حاوره/ مجد محمد
مع قرب انتهاء فصل الصيف، واقتراب فصل الخريف، يشعر البعض بنوع من الاضطرابات العاطفية، والقلق، والتقلبات المزاجية، ويعود ذلك لقصر ساعات النهار، وطول الليالي، والطقس الذي يزداد برودة، وتعرف هذه الحالة بالاكتئاب الخريفي، وهو نوع من الاكتئاب يأتي ويختفي بنمط موسمي، ويحدث كل عام في الوقت ذاته.
وفي هذه الأيام، بدأ بعض الأشخاص يشعرون بالحنين، شاردي الذهن، وحتى الشعور بالاشتياق إلى شخص أو شيء، أو إلى اللا أحد أساساً، بشكل عام بدأت النفس البشرية بالتخبط، معلنة قرب التغيير الموسمي وحلول الخريف، وعن هذا الموضوع، وفي هذا الصدد عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الأستاذ وائل الحسن الباحث والمجاز في الإرشاد النفسي، ودار الحوار التالي:
*أستاذ وائل مرحباً بك بداية، الاكتئاب الخريفي من وجهة نظرك بكلمات بسيطة، ما هو؟
يحدث اكتئاب الخريف الذي ينتمي لنوع من الاضطرابات يسمى الاضطراب العاطفي الموسمي نتيجة تغير الفصول، وعادة ما تبدأ أعراضه بالظهور في الخريف أو الشتاء، وتنتهي في الربيع أو أوائل الصيف، بالإضافة لذلك هناك نوع نادر من الاضطراب العاطفي الموسمي يعرف باسم اكتئاب الصيف، والذي يبدأ في أواخر الربيع أو أوائل الصيف، وينتهي في الخريف، ولكن أشهرها وأكثرها حساسية لدى الأنسان هو الاكتئاب الخريفي، فيؤثر الاضطراب العاطفي الموسمي بأنواعه كافة بما في ذلك اكتئاب الخريف في الحياة اليومية، ويشمل ذلك المشاعر، والتفكير، والقدرة على ممارسة الأنشطة اليومية كالمعتاد.
*وما هي أسبابه؟
لا يزال السبب الدقيق لحدوث اكتئاب الخريف غير واضح تماماً، ومع ذلك فإنه يرتبط بانخفاض التعرض لأشعة الشمس خلال أيام الخريف، والذي يؤثر سلباً في مهام جزء من الدماغ يسمى منطقة ما تحت المهاد، وهذا بدوره يؤثر وينتج عدة اضطرابات مثل تغير الساعة البيولوجية، فيستخدم الجسم ضوء الشمس لضبط أداء العديد من الوظائف الأساسية، لذا عند انخفاض مستويات الضوء خلال فصل الخريف، يتغير إيقاع الساعة البيولوجية التي تنظم المزاج، والنوم، والهرمونات، ما يفسر ظهور أعراض اكتئاب الخريف، وانخفاض إنتاج السيروتونين.
فيساعد ضوء الشمس على تنظيم مستويات السيروتونين وهو مادة كيميائية مرتبطة بمسارات الدماغ التي تنظم الحالة المزاجية، لذا فإن انخفاض أشعة الشمس في فصل الخريف يمكن أن يقلل مستوياته، ما يؤدي لتغيرات في المزاج وظهور أعراض الاكتئاب، وزيادة إنتاج الميلاتونين.
فيتحكم الميلاتونين في الشعور بالنعاس، وبالتالي فإن عدم التعرض لضوء الشمس بما فيه الكفاية يمكن أن يؤدي لزيادة إنتاجه لدى بعض الأشخاص بشكل أكثر من المعتاد، مما يسبب الشعور بالخمول والنعاس، وكذلك نقص فيتامين دال، فأن فيتامين دال يلعب دوراً في التحكم بمستويات السيروتونين في الجسم، كما أن انخفاض التعرض لضوء الشمس يمكن أن يؤدي لنقص فيتامين دال ما يسبب ظهور أعراض اكتئاب الخريف، وأيضاً التفكير السلبي فغالباً ما يعاني الأشخاص المصابون باكتئاب الخريف من التوتر، والقلق، والأفكار السلبية المرتبطة بفصل الخريف وقرب فصل الشتاء، ومع ذلك لا يزال الباحثون غير متأكدين مما إذا كانت هذه الأفكار السلبية هي سبب او نتيجة لاكتئاب الخريف.
*ما الفئات الأكثر عرضة للإصابة باكتئاب الخريف؟
يشيع اكتئاب الخريف كثيراً بين البالغين، علماً أنه يؤثر في النساء أكثر منه في الرجال، وقد يكون الخطر أكبر لدى بعض الفئات مثل وجود تاريخ شخصي للإصابة ببعض الحالات النفسية بما في ذلك الاكتئاب، واضطراب ثنائي القطب، ووجود تاريخ عائلي للإصابة بالاضطراب العاطفي الموسمي، أو غيره من أنواع الاكتئاب، والإقامة في مناطق بعيدة عن خط الاستواء بما في ذلك تلك الواقعة أقصى الشمال، إذ تحصل هذه المناطق على كمية أقل من ضوء الشمس في الخريف والشتاء.
*ما هي أعراض الاكتئاب الخريفي؟
أعراض كثيرة تشمل القلق، والحزن، والشعور بالتعب الشديد وانخفاض الطاقة، وعدم القدرة على التركيز، والرغبة الشديدة في تناول الكربوهيدرات وزيادة الوزن، ومشاعر اليأس أو انعدام القيمة، والرغبة الشديدة بالوحدة والعزلة، وانخفاض الدافع الجنسي، وفقدان الاهتمام بالأنشطة المعتادة، بما في ذلك الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية، وكثرة النوم، وصعوبة في الاستيقاظ، وأفكار في الموت أو الانتحار، وبالإضافة للأعراض السابقة، يميل الأشخاص المصابون باكتئاب الخريف للإصابة بالحالات الصحية مثل اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، واضطراب الأكل، واضطراب القلق، واضطراب الهلع.
*كيف يتم تشخيص اكتئاب الخريف؟
لتشخيص اكتئاب الخريف يجري الطبيب أو المعالج فحص بدني للشخص، ويتعرف خلاله على الأعراض، والأفكار، والمشاعر التي يمر بها، وفي بعض الأحيان قد يوصي بإجراء فحوصات مخبرية لاستبعاد الحالات الصحية الأخرى التي تسبب أعراضاً مشابهة لاكتئاب الخريف، بينما قد تتطلب بعض الحالات استشارة أخصائي الصحة النفسية لتأكيد التشخيص.
*ما خيارات علاج اكتئاب الخريف؟
هناك خيارات متعددة يمكن الاستعانة بها لعلاج اكتئاب الخريف وغيره من أنواع الاضطراب العاطفي الموسمي، ومنها العلاج الضوئي فيستخدم العلاج الضوئي لعلاج اكتئاب الخريف عن طريق تعريض المصاب لصندوق ضوء خاص، يحتوي على مرشحات لحجب الأشعة فوق البنفسجية الضارة، ويتميز الضوء بأنه ساطع جداً، وعادة ما يخضع المصاب لجلسة العلاج يومياً خلال ساعات الصباح لمدة تتراوح بين ٣٠ – ٦٠ دقيقة، والعلاج السلوكي المعرفي أو العلاج بالكلام فيعتمد على تغيير الطريقة التي يفكر أو يتصرف بها المصابين باكتئاب الخريف، وتعليمهم أساليب أخرى إيجابية يمكن أن تساعدهم على الشعور بالتحسن، وكذلك العلاج الدوائي فتشمل العلاجات الدوائية الشائعة لعلاج اكتئاب الخريف مضادات الاكتئاب، فقد ينصح الطبيب حصراً ببعض مضادات الاكتئاب لعلاج اكتئاب الخريف خاصة إذا كانت الحالة شديدة، وغالباً ما تستخدم مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية لهذا الغرض، ومكملات فيتامين دال فقد تساعد مكملات فيتامين دال على تحسين أعراض اكتئاب الخريف في حال كان نقص مستويات فيتامين دال هو سبب الإصابة به، وأيضاً إجراء تعديلات في نمط الحياة، فيمكن أن يساعد إجراء تعديلات في نمط الحياة، بما في ذلك تناول الأطعمة الصحية، والحصول على قسط كاف من النوم، وممارسة التمارين الرياضية، والذهاب في نزهة، والسيطرة على التوتر على التعامل مع أعراض اكتئاب الخريف وتخفيفها.
*ما هي النصائح التي تقدمها عن تغيير الفصول، والخريف خصوصاً؟
عندما تتغير الفصول وتتقلب درجات الحرارة قد يصاب البعض بالمرض، إذ تكثر الإصابة بالالتهابات الفيروسية مثل الرشح والانفلونزا في بعض المواسم، أو قد يصاب البعض بالحساسية في مواسم أخرى بسبب حبوب اللقاح التي تنتجها بعض النباتات، ففي فصل الخريف يبدأ الطقس بالتغير، وهي فرصة مناسبة لتغيير الروتين والالتزام ببعض العادات الصحية في هذا الوقت من السنة، ويمكن إمضاء فصل الخريف بصحة جيدة باتباع بعض الخطوات البسيطة، مثل إضافة البقوليات إلى النظام الغذائي، إذ أن البقوليات مثل الفاصوليا بأنواعها غنية بالبروتينات والألياف حمض الفوليك، والتواصل مع الأصدقاء لتقليل التوتر، والحفاظ على صحة الأسنان، وذلك بتقليل مضغ البوظة وبذرة البوشار، لأن مضغ هذه الأطعمة يؤثر سلباً في الأسنان، والالتزام بممارسة التمارين الرياضية للحفاظ على الصحة واللياقة، وفحص صحة العينين والبصر، وفحص صحة القلب، بإجراء فحوصات لمستويات الكوليسترول بما فيها فحص مستوى الكوليسترول غير مرتفع الكثافة، والسكر في الدم، وضغط الدم.