دمشق/ مرجانة إسماعيل
عادت ظاهرة شهدتها سوريا مؤخراً للانتشار، هذه الظاهرة لم يشهدها السوريون من قبل، إذ تجوب ما يُسمى بـ”سيارات الدعوة” بعض أحياء العاصمة دمشق. هذه السيارات مُجهزة بمكبرات صوت، وتبث أناشيد أو خطبا دينية تدعو إلى اعتناق دين الإسلام وتطبيق الشريعة الإسلامية.
وأثارت هذه الدعوات الدينية جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما تسببت أحيانا أخرى بمواجهات وشجارات على الأرض، حيث طرد بعض السوريين هؤلاء الدعاة من الشوارع، واصفين إياهم بـ”السلفيين”.
وبمثل خصوصية المجتمع السوري ككل تثير هذه الدعوات الدينية مخاوف عديدة بشأن الحريات، حيث يخشون من تأثيرها على التنوع الاجتماعي والهوية الثقافية للمناطق أو للمدينة بأكملها.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لأشخاص بسيارات يتجولون في شوارع عدة مناطق بدمشق، مثل الدويلعة وباب شرقي، والتي تضم نسبة كبيرة من المسيحيين.
هذه السيارات، المعروفة أيضا باسم “سيارات الدعوة”، تهدف بشكل أساسي إلى الترويج للإسلام ونشر أفكار دينية وصفها البعض بـ”المتطرفة”. كما أنها تركز على التجوال في المناطق التي يسكنها المسيحيون، مما أثار جدلا واسعا على منصات السوشيال ميديا.
وأيضا، هذه ليست المرة الأولى التي تجوب فيها “سيارات الدعوة” شوارع دمشق. فقد شوهدت مثل هذه المظاهر منذ سقوط نظام بشار الأسد وصعود فصائل المعارضة بقيادة “هيئة تحرير الشام” ذات الخلفية الإسلامية إلى السلطة.
ووثقت مقاطع الفيديو احتجاج عدد من السكان على هذه الظاهرة، حيث ظهر شاب يؤكد أنه مسلم لكنه يرفض هذا الأسلوب في الدعوة، فيما ظهر شخص آخر يقول “أنا مسيحي ولا أريد الخروج عن ديني”، بينما وثّقت المقاطع حالات من التدافع بين السكان والقائمين على هذه السيارات، ما أدى إلى طردهم وسط حالة من التوتر.
وغير معروف حتى الآن ما إذا كانت هذه الحملات الدعوية تُنظّمها جهة محددة، أم أنها دعوات فردية لمجموعة من الأفراد لنشر أفكارهم بين الناس. علاوة على ذلك، لا يوجد قانون أو قرار رسمي يمنع انتشار مثل هذه المظاهر، كأن يُوقفها الأمن العام مثلا، بل تجوب الشوارع بكل سهولة ويسر، ولا تُوقفها السلطات. لكن من يعترض طريقها هم سكان المناطق المستهدفة.
في كانون الثاني/يناير الماضي، انطلقت مجموعات من الأفراد في جولات دعائية تحمل رسائل تدعو إلى الإسلام والحجاب، في عدد من أحياء مدينة دمشق، وهو ما اعتبر مشهدا غير مسبوق في عموم سوريا.
ومن بين هذه الحملات، بحسب مقاطع فيديو منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي آنذاك، أشخاص يتجولون في أحد شوارع حي القصاع ذي الأغلبية المسيحية في دمشق، ويطالبون باعتناق الإسلام والإقلاع عن التدخين والفصل بين الجنسين، ما أحدث مشاجرة بينهم وبين أهالي الحي المسيحي، ما استدعى تدخل قوى الأمن العام.
كما انتشر فيديو لرجل يحمل القرآن بين يديه ويدعو إلى اعتناق دين الإسلام في حي باب توما ذات الأغلبية المسيحية، الأمر الذي أثار انتقادات لاذعة من قبل مجموعة من السوريين، حيث اعتبروا ذلك يتعارض مع الحريات والخصوصيات الدينية.
من جانبها، تقول القيادة الجديدة في دمشق، إن هذه “حالات فردية” وليست منظمة. وربما هؤلاء الأشخاص ينشطون دون أخذ موافقات رسمية من الجهات المعنية، إلا أنها تحصل.