربو المواشي للمكوث فيها.