لكل السوريين

رفاهيةُ “الملابس”.. هل يحظى بها الحمصيّون؟!

السوري/ حمص ـ بملامحٍ لا تخلو من الشقاء والحسرة، تتأملُ “أم أحمد” واجهات محال الألبسة على امتداد السوق وسط حمص بصحبة أطفالها، دون أن يظفروا بأي قطعة لشرائها، فمحال بيع الملابس الشتوية تشهد ارتفاعات كبيرة في الأسعار مقارنة مع العام الماضي بحوالي ثلاثة أضعاف وأكثر في محال ” الملابس المستعملة”، والتي كانت ملاذ الكثيرين من أصحاب الدخل المحدود، الأمر الذي يعني أن شراء ملابس من البالة لعائلة مكونة من 4 أفراد لن تقل تكلفتها اليوم عن 150 ألف ليرة.

فمعظم أسعار الألبسة شهدت قفزات غير منطقيّة، بغض النظر عن الجودة، مع عدم وجود التنوع في العرض وقلة في الطلب من قبل المستهلكين وجمود في حركة البيع والشراء، فمعظم الطلب يتركز على الألبسة ذات الأسعار المنخفضة التي أصبحت نادرة جداً ضمن الأسواق.

لميس، ربّة منزل، تقول: “الأسعار خيالية قياساً للدخل، وفي ظل راتب محدود لا يكفي لشراء أكثر من قطعة واحدة من الألبسة ذات نوعية جيدة، لذا أقوم بالبحث في الكثير من المحال لأستطيع شراء قطعة واحدة، وغالباً في فترة التنزيلات”.

أما “أم محمود”، موظفة، تضيف: ” أحاول أن أعتمد على خبرتي في انتقاء المناسب والنوعية الجيدة من الألبسة لتبقى وقتاً أطول، فالأسرة باتت تحتاج أضعافاً مضاعفة لتأمين تكاليف المعيشة، إضافة لوجود ظاهرة التسعير العشوائي في جميع الأسواق والتي تزيد الطين بلّة”.

فمحال البالة ليست خياراً أفضل، فقد رفعت أسعارها أكثر من ضعف، فالبنطلون الذي كان يباع بـ2500 أصبح بـ 6 آلاف ليرة، والجاكيت أصبحت بـ15 ألف ليرة بعد أن كانت بسعر 6 آلاف ليرة، وثياب الأطفال أصغر قطعة بـ4000 ليرة، ويتساءل كثيرون أين دور الجهات الرقابية في ضبط المخالفات الكبيرة في سعر الألبسة حتى صارت من الكماليات التي لا تُشترى إلا في موسم التنزيلات والأعياد!!.

في المقابل، يرى “سامر”، تاجر ألبسة، أن سبب ارتفاع أسعار الألبسة الشتوية يعود لارتفاع مستلزمات الإنتاج و تكاليف الشحن ونقل البضائع، إضافة إلى خروج العديد من المعامل الخاصة بصناعة الألبسة عن الإنتاج، مما أدى إلى ضعف العرض في أسواق الجملة، وتحكم بعض التجار بالأسعار، لأن البضائع أصبحت قليلة من حيث التشكيلة أو النوعية أو تدرج الأسعار، وبالطبع فإن فرق الأسعار في الألبسة يعود لبائع المفرق ومدى تكبده لتكاليف الحصول على البضائع.

رئيس دائرة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية المهندس “بسام مشعل” في حديثه لصحيفة محلية قال “تقوم عناصر المديرية بتشديد الرقابة من خلال جولاتها الدورية على الأسواق، وهذه الجولات لا تقتصر على محال الألبسة بل تشمل جميع المواد ومنها الألبسة والأحذية، ويتم التأكد خلال تلك الجولات من تقيد البائع بالإعلان عن السعر أو الالتزام بالتسعيرة وجودة المنتج، كما يتم سحب عينات في حال وجود شكاوى من المواطنين للتأكد من مصدر المنتج وجودته”.

موضحاً أنه تم تنظيم 13ضبطاً تموينياً بما يخص الألبسة في حمص تتضمن عدم الإعلان عن السعر وعدم إبراز فاتورة، كما تم سحب عدة عينات عشوائية لمعرفة مصدر المنتج وجودته، منوها أنه في حال ثبوت المخالفة يطلب من المعمل صاحب المنتج الموجود الفواتير النظامية، وفي حال كان مصدر المنتج معمل في محافظة أخرى تتم مراسلة مديرية التجارة وحماية المستهلك هناك لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالف والتي قد تصل إلى دفع غرامات مالية كبيرة أو إغلاق المحل.

وأشار إلى أن عقوبة عدم إبراز الفاتورة هي إغلاق ثلاثة أيام لمحل المفرق، وأسبوع لمحل الجملة.. أما عقوبة عدم تطابق المواصفات إغلاق المحل سبعة أيام.

اتهامات متبادلة بين التاجر والزبون الذي يريد شراء قطعة من الملابس الشتوية، يبلغ سعرها نصف راتبه رغم أنها صناعة وطنية رديئة على حد قولهم، أما الأفضل منها فيحتاج لأكثر من ذلك.

حيث يضيف أحد الباعة:” إن سبب الارتفاع هو ارتفاع مستلزمات صناعتها بدءاً من تأمين القماش حتى توزيعها، وقد تضاعفت الأسعار بعد ارتفاع أسعار المازوت الصناعي”.

من جانبه، يقول صاحب محل جملة لتوزيع الملابس لصحيفة محلية “تراجعت مبيعات الملابس الشتوية من 50 إلى 60% خلال الموسم الجاري، بسبب ضعف القوة الشرائية للمستهلكين وارتفاع أسعار الملابس الشتوية هذا العام، ويبدو أن الملابس أيضا تحولت لكماليات عند البعض”.

فكل طرف يلقي اللوم على الآخر، وجميعها تصبُّ عند الحكومية الأخيرة وارتفاع البنزين والمازوت الصناعي الذي رفع كل شيء على حد قولهم.

فكيف للسوريّ الذي ضاقت عليه من كلّ حدب وصوب، وضاع في متاهات الفجوة بين دخله والأسعار أن يجد مستقراً كريماً له ولأطفاله؟! وسط صمتٍ حكوميّ مُطبق..!!

تقرير/ حكمت أسود