لكل السوريين

ثورة النهب والتصفيق!

عبد الكريم البليخ 

هل حقاً أنَّ الثورة في سورية كانت ثورة على النهب والتصفيق، بدل من أن تكون ثورة على النظام الفاسد، وجرائمه التي لم يخلص منها أحد؟!

الثورة في سورية، وإن قامت، على تغيير النظام الحاكم الذي تشبّث في السلطة على نحو خمسين عاماً، إلا أنها جاءت أيضاً صحوة للكثيرين ممن تسيّدوا السلطة واستحكموا في المناصب وفي أعناق الناس، التي أُسندت إليهم، وحدهم دون سواهم، المكانة التي تليق بهم وتأمر وتنهي وتحكم بيد من حديد، فضلاً عن البعض ممن شملتهم نار الثورة، وإزالة أعداد هائلة من الموظفين من أماكن عملهم ورمت بهم خارج حصن مؤسساتهم ودوائرهم التي سبق لهم أن أحكموا قبضتهم على مفاتيحها طوال سنوات مضت، ولم يكن بمقدور المسؤول، رأس الهرم، القدرة على لجمهم وإزالتهم، لأنهم دفعوا الغالي والنفيس حتى يتمكنوا الوصول إلى الكرسي، وإشغاله بالطريقة التي تروق لهم بعيداً عن الرقيب الذي لم يكن له أي دور سوى غضَّ الطرف عن أخطائهم، ما جعلهم صاروا قوّامين على المسؤول، ما يعني أنَّ الثورة السورية نجحت في حصادها لأمثال هؤلاء الموظفين، واستطاعت إزاحتهم عن الوظائف التي كانوا يشغلونها برغم انف الإدارات المتعاقبة مهما كان جبروتها، وهؤلاء لم يقصروا في السرقة والنهب، وشغل المكان بالطريقة التي يريدون، وما على هذا المسؤول إلا أن يُشير بإصبعه نحو الهدف المطلوب، والمنصب الذي يرغب فيه، وينفّذ  ما يطلب منه، ما دام أنّه قادر على دفع المعلوم، والرقم المالي مهما كان كبيراً سيدفع لقاء شغله المكان الذي يبيض ذهباً، وهذا ما يبحث عنه!.

الثورة، وهذه حقيقة، وعلى الرغم من نتائجها السلبية التي رافقتها، وانتهت عليه بتشريد الشعب، وقتل أبناؤه، وتخريب أبنيته ودمارها، إلا أنها تخلصت من زمرة فاسدة عقيمة، خلّدت في مكانها وأفسدت العباد، ولسنوات.

فالثورة، نجحت في هذا الإطار، ولولاها، لاستمرت تلك النُخبة الفاسدة من الموظفين الفاسدين وظلت على رأس عملها، وازدادوا طغياناً ونهباً، وسعوا في الخراب الذي جرّه الخراب وإلى اليوم!.

فالثورة على الفساد، أجد أنها كانت نعمة وليست نقمة، وإن راح ضحيتها أناس أبرياء لا ناقة لهم ولا جمل!.

ظلت الصورة، وإلى هذه اللحظة، بحاجة ملحّة إلى موقف حاسم وحازم لجهة نظام فاسد، لا زال، وللأسف، يُقر المراسيم، ويصدّر القرارات،  ويبت بالتعليمات، ويأمر بالأوامر الإدارية، في ظل بلد تهاوى وفسد، وأصبح المواطن فيه لا قيمة له… مع مستقبل غامض لا زال التصفيق والضحك على الذقون هو مبدأه، وإذلال الناس غايته، والأنكى من ذلك أن المستفيدين من وجوده، هؤلاء النخبة من الصغار، الذين يتهمون الآخر بالتآمر على النظام، وهم أكثر الناس فساداً وباتوا يشغلون اليوم أماكن حساسة، ويسرقون المال العام، وبعلم “زلم” النظام، وقيادته الحكيمة التي لا تعرف طريقاً سوى الإشادة بنظام فاسد، وحكومة تتجاهل مطالب مواطنيها.. الذي وصل إليه الحال إلى اللعنة على هكذا حكومة، وقيادة لا زالت تمجّد التماثيل وتحتفي بصناعتها، وتتفنن في إشادتها وتقديسها كرمى عيون زمرة فاسدة، وما على الآخرين سوى التصفيف والخنوع لها!

فالثورة، برأيي، جاءت رداً على الوضع القائم في سورية بالقضاء على الفساد الإداري والنهب المستشري.

الفساد الذي شمل جميع الوزارات والمؤسسات والشركات، والمديريات والإدارات العامة، ونال منه قسم كبير من موظفيها، فضلاً عن التصفيق الذي لم يكن له مبرراً في كل المواقف التي كانت تؤيد النظام وزمرته الخبيثة الطاغية، بل أنها جاءت في وقت كان فيه المواطن في حاجة لها، مع التزامه الصمت من البعبع ولهجته الحادّة الشرسة التي لم يسلم منه أحد!