لكل السوريين

إعلان السورية للتجارة حول الشاي الإيراني “المضروب” يثير غضبا عارما على منصات التواصل

“تعلن مؤسسة السورية للتجارة عن بيع/2000/طن من مادة الشاي الإيراني المنتهي الصلاحية للأغراض الزراعية والصناعية حصراً/غير الغذائية/”.

كان هذا الإعلان كفيلا بإثارة جدلا واسعاً، حيث انهالت الكثير من التعليقات والانتقادات حول الأداء الحكومي، لاسيما وأن هذا الإعلان جاء من مؤسسة “وطنية وملكيتها عامة”!.

وأن الكمية المعلنة ليست بالبسيطة من حيث تكلفتها وحاجتها لدى المواطنين الذين ينتظرون أحيانا دورهم لأيام لتغطية متطلباته اليومية.

فساد مُتلبس

قال أحمد نجم مدير «المؤسسة السورية للتجارة» التي طرحت مزايدة الشاي الإيراني صرح لموقع «روسيا اليوم»، إن كمية الشاي ويبلغ وزنها ألفي طن «وصلت إلى سوريا منذ 2012 على «الخط الائتماني الإيراني»، وقد دخلت بعدم الصلاحية منذ 2015».

ونفى نجم أن يكون سبب عدم تصريفها في الأسواق مخالفتها للمواصفات لحظة استيرادها، مؤكدا أنها «مرغوبة كثيرا في بلد المنشأ»، لكن في سوريا «لم تكن مرغوبة» ولم تحظ بإقبال، وعند عرضها «لم يقبلها أحد» لأنها «لا تعطي لون الشاي ولا تنحل في الماء».

نجم لم ينف تهمة الفساد في صفقة الشاي، بل أكد وجود «عشرات التحقيقات والبعثات التفتيشية في الموضوع».

وقال إن مؤسسته أمام خيارين: إما الإبقاء على تلك الكميات في المستودعات، «وهي تحجز حيزا كبيرا فيها»، أو بيعها لاستخدامات أخرى غير الاستهلاك البشري، فهي منذ سنوات هناك «والشاي رح تصير تراب» وفق تعبيره.

وكانت صحيفة «الأيام» المحلية قد نشرت تحقيقا عام 2018 حول صفقات فساد كبيرة نُفذت من قبل مسؤولين حكوميين كبار، عن طريق «الخط الائتماني» الذي منحته إيران في السنوات الست الأولى من الحرب لمساندة النظام اقتصادياً، بالتزامن مع دعمه عسكرياً وسياساً.

وذكرت الصحيفة التي توقفت عن الصدور لاحقا، أن «بعض ضعاف النفوس السوريين تسللوا عبر بنود اتفاقية الخط الائتماني، ليحققوا مكاسب شخصية، الأمر الذي حول تلك الاتفاقية إلى مسرح للفساد للكثير من السلع المستوردة كالشاي والحديد والسكر والأرز وغيره».

ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع “آنذاك” في وزارة الصناعة أن الكثير من المواد التي دخلت إلى سورية عبر خط الائتمان، كانت غير مطابقة للمواصفات والمقاييس الدولية المعتمدة لدى سورية، حيث تمت صفقات عديدة بعلم اللجنة الاقتصادية، منها صفقة واحد طن من الشاي والتي اعترض على إدخالها العديد من المعنيين لعدم مطابقتها للمواصفات، إلا أن أحد أعضاء اللجنة الاقتصادية وهو وزير مالية سابق قد فرض إتمامها، وشبه ذلك المسؤول تلك الصفقة بقوله: “عندما يقدم لك جارك طبق من البرغل عليك قبوله حتى ولو كان خامم”. ومن ثم قام ذلك المسؤول بفرض بيع الشاي إلى وزارة الدفاع.

تحذيرات سابقة

وأضافت “الأيام” نقلاً عن مصدرها “أن الحكومة السورية كانت تجد صعوبة في شراء السلع الغذائية بسبب العقوبات المفروضة عليها، مما جعلها تتبع أسلوبا جديدا في مناقصات شراء السكر والأرز والطحين، عن طريق استخدام بنك تنمية الصادرات الإيراني لدفع الثمن، ونتيجة لذلك فقد تم عقد مناقصات من قبل المؤسسة العامة للتجارة الخارجية في سورية، لشراء 150 ألف طن من السكر، و50 ألف طن من الأرز، و25 ألف طن من الدقيق وسلع غذائية أخرى، باستخدام خط ائتمان من إيران وتم استيرادها ولكنها لم تكن مطابقة للمواصفات أيضاً”.

وقالت صحيفة “الأيام” السورية “إن اتفاقية الخط الائتماني الإيراني بين سورية وإيران لم تنجُ من الفساد الذي تغلغل في نفوس الكثير من الذين يجلسون على الكراسي، ولهم يد في إدارة تلك الاتفاقية”.

وبحسب الصحيفة “أن الأمر امتد ليشمل المواد الداخلة في البناء فكانت صفقة الحديد المنفذة على اتفاقية الخط الائتماني أيضاً، والتي تم إيقافها في ميناء طرطوس بداية الأمر لعدم قدرتها على تحمل الزلازل، أي أنها كانت مخالفة للمواصفات أيضاً”.

مخاوف وتساؤلات

هذا الموضوع أثار الكثير من الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي فهناك من عبّر عن غضبه وتخوفه من مصير هذه الكمية الكبيرة من الشاي بأن يعاد تغليفها وبيعها للمواطنين بطرق غير شرعية.

إلا أن نجم نفى ذلك بشكل قطعي :(RT) “إن المؤسسة لو كانت تريد ذلك لما انتظرت كل تلك السنين”، وأكد أنه “لن تصل ذرة من ذلك الشاي إلى السوق على الإطلاق” وأن “هناك لجنة مشكلة تتابع الموضوع وكل الجهات المسؤولة تتابع” بحسب زعمه.

وتساءل أخرون ما إذا تم استيراد هذه الكمية وهي منتهية الصلاحية أم أن هناك إهمال حكومي حيث تم رمي كل هذه الكمية في المستودعات والمواطن السوري يعاني ويقف يوميا في طوابير من الناس لينال حاجته اليومية من الشاي.

وحول قيمتها الحقيقية في ظل معاناة المواطن من تضخم الأسعار بشكل جنوني ولِم لم توزع على المواطنين وكم كلفت الدولة؟.

وتهكّم أخرون على طريقة الإعلان حيق علقوا ” ماهي الاستخدامات الصناعية التي يدخل فيها الشاي هل يدخل بمكونات الحديد مثلا أم في مواد البناء؟. وهل يمكن استخدامه كسماد وهو منتهي الصلاحية أصلاً أم أنه سيخلط مع العلف؟.

وأعرب الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن امتعاضه من الثقة المفرطة لدى مؤسسة “السورية للتجارة” على من تقع عليه المناقصة وما إذا كان قد يستخدمها حسب البنود الموضحة في الإعلان أم أنه سيعيد تعبئتها وطرحها في السوق بأسعار تضاهي الشاي السليم أو سيخلطها مع كميات من الشاي وبالتالي تصريفها بشكل ملائم بالنسبة للتاجر.

يذكر أن كميات كبيرة من الشاي الإيراني الفاسد دخل الأسواق العراقية في عام 2007وأثيرت قضية آنذاك كشفت تورّط شخصيات سياسية كبيرة في صفقات تجارية مشبوهة مع إيران وارتهان القضاء العراقي وتهاونه لحساب تلك الشخصيات. وخرجت في ذلك الوقت مظاهرات في عدة مدن عراقية كانت قد تضررت من صفقة الشاي الفاسد.

تقرير/ أحمد العلي