لكل السوريين

في محافظة درعا.. ترتفع أصوات المناشير والغطاء الأخضر مهدد بالانقراض

السوري/ درعا ـ مع اقتراب فصل الشتاء من كل عام، تتزايد ظاهرة التحطيب الجائر التي باتت تهدد بانقراض الغطاء الأخضر في محافظة درعا.

وفي هذا العام بدأت حملات التحطيب تغزو المناطق الحراجية فيها، وخاصة في غابة بلدة تسيل بالريف الغربي من المحافظة، وقرب مدينة نوى، وقرية الجبيلية، بما يهدد بفقدان ثروتها الحراجية مرة أخرى، في ظل غلاء أسعار جميع مواد التدفئة، وغياب أي حماية تذكر للغابة في ظل تراخي دور الجهود الحكومية، والجهات المحلية الفاعلة في المنطقة.

والتحطيب الجائر في هذه المناطق ليس جديداً، فمنذ أن كانت تحت سيطرة الفصائل المسلحة، تم القضاء على الأشجار الحراجية والمثمرة فيها.

ثم تم تشكيل لجان محلية لحمايها، وحملات لإعادة تشجيرها، فعاودت الأشجار النمو من جديد، ليعود تجار الحطب بالقضاء على هذه الأشجار بحماية مسلحين محليين من المنطقة.

أسعار خيالية

شهدت أسعار الحطب في محافظة درعا ارتفاعاً غير معهود في ظل الطلب المتزايد عليه بسبب تقلص خيارات التدفئة الأخرى كالمازوت والكهرباء، ما جعله بديلاً بحكم الضرورة رغم سعره المرتفع.

وتختلف أسعار الحطب في سوق درعا باختلاف نوعيته ومدى جفافه، فكلما كان الحطب جافاً ومقطعاً وقابلاً للاحتراق السريع كلما ارتفعت أسعاره.

ويعد حطب الزيتون الأكثر رواجاً وطلباً في هذه السوق، وهو ما جعل أشجار الزيتون الهدف الأول لعمليات التحطيب الجائر منذ السنوات الماضية وحتى الآن.

وتراوح سعر الطن من حطب أشجار الزيتون بين 215 و225 ألف ليرة، بين منطقة وأخرى، ووصل في بعضها إلى 240 ألف ليرة.

فيما وصل سعر الطن من الأشجار الحراجية المقطوعة من الأحراش في الغابة هذا العام إلى 200 ألف ليرة.

بدايات مبررة.. ونتائج كارثية

في البداية.. عدم توافر مادة المازوت والغاز بالسعر النظامي، وارتفاع أسعارها الهائل في بالسوق السوداء، والانقطاع الطويل للتيار الكهربائي، دفع الناس للبحث عن حلول بديلة لمواجهة البرد في المحافظة الجنوبية، وبدأ بعض السكان بجمع الأغصان من البساتين بعد عمليات تقليم الأشجار لاستخدامها في التدفئة.

ومع تزايد نقص وسائل التدفئة تزايد الطلب على الأخشاب، وسرعان ما بدأت ظاهرة التحطيب الجائر، وتحولت إلى سوق مزدهرة، ونشأت عصابات تقوم بقطع الأشجار بمناشير آلية، وبيعها بأسعار مرتفعة، ثم بدأت ظاهرة تجار الحطب الذين صاروا من عداد الأثرياء بزمن قياسي، وشكلوا مجموعات مسلحة لتهديد من يحاول منعهم بقوة السلاح.

كما أصبحت المناشير ومدافئ الحطب من البضائع التي توفرها محلات بيع المعدات الزراعية والصناعية.

يذكر أنه حسب تقديرات مديرية زراعة درعا فقد خرج أكثر من 1.5 مليون شجرة زيتون من دائرة الإنتاج خلال السنوات الماضية وحتى بداية هذا العام، بسبب موجة التحطيب الجائر التي سادت، وما تزال مستمرة.

تقرير/ محمد الصالح