لكل السوريين

أدب الأطفال بنظر الكاتبة السورية “لينا كيلاني”

الكتابة للطفل فيها أحداث ومشاهد تختزل عالم الطفولة بمفردات ولغة بسيطة وصادقة تحاكي مشاعر الأطفال وتجوب بين مخيلتهم وتطلعاتهم التي ينسجون من خلالها أحلامهم وأمانيهم في دنيا متفردة الألوان والمشاهد.. من خلال نتاجات أدبية وفنية لأدباء تعايشوا مع عالم الأطفال، فلونوا لهم الطبيعة وأرشدوهم إلى القيم السلوكية الرفيعة.

هذا هو فن الكتابة الجيدة للأطفال، خروج عن المألوف ومحاكاة حقيقية لعالم الطفل ولكن بكثير من الحكمة والاهتمام وبمزيد من الحرص على التعامل مع التفاصيل الممتعة لكل مكوناته. والان نرصد هذا الجانب الإبداعي عند الكاتبة لينا كيلاني الاسم الساطع في سماء أدب الأطفال في سوريا.

قالت الكاتبة في أحد اللقاءات معها: ” الكتابة للطفل جنس أدبي قائم بذاته، له شروطه وأدواته، إنه أدب السهل الممتنع الذي يجب أن يراعي المرحلة العمرية للطفولة التي يتوجه اليها، وهو الذي يجب ألا يخرج عن القاموس اللغوي للطفل، أما الخيال فهو من نسيج هذا الأدب، الى جانب القيم التي يبثها الكاتب بأساليب غير مباشرة وبعيداً عن الوعظ والإرشاد “.

وعن خصوصية اللغة التي يجب أن نتوجه من خلالها للأطفال قالت: ” لغتي في قصص الأطفال هي تلك الفصحى المبسطة، وهي التي تأتي من قاموس الطفل اللغوي حسب مراحله العمرية، وهذا جانب مهم جداً في أدب الطفل أحرص عليه بدقة شديدة. إضافة الى أنني أنصت إلى (موسيقى داخلية) للنص أتحسسها بنبض قلبي، فلا أستطيع أن أضع تعبيراً مكان آخر، ولا أن أستبدل كلمة بغيرها. وعلى أديب الأطفال عموماً أن يلتزم بقاموس الطفل اللغوي حتى لا يغيب المعنى عن الطفل، وألا يستخدم تعابير الكبار حتى لا ينصرف الأطفال عن قراءة الكتاب الذي هو بالأساس موجه لهم “.

أما عن دور الرسم في أدب الأطفال، قالت “هي عملية تكاملية بين النص والرسوم وكلٌ يعزز الآخر، والكتاب الجيد هو الذي يتميز بالمضمون، وبالرسوم التي تعبر عنه. ففي المرحلة العمرية الأولى تكبر مساحة الرسوم ذات الخطوط البسيطة على حساب الكلمات، وتتضح حرارة الألوان ولا تتنوع كثيراً حتى تلتقط عين الطفل. أما في المرحلة العمرية الثانية فهو العكس عندما تكبر مساحة الكلمات على حساب الرسوم. فطفل المرحلة العمرية الثانية يكون قد تعلّم القراءة، ولم يعد بحاجة لرسوم تساعده على الفهم كمن هو أصغر منه عندما تقوم الرسوم بتوضيح المعنى له. وهكذا يسير الأمر كلما توجهنا نحو الأعمار الأكبر للأطفال. أما الغلاف الملون لكتاب الطفل فهو أساسي، كما العنوان ليعلن عن الكتاب، ويجذب الطفل اليه”.

وعن رؤيتها لمستقبل الكتابة للأطفال في ظل عصر الصورة وأدوات التكنولوجيا، قالت “العصر بما جاء إلينا به من تطور، ومن وسائل للتواصل قد غيّر من أنماط الحياة، ومن العلاقات الاجتماعية، ومن تربية الأبناء أيضاً. وبالطبع ليست كل هذه المؤثرات سلبية بل إن لها آثارها الإيجابية الكثيرة.. لكن المشكلة تكمن كيف يمكن الاستفادة، وتقليل الآثار السلبية. والطفل الذي لم يعد معزولاً عن كل ما يجري حوله بسبب الأجهزة الذكية مما جعل ذكاؤه يتفتح قبل أوانه، أصبح بحاجة لرعاية من نوع جديد فيها التوجيه، والتقنين إلى جانب مساحة من حرية التعبير عن الذات، وفهم واجباته كطفل قبل حقوقه”.

وتضيف “لا بأس من أن يندمج الطفل مع مفردات عصره، لكن من المهم ألا يذوب فيه، وهذا ما بات يهدد طفلنا العربي. وهنا يجب التأكيد على الانتماء من خلال الأدب والفن، وهي على أي حال مسؤولية لا تقع على عاتق جهة واحدة بل إنها مهمة تكاملية ما بين الأسرة، والمدرسة، والمؤسسات الثقافية، ووسائل الإعلام”.

أما الكتابة للطفل فقد أصبحت بأمس الحاجة لأن تواكب العصر، قالت “إن موضوعات قصصي تأتي إليّ عموماً من الحياة. وفي عالم الطفولة تحديداً فإن أغلب الافكار التي أنسج حولها قصصي هي مما يثير اهتمام الطفل. وتوجهت في مرحلة تالية من مسيرتي الأدبية إلى الخيال العلمي وللرواية النصيب الأكبر منه كروايات: إجازة في المريخ، الرأس المفتوح، من أنا من أكون؟، النبات الذي أصبح قاتلاً، الكهف المخبوء، سراب تحت الماء، العمر الوضاء في جزيرة الفضاء، وغيرها”.

الكاتبة لينا كيلاني قدمت أكثر من 150 مؤلَّفاً بين مجموعات قصصية تتوجه للطفل وروايات لليافعين فضلاً عن رواياتها للكبار. وهي مهندسة زراعية وتحمل شهادة الماجستير في الاقتصاد الزراعي، وهي عضو في هيئة تحرير مجلات أدبية وعلمية.

تقرير/ ا ـ ن