لكل السوريين

الانسان والبنيان

من المعلوم أن هناك معايير ونظم تعتبر كمؤشرات على تقدم الدول وازدهارها فبعضها يعتمد مستوى التعليم والجامعات وعدد الشهادات الجامعية، وبعضها يعتبر مستوى استهلاك الفرد من المياه وآخر يجد في عدد المطبوعات وحجم المنشورات من الكتب والدوريات مؤشراً على تقدم ذاك البلد أو تأخره، وأخر يرى في مستوى دخل الفرد دليلاً على تقدم المجتمع وآخر يرى في مستوى التطور التكنولوجي أو حجم الانبعاثات الغازية من المعامل والمصانع مؤشراً لتقدم ذلك البلد أو تخلفه.

من كل ما سبق نجد أن الإنسان هو العامل المشترك في كل تلك المؤشرات والمعايير، فهو من يحمل الشهادات الجامعية وهو من يستهلك المياه، كما أنه من يقرأ الكتب والمطبوعات، وهو من ينفق دخله في إطار دورة الاقتصاد، وهو من يستخدم التكنولوجيا في حياته، وكذلك التطور الصناعي الذي وصل إليه والمتسبب للانبعاثات الغازية، من هنا نجد أن السبيل الأمثل لتطور الدول والمجتمعات هو التركيز على الإنسان والاستثمار في بنائه لأنها المقدمة الصحيحة للتنمية.

فالتعليم والتنمية صنوان لا يمكن أن تعزل التنمية عن التعليم أو تهمل دور التعليم في التنمية، فاهتمامنا بالتعليم يعني اهتمامنا برأس المال البشري الذي هو كما يعرفه البنك الدولي بأنه مجموعة القدرات والمهارات والمعارف التي تتكون لدى الأفراد عبر مسيرة حياتهم بالشكل الذي يجعلهم قادرين على استغلال طاقاتهم وإمكاناتهم كأفراد منتجين في المجتمع، وبهذا نكون قد استطعنا القضاء على الفقر وبناء مجتمعات متطورة تطوراً يشمل كل مناحي الحياة.

والاستثمار في الموارد البشرية يتطلب تأمين المستلزمات الأساسية للإنسان كالغذاء والدواء والتعليم المناسب مع تأمين فرص العمل المناسبة القادرة على تفجير طاقاته وقدراته واستغلالها بالشكل الأمثل الذي يمكنها من تحقيق التقدم المطلوب في مسيرة التنمية، وبما يتلاءم مع التقدم والتطور الذي واكب الحضارة والاقتصاد العالمي، لذا فإن أهم أركان رأس المال البشري هو المعرفة التي تتوفر لدى الانسان، والتي يستخدمها ويوظفها في اتقان عمله وانجازه بالشكل الأمثل.

أما الركن الهام الآخر، هو القدرة التي يتمتع بها الفرد كجزء من الموارد البشرية في إدارة واستغلال ما هو متاح من الموارد الاقتصادية مع الطاقات البشرية، للوصول إلى أفضل النتائج وبأزمان قياسية، وهو ما يعرف بعلم الإدارة بالبرمجة الخطية أو السمبلكس.

أما الركن الثالث والهام فهو المهارات البشرية التي يكتسبها المرء خلال مسيرة حياته العملية كقدرة الفرد غير العادية على استقطاب الآخرين، أو مقدرته الكبيرة في التسويق، أو تمتعه بحسن الإدارة وتميزه في ذلك.

من هنا نجد أنه ينبغي أن نعمل وبجدية من أجل تحقيق وإنجاز أفضل الاستثمارات إذا استطعنا من خلال الاستثمار في بناء الإنسان، لأنه الأساس في الاستثمار وبه نستطيع أن نبني ونطور في كل المجالات الاقتصادية والزراعية والعلمية والمجتمعية والسياسية وليس عيباً إذا ما استفدنا من تجارب الدول الأخرى التي نجحت في ذلك وتميزت أيما تميز.

ونجاحنا في هذا الاستثمار يعني النجاح في بناء قدرات وطاقات وكوادر مجتمعية في كل الاختصاصات كفيلة بالنهوض بالمجتمع وتطويره والسير به نحو تحقيق برامجه وخططه التنموية.