لكل السوريين

باحث سياسي: “هجمات تركية الأخيرة دليل إفلاسها سياسيا واقتصاديا”

حاوره/مجد محمد

اعتبر الباحث السياسي، نبيه النبواني، أن الهجمات التركية الأخيرة على مناطق شمال شرقي سوريا تؤكد إفلاس الدولة التركية بعد فشلها في شن عملية احتلالية جديدة في سوريا.

مرة أخرى سبل عيش المدنيين في شمال وشرق سوريا تحت نيران العدوان التركي الذي شنت طائراته، عدة ضربات على معامل، ومزارع، ومحطات للمياه، والكهرباء، ومناطق سكنية في الحسكة والقامشلي وعامودا والجوادية وكوباني وغيرها من المدن والأرياف، القصف الذي استهدف أيضاً سيارات مدنية ومحيط مخيم واشو كاني للمهجرين قسراً من مدينة رأس العين المحتلة، أسفر إلى مقتل عدد من الضحايا المدنيين.

وتركز القصف على المنشآت الحيوية ومن بينها محطة الحمة المستخدمة لتصفية مياه الشرب القادمة إلى مدينة الحسكة من محطة علوك، ومحطتي تحويل الكهرباء في كل من القامشلي وعامودا وتسبب بخروجهما عن الخدمة، مسيرات الاحتلال التركي استهدفت أيضاً حقول النفط في ريف القامشلي الشرقي ومنطقة سد الجوادية، كما طال القصف محيط محطة لتحويل المياه بتل تمر، وقرى تابعة لعامودا وكوباني، ووقوع ضحايا مدنيين وأفراد بقوى الأمن الداخلي، الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا قالت في وقت سابق إن التهديدات التركية تهدف لتكريس الفوضى وعرقلة التوافق الوطني السوري، مضيفة أن لها جانباً انتقامياً وتعتبر سلوك عدواني يرتقي لجرائم حرب.

وللحديث عن هذا الموضوع، وبهذا الخصوص عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الكاتب والباحث نبيه النبواني، ودار الحوار التالي:

*أستاذ نبيه مرحباً بك بداية، محطات للكهرباء والمياه والطاقة والوقود ومدنيين كل ذلك تربطه تركيا بما حدث في إحدى مؤسساتها بأنقرة، ما الهدف التركي اليوم من استهداف منشآت حيوية في شمال وشرق سوريا؟

أهلاً بك، الهدف واضح طبعاً وهو تخريب مشروع الإدارة الذاتية، وإحداث أكبر قدر من التخريب والتدمير في البنى التحتية والمؤسسات الخدمية، التي تخدم وتزود ملايين السوريين بسبل العيش، والهدف واضح وهو تهجير الأهالي وضربهم وتخريب منطقتهم وتمكين الإرهابيين فيها، ومنح داعش فرصة أخرى للهجوم على المنطقة من جديد وتدميرها.

تركيا لا تخفي هذه الأهداف وتعتبر الإدارة الذاتية خطر عليها، وتعتبر هذه التجربة في التعايش بين المكونات في الدفاع المشترك عن الحياة في وجه الإرهاب الداعشي وغير ذلك خطراً على تركيا وهي قالت ذلك، وتقوم في كل المحافل بمعاداة هذه التجربة وضربها وإمداد الإرهابيين وتدريبهم، وكذلك الهجوم المباشر ورعاية المجرمين الخارجين عن القانون، فهجوم تركيا وحشي يطال بنى تحتية من مدارس ومؤسسات ومنشآت خدمية لقتل الإنسان البريء الذي لا علاقة له بشيء، ونحن نعرف مدى كذب ودجل الحجج التركية.

*تحاول تركيا أن تستغل أي حدث من أجل القيام بهجوم بري عسكري على شمال وشرق سوريا، كيف يتم تفنيد كذبها؟

الإدارة الذاتية أعلنت وبشكل رسمي على لسان مسؤولين فيها، إن لا علاقة لها بالهجوم الذي حصل في أنقرة واستهداف مقر وزارة الداخلية، وهذا شأن داخلي تركي وهناك صراع منذ عشرات السنين بين حزب العمال الكردستاني وتركيا التي تنكر حقوق الشعب الكردي، هذه قضية داخلية تركية والإدارة الذاتية لا علاقة لها، مسؤولون كثر فيها أعلنوا أنهم لم يسمعوا بهذا الخبر إلا عبر وسائل الإعلام، وحزب العمال الكردستاني وقواته موجودة داخل تركيا، فإذاً هي حجة لتركيا لتعمد لتخريب منطقتنا، وجميعنا نعلم أنها تستهدف فقط مواقع مدنية وحتى وزارة الخارجية الأمريكية أوضحت في عدة منشورات لها إنه على تركيا وقف هجومها بالطائرات المسيرة، لأنها تعلم أن سيناريو تركيا مختلق وكاذب ومفتعل والهدف منه تدمير وضرب الإدارة الذاتية، وقتل وتهجير المدنيين بالدرجة الأولى وزعزعة استقرار المنطقة.

*الاحتلال التركي ذكر بوسائل إعلامه بأنه من أحد الاحتمالات هو هجوم عسكري بري على شمال وشرق سوريا، اليوم أي هجوم بري تركي بماذا مرهون برأيك؟

أعتقد إن الإدارة الذاتية والقائمين عليها وقوات سوريا الديمقراطية جميعهم يعلم بأن تركيا لن تدخر أي جهد لتخريب هذا النموذج، سواء بمساعدة المجموعات الإرهابية الخارجة عن القانون والتي تسمى بالجيش الوطني وتنظيم داعش الإرهابي، تركيا إذا ما وجدت المجال ووجدت الفرصة فسوف تهجم عسكرياً وفعلت ذلك في أعوام ٢٠١٨/٢٠١٩ وهجرت وقتلت واحتلت ورعت المجموعات الإرهابية، وأحدثت التغيير الديموغرافي، والجميع هنا يعلم أن تركيا هي دولة احتلال وهي لن تدخر أي جهد في الهجوم، فنحن في المنطقة لا نملك أي خيار سوى أن ندافع عن أنفسنا على كل الصعد وبكافة السبل.

* أعوام ٢٠١٦, ٢٠١٨, ٢٠١٩ كان يوجد موافقة ضمنية وواضحة من قبل المجتمع الدولي أو الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص على أن تقتطع تركيا جزء من الأراضي السورية، هذه المرة ردود الأفعال ضبابية بشكل ما، كيف نفهم هذه المواقف الضبابية، وهل نتوقع أن تكون هناك أي ردود فعل في الساعات أو الأيام القادمة؟

بغض النضر عن أي ردود فعل دولية أو ما أشرت إلى حدوث مقايضات للسماح لتركيا ضمنياً بالهجوم، تركيا دولة محتلة في سوريا، والقانون الدولي والأمم المتحدة الجميع يعلم ويقول أن تركيا محتلة أجزاء من دولة سوريا، سواء أن وافقت بعض الأطراف أو غضت الطرف أو قايضت أو عملت صفقات…الخ، تركيا تبقى دولة محتلة للأراضي السورية والشعب السوري من حقه أن يدافع عن نفسه وأن يرد عن نفسه العدوان وينهي تواجد الاحتلال التركي في أراضيه، أما عن التحالف الدولي وأمريكا على وجه الخصوص فلا يعتمد عليه بمساعدة أبناء المنطقة فتارة تحذر تركيا وتأمرها بوقف التصعيد عبر الطيارات المسيرة، وتارة تقول يجب التنسيق معنا بشأن استهداف المنطقة، فلا زالت الأمور ضبابية حتى الآن.

*البعض يقول أن تركيا تحاول تشتيت أنظار شعبها الذي وصل لحد الاختناق خصوصاً بعد الوعود التي لم يتحقق منها شيئاً بعد الانتخابات، هل هذا سبب أيضاً لهذه الاستهدافات الاخيرة ؟

بالدرجة الأولى العقلية العنصرية والأزمة الداخلية والانسداد الكبير في الداخل التركي، نحن نرى أن في تركيا الاقتصاد منهار، والناس أوضاعهم مزرية جداً، وهناك حزب منذ عام ٢٠٠٢ متحالف مع حركة عنصرية، الدولة التركية ووزير الخارجية الذي كان مسؤولاً عن الاستخبارات ويده ملطخة بالدماء يحاول تمرير الإرهابيين إلى سوريا ودعمهم، فنحن نرى أنها تحاول تصدير مشاكلها الداخلية إلى سوريا، وأن تجمد الشعب في تركيا وتخدعه بأن القضية الرئيسية هي في شمال وشرق سوريا وأن أوضاع تركيا ستتحسن إذا ما دمرت هذه التجربة، وهذا كله كذب، والمسؤول الأول عن الأوضاع في تركيا هو أردوغان وفريقه الفاشل الذي لم ينجح أبداً في حل القضايا العالقة في تركيا، ولم ينجح أن يطور الاقتصاد وأن يحسن المستوى المعيشي للناس، فالتراجع سببه العامل العسكري في حلولهم لكافة الأمور ونبذ الحل السياسي.

*كيف يستفيد تنظيم داعش الإرهابي من هذه الاعتداءات التركية؟

الكل يعلم أن هذه الهجمات اليوم تستهدف في إحدى أوجهها تقوية تنظيم داعش، ومنح الفرصة لخلاياه لكي ينظمون صفوفهم من جديد، ورسم مخططاتهم لضرب الإدارة الذاتية وتشتيت وقتل الأهالي فيها، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكل التكتلات والقوى الدولية المهمة تعرف أن الهجمات التركية بهذا الشكل وبهذا الحجم، واستهداف البنية التحتية هو منح فرصة أخرى لداعش وغير داعش من التنظيمات الإرهابية لتنظيم صفوفها في حالة التوتر والقلق وتستهدف المدنيين العزل وتخريب إدارتهم.

*كان هناك استهداف بالقرب من مخيم واشو كاني الذي يأوي النازحين من مدينة رأس العين المحتلة، المنظمات العاملة الدولية هناك أوقفت عملها، ما تأثير إيقافها على الوضع الانساني؟

طبعاً هذا الشيء من ضمن أهداف الضربات التركية، أن تمنع كافة وسائل الاتصال بين المنظمات الدولية وبين مناطق شمال وشرق سوريا، وتمنع المساعدات وتحول هذه المنطقة الآمنة إلى منطقة حرب وفوضى وهشة، بها أعمال تخريب لكي يتاح للإرهابيين من داعش وغيرهم أن يتدخلوا ويقتلوا الناس، ومنع الموظفين الأجانب خصوصاً من رفع تقاريرهم فيما يتعلق بالوضع الكارثي الذي تسببه تركيا.

*ختاماً كلمة اخيرة منك، المجال مفتوح لك..

المزاعم التركية حول عبور منفذي هجوم أنقرة الأخير بمناطق شمال وشرق سوريا حجج واهية وخطيرة على مصير شعوب المنطقة، تتمثل أهدافها في ضرب الأمن والاستقرار، وعلى المجتمع الدولي إدانة الهجمات العدائية التركية ومحاسبتها على جرائم الحرب التي ترتكبها في سوريا، وخصوصاً الولايات المتحدة وروسيا (الضامنين) بالقيام بمسؤولياتهم، وعدم السماح لتركيا في تصدير أزماتها، وضرورة احترامها لسيادة وحدود دول الجوار.