لكل السوريين

في اليوم العالمي للكتاب، لماذا يجب أن نقرأ؟

حاوره/ مجد محمد

يصادف الثالث والعشرين من شهر نيسان/إبريل من كل عام، اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، وهو تاريخ اعتمدته اليونيسكو للاحتفاء بالكتاب والمؤلفين حول العالم، وتم اختيار يوم ٢٣ نيسان/أبريل باعتباره تاريخاً رمزياً في عالم الأدب العالمي، فهو يصادف ذكرى وفاة عدد من الأدباء المرموقين مثل وليم شكسبير الأب الروحي للمسرح العالمي، وميجيل دي سرفانتس صاحب أول رواية أوروبية حديثة وهي دون كيشوت، ويسعى الاحتفال باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف إلى مناصرة الكتب وحقوق المؤلف، والدفاع عن الإبداع والتنوع والمساواة في الانتفاع بالمعارف، بدءاً بشبكة المدن المبدعة في مجال الأدب وانتهاء بتعزيز محو الأمية والتعلم بالأجهزة المحمولة والمضي قدماً في الانتفاع المفتوح بالمعارف العلمية والموارد التربوية.

وللحديث عن هذا اليوم وتفاصيله، عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الكاتب والروائي عزيز يعقوب، ودار الحوار التالي:

*أستاذ عزيز مرحباً بك بداية، اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، بلمحة بسيطة منك؟

يتم الاحتفال باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف في الثالث والعشرين من شهر نيسان من كل عام، بعد قرار صدَر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة أو كما تعرف باسم اليونسكو في عام ١٩٩٥، ويتم الاحتفال به حتى هذا اليوم في أكثر من مئة دولة حول العالم، حيث تلتقي جميع المنظمات التطوعية، والشركات الخاصة، وكذلك المدارس من أجل تكريم العديد من المؤلفين، وتجدر الإشارة إلى أن العلاقة الأولى بين اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف مع الكتاب تعود إلى عام ١٩٢٣، الذي شهد تقدير بائعي الكتب وتكريمهم لجهود المؤلف ميغيل دي ثيربانتس، الذي تصادف ذكرى وفاته نفس اليوم، وعلاوة على ذلك فإن تاريخ اليوم العالمي للكتاب يصادف ذكرى وفاة مؤلفين آخرين، من بينهم وليم شكسبير.

*ما هو الهدف من تحديد يوم عالمي للكتاب؟

يهدف اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف إلى تعزيز القراءة بين الناس قدر الإمكان، إلى جانب ذلك فإن الهدف من هذا اليوم هو تسليط الضوء على مفهوم الملكية الفكرية وحق المؤلف في نسب مؤلفاته الخاصة إليه، ويقام في هذا اليوم العديد من الاحتفالات بمختلف دول العالم من أجل تكريم كل من الكتاب والمؤلفين، وكذلك تشجيع الناس على اكتشاف متعة القراءة، وقد ساعد هذا اليوم على زيادة فهم الناس لكافة قوانين حقوق النشر والتدابير الأُخرى من أجل حماية الحقوق الفكرية الخاصة بالنشر وإلزام كافة الناس بمختلف الدول بها.

*كيف يتم الاحتفال بهذا اليوم العالمي؟

يتم تعزيز القراءة والأهمية الثقافية للكتب من خلال مجموعة من الأنشطة والتي انا شاركت وسأشارك بها في اتحاد المثقفين، وكذلك المركز الثقافي على مستوى المنطقة، والتي تشمل الإعلان عن فائزين في المسابقات الأدبية، والتناوب على قراءة الكتب والمسرحيات، والعديد من الفعاليات التي تعزز من فهم القوانين التي تتعلق بحقوق المؤلفين وكذلك حماية الملكية الفكرية الخاصة بهم، وتنظم هذه الفعاليات في أماكن متفرقة من العالم أيضاً فهي تهدف أيضاً إلى تعزيز التعاون والصداقات بين المحافظات والمدن وكذلك الدول، وكذلك يتم إنشاء فعاليات في بعض السنوات تقوم على منح جائزة الأعمال الأدبية لفئة الأطفال والشباب في مجال خدمة التسامح، ويتضمن ذلك مؤلفاتهم من الكتب المصورة والقصص القصيرة التي تعزز التفاهم المتبادل والسلام والتسامح واحترام الثقافات بين مختلف الشعوب، وقد تقام هذه الفعاليات ضمن فئتان، واحدة تستهدف الأطفال حتى سن ١٢ سنة والأخرى تستهدف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ١٣ إلى ١٨ سنة، وهناك أيضاً ثلاث قطاعات أدبية رئيسية تمثلها المنظمات الدولية واليونسكو، وهي الناشرين، وبائعي الكتب، والمكتبات، وبمناسبة اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، فإن هاتين الجهتين تختاران مدينة لتكون العاصمة العالمية للكتاب لمدة عام كامل في سبيل الحفاظ على زخم الاحتفالات المعنية بذلك حتى نفس اليوم من العام المقبل، وذلك من خلال إقامة المبادرات الخاصة بها.

* بالحديث عن اليوم العالمي للكتاب، لا بد لنا من الإشارة إلى ظاهرة العزوف عن القراءة، والتي هي للأسف باتت كبيرة جداً، لماذا برأيك؟

إن القراءة وحب الكتاب هي من أعظم ما يبقى مع الفرد لأطول وقت ممكن، فهو بعد هذا كلما اعتراه نقص أو دعته حاجة لسد فجوة معرفية أو إيمانية أو سلوكية، فسيلجأ إلى القراءة والدراسة والمطالعة، والبحث في الكتب التي تستجيب لاهتماماته، وبالقراءة نعالج ونتجاوز كثيراً من صعوبات الحياة ومشكلاتها، وللأسف الغالبية العظمى هجرت القراءة لأسباب عدة ومنها، قلة الوعي لدى المجتمع بأهمية القراءة في بناء الإنسان، وأسباب شخصية كالجهل وغياب مفهوم التعليم الذاتي، فمجرد الانتهاء من الدراسة تتوقف عملية القراءة، وأسباب تربوية حيث تغيب ثقافة الكتاب عن بعض البيوت والمحاضن التربوية، وكذلك أسباب تعليمية مثل ضعف المناهج التعليمية واعتمادها على التلقين، وضعف المستوى التعليمي، وعجز المنظومة التربوية والتعليمية في غرس شغف القراءة وتجذيره في نفوس الأطفال، وأسباب أسرية تتمثل في عدم اهتمام الآباء بالقراءة وانعدام النموذج السلوكي في ذلك، وأيضاً عدم تنظيم الوقت وحسن إدارته، والانشغال اليومي بكثير من الأشياء الهامشية، وأسباب اجتماعية تتمثل في عدم احترام المعلمين والمثقفين والمفكرين، وأسباب سياسية تتمثل بتوجيه الفرد وإغراقه في انشغالات تحصيل العمل والخبز ولا يمكننا نسيان الأسباب الاقتصادية بسب غلاء أسعار الكتب، أو فقر الإنسان، أو قصور دخله عما هو أهم، أو ما يظنه أهم إضافة إلى استغراق بعض الأعمال جل اليوم.

*الكتاب الإلكتروني أو عبر صيغة pdf، جعلنا ننسى الكتب الورقية، ما رأيك بذلك؟

بالتأكيد مع التطور التكنولوجي باتت الكتب متاحة في متناول الجميع بشكل مجاني أو حتى بسعر بسيط، وكرأي شخصي لا ضير من القراءة من كتاب ورقي أو عبر وسائل التكنولوجيا مادام الانسان يسعى للثقافة وتطوير ذاته، فطالما الغاية هي سامية فالوسيلة هنا وبهذا الموضوع ليست مهمة، ولكنني أفضل الكتب الورقية لأنها تزيد الشعور بمتعة القراءة ولا تشتت الانتباه، وكذلك أفضل لصحة العيون واستيعاب الكثير من المعلومات من الكتب الورقية التي قد يعجز الكتاب الالكتروني من توصيل الحبكة والسرد بشكل أقل من نظيره الكتاب الورقي.

*ختاماً، كلمة أخيرة لك تحب أن تضيفها، المجال مفتوح لك..

إن قراءة الكتب من أهم العادات التي يجب على الناس المواظبة عليها، إذ إنها تمثل رياضة للدماغ، وتوسع مدارك الإنسان ووعيه، فالقراءة لها أيضاً تأثير إيجابي على الصحة الجسدية لأدمغتنا، كونه شكلاً معقداً من التمارين لدماغنا، فإنه يحسن وظائفه ويبقيه في أفضل حالاته لفترة أطول، وتزيد القراءة من اتصال الدماغ وتعزز نمو الخلايا العصبية بشكل أكثر صحة، فالإنسان يجب أن يقرأ ليس كتاباً أو إثنين فقط، وليس يوماً في الأسبوع أو شهراً في السنة فحسب، ولكن يجب أن تكون القراءة هي منهج حياته ولا يمر عليه يوم دون أن يقرأ، لأنني أؤمن تماماً أن القراءة مصدر من مصادر الطاقة الفكرية التي لا تنضب وأن من يتوقف عن القراءة في هذا الزمن يحكم على عقله بالتوقف عن النمو، فلقد غيرت القراءة الكثير من أفكاري وعاداتي وغيرت نظرتي إلى ذاتي ومجتمعي وإلى الآخر.