لكل السوريين

أليس من الضروري وجود الرسول في زماننا؟!

احمد الابراهيم

ألم يقل الشاعر أحمد شوقي في أجمل قصائده مديحا لكل من يعلم حرفا؟

قم للمعلم وفه التبجيلا              كاد المعلم أن يكون رسولا

أعلمت أشرف أو أجَّل من الذي    يبني وينشئ أنفساً وعقولا

والسؤال هنا، لماذا لم يعد للمعلمين مكانتهم التي كانت؟ ولماذا لا يربي الأهل الأبناء على احترام من يقدم لهم النور ويعطي لأعمارهم أعمار جديدة بدراسة تاريخٍ وفهم فلسفة؟، أم أن صاحب هذه الأمانة قد أضاع أمانته بسيره خلف الدنيا وتلبية احتياجاته النفسية؟، وأنساه تعب الحياة وضغط الحروب الدائرة مسؤوليته بتنشئة الأجيال التي تضمن مستقبل الأمم في الحضارة الإنسانية، ولربما صدق الشوقي عندما ردد قائلا ينتقد توجه المعلمين:

من مشرق الأرض الشموس تظاهرت    ما بالُ مغربها عليه أُديلا

يا أرض مذ فقد المعلم نفسه         بين الشموس وبين شرقك حيلا

ذهب الذين حموا حقيقة علمهم         واستعذبوا فيها العذاب وبيلا

الجهل لا تحيا عليه جماعة           كيف الحياة على يدي عِزريلا

ولربما كان الشوقي ينتقد مرحلة تدنى فيها العلم وتراجعت الأخلاق المهنية للمعلم، والصدمة لو يظهر الشوقي في زماننا الذي نعيش ويشاهد في أم عينيه بأن أطفالنا يتعلمون في مراكز التربية والتعليم، المدارس كيف تكون الشتائم وكيف يستطيع سرقة ما ليس له؟

والصدمة في حال شاهد في مدارسنا أطفال يدمنون الحبوب ويحملون السلاح الأبيض، وله سيقع أرضا إذا سمع بحجة أغلب المعلمين بأن الضرب ممنوعا، والأهل لا يربون، والسؤال هنا، أليست من مسؤوليتك عزيزي المدرس التوجيه الأخلاقي وترميم الأخلاق المجتمعية؟، بحيث نستطيع تكوين أجيال قادرة على البناء والاستمرار؟، وأليس من مهامك استخدام الأساليب البعيدة عن التعنيف والتنمر والتسلط على التلاميذ عبر التحبيب والترغيب؟

ولكن إني لأعلم حقيقةً طالما المعلم لا يشعر بالمسؤولية تجاه الطلبة، كما يشعر الوالد أو أشد من الوالد بالتطوير التعليمي والأخلاقي تحت سقف الوطن والمواطنة، لن يستطيع أن يبدع أو حتى أن يعلم.

ولعله من المضحك أن تجد في مدارسنا من لا يجيد الكتاب، وآخر كان قاطع سبيل وآخر وآخر، وللأسف لمعلمينا الكثير من القصص التي تؤهلهم ليخضعوا لعلاج نفسي وترشيد أخلاقي لإعادة دمجهم في المجتمع، وأعتذر للتعميم؛ فالتعميم حالة ليست موجودة، ولكن كلنا نتساءل أين لجنة التربية والتعليم من هذا؟!، وأين دورها وأين الادارات المدنية الديمقراطية من هذه الفوضى أو من التخريب لمستقبلنا؟، ولماذا كل هذا العجز في إيجاد الحلول؟

ألم يحين الوقت لكي نستفيق من واقعنا المخزي؟، ألم يحن الوقت لطرد المخربين خارج العملية التربوية؟، وأنا أكتب وكلي أملٌ أن تصل رسالتي للمعنين في اللجان التربوية، ونطالبهم بأن يسمحوا بالضرب والصلب للمعلمين الذين لا يملكون الأخلاق التربوية والتعليمية، ونناشدهم بتأمين مستلزمات أطفالنا من الكتاب الصفي إلى الاحتياج اللوجستي اللازم للمدارس.

ونرجو منهم أن تكون حملات النظافة العامة والاهتمام البيئي جانبا تربويا يوميا، فهذه المدارس سوف تحدد وجهتنا المستقبلية، ولابد أن نولي اهتماما وننتقد بشدة ونتابع الكبيرة والصغيرة، فالأمر بهذه الأهمية وأكثر.

ولابد من توجيه الأهل قبل التلميذ، فكلنا معني بالبناء ولا أحد منا يستطيع أن ينكر مسؤوليته، فالمستقبل ليس حكرا لأحد وإنما هو للجميع.