لكل السوريين

قطرة ماء لا تروي العطش.. معاناة أهالي الحسكة مستمرة في لهيب الصيف الحارق

حاورها/ مجد محمد

لاتزال أزمة المياه مستمرة في مدينة الحسكة مشكّلة بذلك واقعاً مأساوياً على أهالي المدينة الذين ضاقت بهم سبل العيش في لهيب الصيف الحارق وجعلتهم يتمنون الموت على الاستمرار في حياة بائسة تفتقد لكافة الاحتياجات الرئيسية والضرورية للاستمرار، حيث يعاني أهالي الحسكة من مطرقة الاحتلال التركي وإيقافه لمحطة علوك، وسندان أصحاب الصهاريج الذين يستغلون الأوضاع برفع أسعار المياه، حيث وصل سعر الخزان الواحد سعة خمسة براميل إلى ٣٠٠٠٠ ل.س.

والواقع هذا ليس جديداً، بل مسامر منذ عدة سنوات خلت، منذ احتلال تركيا ومرتزقتها المنطقة الممتدة بين رأس العين وتل أبيض أقصى شمال سوريا، حتى باشروا بقطع المياه عن الحسكة وأريافها، في مشهد يجعل المتابع للشأن السوري يقتنع أن كمية الحقد التي يدفنها أردوغان تجاه كافة مكونات الشعب أكبر بكثير من كمية المياه التي يقطعها.

وللحديث عن هذا الموضوع، وفي هذا الصدد عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الأستاذة سوزدار أحمد، الرئيسة المشتركة السابقة لمديرية المياه في مقاطعة الحسكة، ودار الحوار التالي:

*أستاذة سوزدار مرحباً بك بداية، محطة علوك باتت مشهورة على مستوى العالم، وورقة ضغط سياسية وعسكرية، ما هي بداية ملامح وجودها وتفاصيلها؟

أهلاً وسهلاً بك، انطلق إنشاء مشروع آبار محطة علوك (والتي سميت نسبة للقرية التي حفرت بها الآبار)، حيث تم في البداية حفر /٣٠/ بئراً فيها عام ٢٠١٠ م، بعدها تم تنفيذ الأعمال المدنية والميكانيكية والكهربائية وخط الجر الرئيسي قطر ١٢٠٠مم والانتهاء منها بتاريخ ٦-٦-٢٠١١م، وتم استثمار المحطة ودخولها العمل الفعلي في شهر تموز عام ٢٠١٣م مع الانخفاض الشديد جداً في مياه بحيرة سد البعث (الغربي) التي كانت مصدر مياه الشرب لمدينة الحسكة من محطة الحمة، وفي عام ٢٠١٨م تم حفر أربعة آبار احتياطية داخل تصوينة المحطة ليصبح عدد الآبار الكلي /٣٤/ بئراً، حيث تصل غزارة كل بئر من الآبار ٣٤ بحدود ٢٠٠م٣/سا وتم ربطها بخطوط تجميع تصب في خزان ارضي رئيسي داخل محطة مياه علوك السعة التخزينية ١٠ ألاف م٣، وتضخ المياه من الخزان الأراضي في علوك بواسطة مضخات أفقية عددها /١٢/ مضخة غزارة كل واحدة منها ٧٥٠م٣/سا إلى خط الجر الرئيسي قطر ١٢٠٠ وبطول ٦٧كم إلى خزانات التجميع في محطة الحمة القريبة من مدينة الحسكة والتي سعتها ٣٠ ألف م٣، ومنها يتم توزيع المياه إلى أحياء مدينة الحسكة، ويوجد في المحطة مجموعات توليد كهربائية عدد ٤ منها ٢ استطاعة ٨٨٠ك.ف.أ ،وواحدة استطاعة ١٥٠٠ ك.ف.أ ، والأخيرة استطاعة ١٦٥٠ ك.ف.أ وهي بحاجة لصيانة حالية ودورية والى كميات كبيرة من المازوت، وتصل إنتاجية المحطة التصحيحية ١،٦م٣/ثا منها ٠،٢م٣/ثا لبلدة تل تمر و١،٤م٣/ثا لمدينة الحسكة، والتي تغذي ما يقارب مليون مدني في مدينة الحسكة وبلدة تل تمر والقرى المحيطة والريف الغربي من المحافظة.

*إذاً الصهاريج الخاصة هي الحل، أسعارها غالية ومياهها غير صحية، ما العمل بذلك؟

الصهاريج الخاصة اليوم تقوم ببيع خزان المياه سعة ٥ براميل بسعر ٣٠ الف ليرة سورية، والأهالي الساكنين في المربع الأمني يقومون بشراء خزان المياه سعة ٥ براميل بسعر ٤٠ الف ليرة سورية، وهذا بسبب انعدام ثقافة الشكوى لدى الشعب، مديرية المياه حددت سعر المياه التي تباع عبر الصهاريج الخاصة بسعر رمزي، وتم وضع عدة أرقام للشكوى، ولكن للأسف لم ترد إلينا إلا شكاوي قليلة جداً وتم تغريم أصحاب الصهاريج عملاً بها، وأيضاً تقوم بجولات دورية ضمن الأحياء لمخالفة أصحاب الصهاريج المخالفين ولكن حسب رأي الشارع أنه بسبب انعدام المياه وقلة الصهاريج نضطر لشرائها بالسعر الذي يفرضه علينا البائع الذي يتحكم بالسعر على هواه متحججاً بغلاء أسعار المحروقات وكذلك قطع التبديل والصيانة في الصناعة التي اقترنت بالدولار.

*ما البديل الثابت لمصدر مياه مستمر، لا يعقل أن يبقى الوضع هكذا؟

مؤسسة المياه في الحسكة قامت بمشروع محطة الحمة في صيف ٢٠٢٠ والذي تكلل بالفشل الذريع منذ أول يوم له، حيث تم حفر ٥٠ بئراً يغذي هذه المحطة كحل إسعافي، وبعد تجهيز المشروع وتشغيله لم تنتج الآبار مياه سوى لمدة عشر دقائق منذرة بالفشل، بسبب قلة المياه الجوفية في المدينة، وتم القيام أيضاً بمشروع آخر وهو استجرار مياه نهر الفرات إلى مدينة الحسكة، ولكن المشروع منذ البداية تم الإعلان أنه ليس بديل لمحطة علوك لأن وارد المياه فيه قليل لا يسد حاجة المدينة، وتقدر بين ١٥ و ٢٠ متر مكعب في اليوم، واستفاد منه فقط عشرون بالمئة من أهالي المدينة، ناهيك عن بدء جفاف الفرات إطلاقاً، وعند انتهاء المشروع تم العمل به لمدة شهر أو أكثر تقريباً، ولكن تم إيقافه أيضاً بسبب دنو وانخفاض منسوب نهر الفرات، فواقعياً لا بديل عن محطة علوك إلا محطة علوك ذاتها، بسبب عدم توفر المياه الجوفية الخصبة والغزيرة إلا في منطقة رأس العين المحتلة.

*ومشروع استجرار المياه من ريف عامودا، ماذا بشأنه؟

المشروع قائم، ويتم على أربعة مراحل، المرحلة الأولى هي مشروع حفر عشرين بئر بعمق ٥٠٠ متر وغزارة ضخ ١٥٠ متر مكعب في الساعة كحد أقصى، والمرحلة الثانية هي مشروع إنشاء محطة ضخ تتضمن ٦ مضخات أفقية بغزارة ٧٥٠ متر مكعب في الساعة, و رفع ٨٠ متر وحوض التجميع بسعة ٥٠٠٠ متر مكعب، والمرحلة الثالثة هي مشروع التغذية والطاقة الكهربائية من مدينة عامودا من خلال شبكة متوسطة وباستطاعة ٢ ميغا، والمرحلة الرابعة هي مشروع خط جر المياه بطول ٦٢ كم وقطر ٨٠٠ مم من قساطل، وحالياً تم إنجاز المرحلتين الأولى والثانية ويتم العمل بالمراحل التي تليها.

*عند بدأ المشروع تم الإعلان عن كلفته الباهظة التي تتجاوز ١٨ مليون دولار أمريكي، وكذلك مدة إنجازه بتسعة أشهر، الآن انتهت التسعة أشهر منذ شهرين؟

تم التأخير بالعمل، بسبب توقف العمل به لمدة شهرين نتيجة استهدف الاحتلال التركي للبنى التحتية في المنطقة، وكذلك عدة مشاكل تقنية ولكن تم حلها جميعاً، والآن العمل قائم بالمشروع من قبل ذوي الخبرة من مهندسين وجيولوجيين، وكذلك العمل بصيغة ووتيرة معينة من أجل الحفاظ على الحوض المائي في المنطقة.

*قطرة ماء لا تروي العطش، هل سيكون المشروع الجديد مثل المشاريع التي سبقته، أم أنه سينهي المعاناة فعلياً؟

نأمل أن ينهي المعاناة، فبعد العديد من الدراسات والتجارب من قبل مراكز الدراسات والأبحاث في مؤسسات ومديريات المياه في الإدارة الذاتية، أثبتت التحريات والنتائج عن توفر مياه الشرب بجودة عالية، وحوض جوفي متجدد ومستدام في منطقة جنوب عامودا، وبعد استكمال الدراسات اللازمة والتدقيق والمصادقة عليها من قبل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا والمؤسسات المعنية تم العمل على المشروع.

*ختاماً كلمة أخيرة لك تحبي أن تضيفيها، المجال مفتوح لك..

نناشد المنظمات الدولية وحقوق الإنسان والتحالف الدولي والضامن الروسي والصليب الدولي وجميع القوى بالتدخل من أجل الضغط على الدولة التركية لتشغيل محطة علوك بكامل قوتها وضخها النظامي وتحييد محطة علوك عن النزاعات العسكرية والسياسية، وكذلك عودة المنظمات الإنسانية التي كان تعمل في مجال توزيع المياه عبر الصهاريج مثل الأعوام السابقة، وتجديد عقودها للعام الحالي لأن الأزمة لم تنته بعد.