لكل السوريين

مستر ترامب game over

لم يكن يخطر ببال أحد أن يحدث ما حدث في الولايات المتحدة، فما جرى يشير بلا أدنى شك أن أعرق بلاد الديمقراطية والحريات في العالم تعاني من هشاشة في البنية السياسية للنظام الأمريكي على مستوى الممارسة، حيث بدأ أن ثقافة الديمقراطية غير متجذرة في المجتمع الأمريكي من خلال الصورة التي ظهر بها مستر ترامب الذي صدم العالم بعقليته وفكره الذي شابه عدم الوضوح وعدم الاستقرار من خلال تعامله بعقلية التاجر، ووفق مفهوم الربح والخسارة بعيدا” عن منظومة القيم والأخلاق السياسية.

وهذا الأمر تجلى في علاقاته مع كثير من الدول العلية التي ترتبط مع الولايات المتحدة بعلاقات تحالف وتعاون على كافة الصعد، حيث مارس الابتزاز المادي والسياسي بأبشع صوره وأشكاله من خلال صفقات كبيرة من الأسلحة والاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارات المختلفة التي زادت قيمتها عن عشرات المليارات من الدولارات في كل جانب منها، وهذا لم يكن بعيد أو طارئ على عقلية مستر ترامب هذه العقلية التي حيرت دهاقنة السياسة وعباقرة التحليل السياسي بعد أن عجزوا عن سبر أغوارها وفهم أو التنبؤ بأفكارها لأنه يعتبر من المعادلات مستحيلة الحل، إذ أنه من خلال استعراض فترة حكم مستر ترامب  للبيت الأبيض نجد إنه سلك أسلوبا جديدا في إدارة شؤون الحكم والسياسة لم يعهده أحد من قبل.

إذ كانت معظم وأخطر قراراته الاستراتيجية تصدر عبر صفحات التواصل الاجتماعي وخاصة تويتر، وهذا شيء لم يقم به أي من سبقوه إلى إدارة البيت الأبيض، إضافة إلى غلبة الشعور بالقوة والتفوق والتميز عليه لدرجة جعلته يستهين بخصومه السياسيين من الحزب الديمقراطي، وعدم أخذ الحيطة اللازمة لكي لا يقع في الأخطاء التي توالت خلال فترة ولايته جراء قراراته السياسية المتسرعة وغير المدروسة، والتي كانت بمثابة الهدايا المقدمة لخصومه الذين أحسنوا استخدامها وتوظيفها في صراعهم الانتخابي ضده ونجحوا في ذلك أيما نجاح.

فتراكم تلك الأخطاء وتفاقم انعكاساتها السلبية على المجتمع والسياسة الأمريكية الداخلية والخارجية قادت إلى تغيرات نوعية دفع ثمنها غاليا، لدرجة إنه وحتى هذه اللحظة وبعد مرور أكثر من شهر ونصف على انتهاء الانتخابات الأمريكية وصدور نتيجتها لازال يعاني من وقعها علي، فهو لم يستوعب بعد أنه تعرض لهزيمة تاريخية عندما سقط انتخابيا في عدد من الولايات، التي كانت حتى عهد قريب معاقل تاريخية للحزب الجمهوري.

واليوم وبعد مضي أكثر من أسبوع على وقوع جريمة اقتحام الكونغرس الأمريكي من قبل مجاميع من الرعاع وبتوجيه وتشجيع من مستر ترامب هذه الجريمة التي سيكون لها انعكاسات على المجتمع الأمريكي تعادل في تأثيرها السلبي أو تزيد عن تأثيرات هجمات الحادي عشر من سبتمبر الفان وواحد، التي لازال العالم يعاني من ارتداداتها، وقد تشهد الأيام المقبلة فصولا سياسية ساخنة من الملاحقات والمحاكم التي قد يتعرض لها مستر ترامب في سابقة من تاريخ البيت الأبيض، ولكن المؤكد أن مستر ترامب ارتكب  أخطاء استراتيجية قاتلة باستخدام هذا الأسلوب المستهجن في التعبير عن رفضه لنتيجة الانتخابات التي أجمع عليها غالبية الأمريكيين ومن الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بعد أن تجاهل قواعد لعبة الديمقراطية الأمريكية التي انتهت فصولها السياسية على لسان صناديق الاقتراع بعبارة لم يقبلها عقله، ويدرك أبعادها، وما يترتب عليها بعد أن عجز لسانه عن قراءتها وهي “مستر ترامبgame over “