تقرير/ أ ـ ن
يواجه قطاع التبغ اليوم أزمة حقيقية، وإذا توقف القطاع، سينعكس الأمر سلبا على جميع أهالي قرى ريف طرطوس، لأن الجزء الأكبر من سكان تلك القرى هم مزارعو تبغ، علما أن زراعة التبغ تعتبر مصدر رزق للعديد من الأسر في جرود الشيخ بدر والدريكيش وصافيتا والقدموس وبانياس، إلا أن زراعتها تتركز في المناطق الجبلية الأكثر فقرا في جرود القدموس والشيخ بدر وبانياس، حيث إن ٧٠% من سكان المناطق الجبلية يعيشون على المحصول، ولاسيما أن زراعة التبغ مجدية وتحقق مردودا ماديا جيدا وتشجع على التشبث بالأرض والاهتمام بها، ورغم كل الاجحاف بسبب الأسعار، يحافظ المزارعون على شتلة التبغ لأن لا بديل لهم عنها، عقبات عديدة تقف في وجه مزارعي التبغ في محافظة طرطوس، لعل أبرزها الأسعار المجحفة، والتي لا تتناسب مع التكلفة الحقيقية لإنتاج كيلو التبغ، إضافة إلى صعوبة تأمين مياه الري وعدم توفر السماد الآزوتي، مع غياب الأدوية الفعالة.
يذكر أن المساحات المزروعة بالتبغ على مستوى المحافظة تصل إلى ٣٤٠٠ هكتار، وأن الأسعار التي وافقت عليها رئاسة مجلس الوزراء غير عادلة، حيث سعرت سعر الصنف الأول بـ ٣٢ ألف ليرة، في حين أن سعره بالسوق بين ١٠٠ إلى ١٥٠ ألفا، مما يوجب إنصاف الفلاحين بأن يكون سعر الصنف الأول بين ٥٠ و٦٠ ألفا، إضافة إلى دعم المزارعين بمستلزمات الإنتاج، وأن يكون سعر الاستلام مجزيا حتى يحقق المزارع ريعية ويبقى متمسكا بأرضه.
أن تكلفة إنتاج كيلو شك البنت تصل إلى 60 ألف ليرة، ويبيعه المزارع بالسوق الخاص بسعر 250 ألف، إضافة إلى رية بعد الزراعة ورية داعمة، ومع غياب مصادر الري يقوم المزارع بتأمين المياه من خلال شراء مقطورة عشرين برميلاً بسعر ٤٠٠ ألف، ولاسيما أن الدونم يحتاج إلى ٣ – ٤ مقطورات مياه، ما يرتب أعباء مادية كبيرة على المزارع، كما أن الشتول تحتاج إلى العديد من الرشات لمكافحة البياض الزغبي والصدأ وأمراض أخرى، ويبلغ متوسط إنتاج الدونم بين ٧٥ و١٢٥ كغ، ويتم تسليم المادة للدولة اعتبارا من منتصف الشهر التاسع.
ويجدر الإشارة إلى أن هناك طلباً على صنف شك البنت، إذ وصل سعر مبيع الكيلو منه إلى ما يزيد عن250 ألف ليرة، وبالنظر إلى السعر الرائج وسعر الحكومة يقوم المزارعون بالحفاظ على الحد الأدنى بعلاقتهم مع المؤسسة بتسليم جزء من الإنتاج وبيع الكميات المتبقية بالسعر الرائج، حيث أن الكلفة الكبيرة والوقت الطويل لإنتاج صنف شك البنت يحتاج إلى تحفيز الفلاحين ودعم المادة كونها تؤمن دخلا جيدا للاقتصاد، إذ أن كل دونم من التبغ يحتاج إلى كيس سماد نوع يوريا بسعر 700 الى 900 ألف ليرة، يضاف إلى أن المؤسسة لا تسمح بتزويد السماد الآزوتي لصنف شك البنت، حيث حرمت كل مزارعي هذا الصنف في كل المناطق من سماد الآزوت، كما يحتاج الدونم إلى كيس سوبر فوسفات ترابي بسعر 350 الى 400 ألف ليرة يتم تسليمها عن طريق المصرف الزراعي، ونصف كغ مادة فطرية بسعر 75 ألف ليرة، ونصف ليتر مانع تبرعم بسعر 200 ألف ليرة، ويحتاج الدونم أيضا بين ٥٠- ١٠٠ كيس سماد طبيعي، سعر الكيس منه 30 الى 40 ألفا، إضافة إلى الأدوية والخيوط وأجور النقل وأسعار المناشير.
يذكر انه تم إصدار المرسوم الذي يسمح للقطاع الخاص بالاستثمار في زراعة التبغ وهذا ما ادخل الامل عند المزارعين أن يكون له مردود إيجابي، بما يساهم في تأمين دخل يحقق استقرار السكان في المنطقة، وانطلاقاً من كون زراعة التبغ تشكل مصدر دخل للعديد من الأسر في قطاع منطقة القدموس، إذ إن أكثر من ١١ ألف عائلة تعمل بهذه الزراعة، فهي زراعة رئيسية واجتماعية في المنطقة نظرا لتشاركية الأسرة في الإنتاج، مما يفترض على الدولة القيام بتأمين الأسمدة والأدوية الموثوقة، وتأمين مصادر مياه السقي والتوسع في إحداث السدات المائية واستثمار الهاطل المطري الذي يتجاوز ١٥٠٠ مم سنويا وعدم ضياعه في الأودية والسواقي والبحر.