لكل السوريين

نهر الفــــــــــرات وتأثيره على الأدباء والشعراء والمفكرين والفنانين وكافة المبدعين

منذ أن تدفق الفرات من جوف تلك الهضبة كان منهلا يغرف من بين أمواجه كل المبدعين رؤاهم وكأنها كانت مودعة بهدير الماء، الفرات كان ولا يزال وسيبقى مشيرا للأجيال ببصمة ايحائه لكل سطر يخطه الكتاب، ونبض يسري بين قوافي الشعراء، وعالم تنهل منه ريشة الفنان ليرسم لوحاته الجميلة في شهقة الفجر، ونحيب الأصيل حين يذرف دموعه الحمراء على صدر الماء.

كنت ذات غروب أفترش ضفة الفرات وأنهل من هديل أمواجه فكتبت هذه المقطوعة وهي بعنوان:

على شرفات الغروب قرأتُ سِفْرَاً من أسفار الماء!

ولبثتُ دهراً على سرير عشقك يا زمان!

أهزكَ سهواً.. وتهزني عمداً..

ذاتَ وجدٍ. قفزتُ عنكَ. وعنّي..

قادتني السُرى حافيةَ الروح..

فامتثلتُ عندَ ناصية الرمل..

ناسكةً تتوضأ من عطش القُـبلة..

جمرٌ يستغيثُ بجمرٍ..

نهر الفحيح يدفق من حنايا الضلوع…

يدايّ تضفران جدائل َمن بقايا عذوق الضوء..

ألقيتُ بها على كتف الشاطئ..

أناملُ الغيم تهمي عليها قبضات ٍ من تبـر الغروب..

انفلتَ عقالُ الصمتِ..

فترنّمَ وترٌ انبجس عن قيثارة الذاكرة

الشمس فوق لجين الماء عقيان”…!

وانفرطت عن مآق العين لألئ ٌ..

سبّحتْ الطيورُ من وكناتها لها وَلَهاً..

سبحانَ من أودع َ بضعاً من خباياه ُبروح ِالماء

غاصتْ قدمايَ. واحدةٌ في الرمل..

وأخرى في الماء..

العقل نايٌ يئنُّ في أرجوحة تميدُ بين الغرق والانهيار…!

قلت:ُ آنَ للمغامرة أن تلقي بأرسان خيولها الجامحة..

فتركت ُيداي تخفقان على أغصان الماء..

دَنَتْ شفاهُ العطش لتُقبّلَ أكمام الرواء..

فتشظّت الرغبةُ جافلة ًفوق مرايا الموج.!

جثوتُ على قدميّ الذهول..

أقرأ عن كثبٍ في إرث الوصايا..

وأرنو بإمعانٍ لصفحات النهر..

فانبلج عن جدار الصمت صوتٌ:

ـ ويحَكِ؟ لا الإنس ينبغي له أن يبني قصوراً..

ولا الجنّ يتهيكل في مملكة الماء…!

وَثَبَتْ موجةٌ من ثنايا العقل..

اعتليتُ صهوتها وأبحرتُ أرمقُ احتضار الشمس..

فتشتُ عن خيطٍ وإبرةٍ لأرفو جراح الغروب..

ولكن…هيهات أن توصلني إليها سلالم الضياء…؟!

همس َالصمتُ للصّمتِ نائحاً: يا شجرَ السؤال..

كُـنْ غابة في المفازات.. كي لا ينكسر الظلّ ُ عن الظلِّ

ويتيهُ الوهجُ بين النور وبين النار…!

من وشيعة الحيرة انبثق َصهيلُ فارس ٍ..