لكل السوريين

زواج القاصرين في محافظة درعا.. أسباب انتشاره ومخاطره

يطلق مصطلح الزواج المبكر عادة على الإناث وقلما يطلق على الذكور، واعتاد المجتمع على هذه الصورة النمطية في الزواج المبكر باعتباره يخص الإناث فقط، وغفل عن ظاهرة زواج الذكور القاصرين رغم أنها لا تقل خطورة عن زواج الفتيات المبكر، وتسببت هذه النمطية وإهمال هذه الظاهرة بعدم وجود إحصائيات عن عدد الذكور القاصرين المتزوجين في محافظة درعا، وغيرها من المناطق السورية.

ويترتب على هذا الزواج نتائج سلبية شخصية تؤثر على الصحة النفسية والجسدية للقاصر، وتحدّ من قدرته على الاهتمام بالأطفال ورعايتهم، كما تترتب نتائج أخرى على المجتمع، حيث تزداد حالات الطلاق بسبب عدم الوعي الكافي للحياة الزوجية، وعدم تفهم الطرف الأخر، والتسرب من التعليم، مما يعني حرمان اليافع من حق مهم من حقوقه الأساسية.

كما يؤدي زواج القاصرين إلى زيادة المعدل السكاني من خلال زيادة الولادات في سكن مبكرة، ويؤدي بالتالي إلى زيادة أعداد المستهلكين عن أعداد المنتجين، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر سلباً على المجتمع.

أسباب انتشار الظاهرة

كان زواج القاصرين الذكور موجوداً في المجتمع الحوراني، ولكنه تزايد وتوسع خلال الحرب بسبب إهمال منظمات المجتمع المدني وتقصير المؤسسات التربوية ووسائل الإعلام عن القيام بدورها التوعوي، حيث تقوم بالتركيز فقط على زواج القاصرات من الإناث دون الذكور.

وفرضت الحرب تغييرات جذريّة في المجتمع من ناحية العادات والتقاليد والفقر والنزوح، إضافة إلى الوضع الاقتصادي وغيره من الأسباب التي ساهمت في ازدياد انتشار زواج القاصرين الذكور.

وأصبحت العديد من العائلات تسرع في تزويج بناتها نتيجة الفقر، وحتى لو كان هذا الزواج من شاب لم يبلغ بعد سن الزواج المتعارف عليه.

ولعل قول سيدات من درعا يغني عن التوسع في ذكر أسباب انتشار هذا الزواج، حيث قالت سيدة من ريف درعا الغربي “في هذه الأيام هناك عوائل تريد فقط السترة لبناتها، ولا تطلب الكثير”، وقالت سيدة أخرى “زواج الصغار لا عيب ولا حرام، زوجت ابني لكن لم يتفقوا لأنها كانت صغيرة، وبعد طلاقه قمت بتزويجه مرة ثانية، وسيبقى يتزوج حتى يتفقوا، البنات كثار”.

حلول مقترحة

يطرح المرشدون الاجتماعيون عدة حلول لهذه الظاهرة كزيادة التثقيف والوعي لدى أفراد المجتمع حول مخاطرها ونتائجها على الفرد والمجتمع، ويؤكدون أنه يجب على المؤسسات الحكومية سنّ قوانين صارمة وتنفيذها للحد من هذا النوع من الزواج أو القضاء عليه.

كما يؤكدون على أهمية التعليم، الذي يضمن للأطفال حقوقهم ومستقبلهم ويحقق طموحهم.

وفي حال عدم القيام بذلك سيبقى زواج القاصرين والقاصرات في درعا وسوريا عامة، واحداً من مئات المشكلات التي يعاني منها المجتمع، وتسهم في تعميقها وزيادة انتشارها عادات وتقاليد اجتماعية موروثة ومستحدثة بعد الحرب، في ظل غياب التوعية وعدم وجود القوانين. لمواجهتها، وغياب دور المنظمات غير الحكومية عن العمل في هذا الاتجاه وإهماله في كثير من الأحيان.