لم تلمس محافظة السويداء تغييراً يذكر على صعيد الخدمات العامة بعد سقوط النظام السابق،
حيث تفاقمت أزمة مياه الشرب لتثقل كاهل الأهالي بأسعار صهاريج المياه التي تفوق دخلهم،
وصار التيار الكهربائي يأتي لمدة ساعة واحدة، مقابل انقطاعه لمدة خمس ساعات متواصلة.
ويعاني عمال شركة الكهرباء من الاعتداءات المتكررة على الشبكة الكهربائية مما يعيق عمليات إصلاحها، ويعرّض حياتهم للخطر، ويطالبون الجهات المسؤولة، وخاصة الفصائل التي ادّعت أنها شكلت غرف عمليات لمتابعة الشؤون الأمنية، بتحمل مسؤولياتها.
ورغم محاولات أهالي المحافظة تنظيم شؤون حياتهم اليومية والحفاظ على أمنهم، ومواجهة حالة الفوضى التي أعقبت سقوط النظام السابق، استمرت حالة فوضى السلاح وإطلاق النار العشوائي، وتصاعدت ظاهرة استيفاء الحقوق بيد أصحابها بالقوة، مما عزّز مناخ الفوضى وعرّض حياة الأبرياء للخطر.
وقام العشرات بوقفة احتجاجية في ساحة الكرامة بمدينة السويداء تحت شعار “ضبط السلاح”، وسط تصاعد استياء السكان من حالة انفلات السلاح على ساحة المحافظة، والمشاكل اليومية التي تزايدت في الآونة الأخيرة.
وعلى الصعيد السياسي والاجتماعي، لم يتوقف نشاط الأهالي منذ سقوط نظام الأسد، حيث تم تأسيس مجلس عشائري بهدف التنسيق مع مختلف شرائح وهيئات المجتمع السوري للمساهمة في بناء سوريا الحديثة.
كما عقد بالمحافظة مؤتمر شعبي بمشاركة واسعة من التيارات والقوى السياسية، في محاولة للتأكيد على مشاركة هذه القوى في صناعة القرار الوطني.
وأخيراً، عقدت بمدينة السويداء جلسة حوار وطني شامل لتعزيز العمل السياسي والدستوري.
حوار وطني شامل
تحت عنوان “سوريا بعد الأسد .. نحو مرحلة انتقالية فعّالة”، أقامت منصة “ديفاكتو” للحوار، ندوة حوارية في فندق العامر بمدينة السويداء بمشاركة واسعة من ممثلين عن أحزاب وقوى سياسية سورية، ومنظمات المجتمع المدني، وحقوقيين وناشطين وباحثين وصحفيين من مختلف المناطق السورية.
وتناولت الندوة سبل تعزيز العمل السياسي والدستوري، وآليات بناء الثقة بين مختلف الأطراف لضمان مشاركة عادلة وشاملة لجميع مكونات الشعب السوري في المرحلة الانتقالية الحالية.
وجرى خلال النقاش في الندوة التأكيد على أهمية الحوار التعددي لحماية الاستحقاقات الوطنية ورفض أي محاولات للإقصاء أو التهميش أو التقسيم، والإصرار على وحدة سوريا أرضاً وشعباً.
كما ركّز النقاش على أهمية مشاركة الشباب والنساء، ومساهماتهم في عمليات التعافي وفي تشكيل ملامح وصياغة الدستور الجديد.
وخرجت الندوة بمجموعة من التوصيات، من أبرزها مواصلة الحوار السياسي بين مختلف القوى السورية، وتسهيل العودة الآمنة للنازحين وتقديم المساعدات الإنسانية دون قيود، وتشكيل لجنة متابعة لدفع الحوار الوطني نحو تحقيق السلام والمشاركة السياسية العادلة لكل السوريين.
وناقشت الندوة جدول أعمالها خلال جلستين للحوار، شارك في الجلسة الأولى علي رحمون نائب رئيس مجلس سوريا الديمقراطية، وعضو هيئة التفاوض والناشطة النسوية أليس مفرج، والمستشار القانوني مزيد الكريدي، والمحامي طارق وطفة المتخصص في القضايا الدستورية.
في حين كانت الجلسة الثانية بمشاركة مسؤولة التواصل في مشاريع سبل العيش لميس منذر، والمدير التنفيذي لمركز هوز أنس الراوي، والناشطة في مجال حقوق الإنسان شلير سيدو.
استيفاء الحق بيد أصحابه
منذ سقوط النظام السابق، تراجعت حالات الخطف والقتل في محافظة السويداء لدرجة كبيرة،
وتصاعدت ظاهرة استيفاء الحقوق بيد أصحابها، حيث يلجأ بعض الأفراد أو المجموعات إلى استخدام القوة لفض النزاعات، أو تحصيل الحقوق نتيجة تراجع دور المنظومة القضائية في عهد النظام البائد، والانتشار العشوائي الواسع للسلاح، مما يفتح الباب أمام مخاطر تهديد السلم الأهلي وإضعاف هيبة القانون، ويعزز مناخ الفوضى، ويعرّض حياة الأبرياء للخطر، ويخلق بيئة خصبة للجريمة المنظمة والابتزاز، حيث تسيطر القوة على الوضع بدلاً من القانون
وفي آخر محاولة لاستيفاء الحق بيد أصحابه، احتجزت مجموعة محلية أحد الشباب أمام منزله في حي مساكن الخضر بمدينة السويداء.
وبعد ساعات على احتجازه بظروف غامضة، تم إطلاق سراحه وعاد إلى منزله وسط معلومات عن خلافات مالية وراء الحادثة، حيث ذكرت مصادر محلية أن حادثة احتجازه كانت مرتبطة بخلافات مالية سابقة.
وتؤشر هذه الظاهرة إلى الحاجة لتفعيل دور الشرطة لتكون الجهة الوحيدة المخولة بتطبيق القانون، إلى جانب المحاكم التي تضمن حصول كل فرد على حقه وفق إجراءات قانونية عادلة.