لكل السوريين

يوم عالمي لتكريم اللاجئين في أنحاء العالم.. وغموض مصير اللاجئين السوريين

تقرير/ لطفي توفيق

حددت الأمم المتحدة يوم العشرين من شهر حزيران كل عام، يوماً عالمياً لتكريم جميع اللاجئين في أنحاء العالم، وأقيم احتفال بهذا اليوم على مستوى العالم للمرة الأولى في العشرين من شهر حزيران عام 2001، بمناسبة الذكرى الخمسين لاتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين، وكان يعرف هذا اليوم بيوم اللاجئ الإفريقي، قبل أن تعتمده الجمعية العامة للأمم المتحدة رسمياً باعتباره يوم اللاجئين حول العالم في شهر حزيران من العام 2000.

ويلقي هذا اليوم الضوء على حقوق اللاجئين واحتياجاتهم وأحلامهم، ويساعد في تعبئة الإرادة السياسية والموارد المختلفة حتى يتمكن اللاجئون في مختلف دول العالم من النجاة والنجاح.

ويساعد على لفت الاهتمام العالمي إلى محنة أولئك الفارين من الصراعات أو الاضطهاد في بلادهم، والعمل على إتاحة العديد من الأنشطة التي تقدم فيها فرص دعم اللاجئين.

ويتميز هذا اليوم العالمي كل عام بتنظيم مجموعة واسعة ومتنوعة من الأنشطة في العديد من بلدان العالم بهدف دعم اللاجئين وتحسين ظروف حياتهم، ويشارك اللاجئون في هذه الأنشطة، إضافة إلى المسؤولين الحكوميين والفعاليات الاجتماعية والشركات والمشاهير وطلاب المدارس في البلدان المضيفة، ومختلف وسائل الإعلام التي تقوم بتغطية واسعة لهذه الأنشطة.

وبهذه المناسبة لابد من إلقاء الضوء على ظروف اللاجئين السوريين بمختلف أماكن تواجدهم، ومعاناتهم المتعددة الأوجه، والمصير الغامض الذي ينتظرهم في المدى المنظور.

اللاجئون كبش فداء

بمناسبة يوم اللاجئين العالمي، أصدرت منصة الخبراء المستقلين المعنيين بحقوق اللاجئين بياناً جاء فيه “تقدم العديد من البلدان والمجتمعات في جميع أنحاء العالم أمثلة تعبّر عن الشجاعة من حيث الترحيب باللاجئين، وتظهر كيف يمكن ضمان حق طلب اللجوء وتنفيذه وطرق تمكين اللاجئين وتأهيلهم للمساهمة بشكل كامل في المجتمعات المضيفة”.

وحذّر البيان من القوانين والسياسات والممارسات التي تقيّد حق اللجوء في بلدان أخرى، حيث تسود سياسات يغلب عليها طابع الخوف والإقصاء.

ونوّه إلى أن لغة كراهية الأجانب والعنصرية قد تصاعدت، وأصبح اللاجئون بمثابة كبش فداء لتحقيق مكاسب سياسية، دون اكتراث يذكر بمعاناة الأطفال والنساء والرجال المجبرين على الفرار من ديارهم، وربما تجاهل كامل لهذه المعاناة أحياناً.

وحثّ الخبراء في بيانهم “كافة الدول على العمل معاً لحماية الحقوق الحيوية والأساسية لطالبي اللجوء، ومواجهة أوجه التراجع التي قد تؤدي إلى تقويض المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، ووقف سياسات تصدير إجراءات اللجوء إلى خارج حدود البلاد، والاحتجاز التعسفي لطالبي اللجوء، والطرد الجماعي، والصد في البر والبحر، والكف عن هذه الممارسات اللاإنسانية”.

وطالب الدول باحترام حقوق الإنسان وغيرها من التزامات القانون الدولي، بما في ذلك “مبدأ القانون الدولي العرفي المتمثل في عدم الإعادة القسرية، الذي يحظر على الدول إعادة أي شخص إلى بلد قد تكون فيه حياته أو حريته مهددة بالخطر أو قد يواجه فيه التعذيب، أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أو العقوبة، أو الأذى أو الخطر الذي لا يمكن التعافي منه”.

معاناة وترحيل قسري

وبهذه المناسبة، اشتكى طالبو لجوء سوريون من سوء ظروف الإقامة بمراكز الاحتجاز في بلغاريا، حيث يتم حرمانهم من أبسط حقوقهم الأساسية.

وقال لاجئ سوري محتجز في مركز “لوبيميتس” جنوب بلغاريا، إنه تعرض للضرب من قبل عناصر الشرطة عدة مرات خلال عشرة أيام، وتحدث عن معاناة اللاجئين من انتشار الحشرات في كل مكان، مما يحرمهم من النوم.

وأشار إلى أن استخدام الهواتف النقالة محظور على طالبي اللجوء في مركز الاحتجاز، مما يزيد من قلقهم على أسرهم ويحرمهم من التواصل معهم.

وحسب “المهاجر نيوز”، ذكر عضو “لجنة هلسنكي” البلغارية فيكتور ليلوف، أن المشكلة تكمن في أن العديد من الأشخاص السوريين والأفغان وغيرهم، لا يمكن ترحيلهم بسبب عدم وجود قناة دبلوماسية مع حكومات هذه البلدان.

ووثقت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بهذه المناسبة عودة ما لا يقل عن 16 ألف لاجئ سوري من تركيا ولبنان والأردن ومصر والعراق إلى بلدهم خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، ومن بينهم عدد كبير تم إجبارهم على توقيع وثيقة عودة طوعية، وترحيلهم بشكل قسري.

وأحصت المفوضية في تقرير، عودة 7693 لاجئاً سورياً من تركيا، و4205 من لبنان، و2320 من الأردن، و1048 من مصر، و928 من العراق، إضافة إلى إعادة توطين نحو تسعة آلاف لاجئ سوري من هذه البلدان في دول ثالثة.

وأكدت المفوضية أن عدد اللاجئين السوريين المسجلين رسمياً في هذه الدول بلغ حتى نهاية الشهر الماضي، نحو خمسة ملايين شخص، معظمهم في تركيا ولبنان والأردن.

معاناة المهجّرين والنازحين

مع بداية العام الجديد، أعلن برنامج الأغذية العالمي وقف تقديم المساعدات الغذائية في سوريا مما فاقم من معاناة المهجّرين والنازحين السوريين داخل بلادهم.

وطالب النازحون برنامج الغذاء العالمي بعودة تلك المساعدات الغذائية التي تشكل لهم “شريان حياة”، مؤكدين أن قرار وقف المساعدات الغذائية جاء في وقت سيء بالنسبة للسوريين عامة، وللنازحين في الداخل بشكل خاص، حيث يلوح شبح الجوع في المناطق التي مزقتها الحرب.

وكان برنامج الأغذية العالمي قد أعلن في نهاية العام الماضي أنه سيوقف برنامجه للمساعدات الغذائية العامة في جميع أنحاء سوريا في بداية عام 2024 بسبب نقص التمويل.

وفي مطلع العام الحالي، قال ممثل برنامج الأغذية العالمي في سوريا كينيث كروسلي إن “جميع فروع برنامج الأغذية العالمي تواجه تحديات تمويلية كبيرة جداً من قبل المانحين الذين يقدمون دعماً طوعياً لبرامجنا”.

وتابع “هذا يعني أن برنامج الأغذية العالمي في سوريا يواجه تحديات كبيرة ليست محصورة فقط في سوريا، ولكنها جزء من بيئة المانحين الإجمالية التي لا تستطيع مواكبة الاحتياجات الإنسانية المتزايدة في جميع أنحاء العالم”.

وأضاف كروسلي أن “الاحتياجات التشغيلية لبرنامج الغذاء العالمي لعام 2023 كان من المقرر أن تصل إلى 23.5 مليار دولار، في حين بلغ التمويل الذي وصل فعلاً خلال هذا العام  نحو عشرة مليارات دولار فقط، مما يترك لنا فجوة تمويلية تاريخية تبلغ حوالي 60 بالمئة”.

وأشار إلى أن أزمة التمويل الإنساني العالمية أجبرت برنامج الأغذية العالمي على تقليص حجم عمليات المساعدة التي يقوم بها في سوريا، وإنهاء أكبر برنامج للمساعدات الغذائية الذي خدم الأسر السورية على الصعيد الوطني لأكثر من عقد من الزمن.

معاناة اللاجئين العائدين

بمناسبة اليوم العالمي للاجئين أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً ذكرت فيه أن عدد اللاجئين السوريين بلغ قرابة 6.7 مليون شخص، وقد أصبحوا النسبة الأضخم من حيث عدد اللاجئين في العالم.

وأشار التقرير إلى مقتل ما لا يقل عن 367 مدنياً من اللاجئين العائدين من بينهم 56 طفلاً و34 سيدة على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ بداية العام الحالي، ومنهم 53 مدنياً، بينهم ثمانية أطفال وأربع سيدات على يد السلطات السورية، وخمسة مدنيين، بينهم ثلاثة أطفال وسيدة على يد القوات الروسية، وأربعة مدنيين، بينهم طفل على يد تنظيم داعش، و16 مدنياً، بينهم  طفل وسيدة على يد هيئة تحرير الشام، و 246 مدنياً، بينهم 34 طفلاً، و28 سيدة على يد جهات أخرى.

ووفقاً للتقرير فإن مهمة تقييم الأوضاع في سوريا هي من وظيفة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ولجنة التحقيق الدولية المستقلة والمنظمات الحقوقية الدولية والمنظمات المحلية المختصة والفاعلة بتوثيق الانتهاكات في سوريا، وتؤكد جميعها أن سوريا بلد غير آمن.

وأكد التقرير أن عمليات ترحيل اللاجئين وممارسات الإعادة القسرية بحق اللاجئين السوريين تشكِّل انتهاكاً للقانون الدولي، وتتحمل الحكومات التي تقوم بذلك المسؤولية القانونية لما يتعرض له المعادون قسرياً من تعذيب وقتل وإخفاء قسري وغير ذلك من الانتهاكات في سوريا.

ودعا التقرير حكومات الدول التي تستضيف لاجئين سوريين، وخاصة دول الجوار التي تحتوي العدد الأكبر منهم، إلى التوقف عن تهديدهم المستمر بالترحيل إلى سوريا، لأن ذلك يشكل مصدر قلق نفسي لهم، وتهديداً لاستقرارهم المادي، وتعطيلاً لعمليات الدمج المجتمعي التي يسعون إليها.

كما طالب مختلف دول العالم بتحمل مسؤولياتها تجاه اللاجئين السوريين، واستقبال أكبر عدد منهم، والتوقف عن إغراق الدول المجاورة لسوريا بهم، والتراجع عن وقف دفع التعهدات المالية لصالحهم، وأشار إلى أن على الدول الديمقراطية الاستمرار في استقبال اللاجئين وتأمين حياة كريمة لهم.

يذكر أن اتفاقية اللاجئين لعام 1951 التي أدت إلى إنشاء مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، توضّح أن اللاجئ هو “كل من وجد بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية، خارج البلاد التي يحمل جنسيتها، ولا يستطيع أو لا يرغب في حماية ذلك البلد بسبب هذا الخوف”.

وقدمت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الحماية والمساعدة لعشرات الملايين من اللاجئين، ووجدت الحلول الدائمة للعديد منهم.

ولكن تعقيد أنماط الهجرة العالمية تزايدت في العصر الحديث، ولم تعد تقتصر على اللاجئين فقط، وإنما شملت الملايين من المهاجرين لأسباب اقتصادية أيضاً.

ويوجد اختلاف جوهري بين اللاجئين والمهاجرين، وإن كانوا يعتمدون أحياناً وسائل السفر نفسها، ولا بد من معاملتهم بشكل مختلف بموجب القانون الدولي الحديث.