لكل السوريين

“النساء بسوق العمل” ظاهرة تتنامى في حمص

تزداد نسبة عمالة النساء يوما بعد يوم في عموم المحافظات السورية، وبشكل أكبر في حمص حيث تعمل هؤلاء النسوة في عملين بدلا من عمل واحد بهدف تلبية الاحتياجات المعيشية اليومية لأُسرهم وأبنائهم. على وقع تدهور الأوضاع المعيشية في سوريا وزيادة الأعباء المادية وهجرة نسبة كبيرة من السوريين خارج الحدود وخاصة فئة الشباب الذكور.

تعود أسباب ارتفاع نسبة عمل المرأة في المجتمع السوري عموما إلى الظروف المعيشية القاسية، وأنها السبب الأساسي والجوهري لبحث المرأة عن عمل آخر إلى جانب وظيفتها الحكومية، خاصة أن الرواتب لا تكفي سوى ليومين فقط، وسط استمرار ارتفاع الأسعار وتدهور الليرة السورية أمام العملات الأجنبية.

رغم أن نسبة كبيرة من النساء يفضلن الاستقالة من العمل للتركيز على رعاية أُسرهن، إلا أن الزوج وحده لا يستطيع تحمّل المصاريف المطلوبة، لذلك جاء العمل كحل للمرأة في ظل الظروف المعيشية الصعبة المفروضة على الجميع.

الظروف المعيشية الصعبة وغلاء الأسعار دفع النساء للبحث عن عمل آخر خاصة ممن يسكنن بالإيجار ويفتقدن للمعيل، غالبية النساء يجدن أنفسهن مجبرات لأن تعملن في وظائف مختلفة، نظرا لأن الدخل في مجال عملها التي تفضل يكون متدن.

باتت تختلف نظرة المجتمع تجاه عمل المرأة الثاني، فهناك من يعتبره ضرورة ملحّة في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، وبالتالي هو أمر طبيعي مبرر وحاجة أساسية لتحسين دخل الأسرة. ويعدّ عمل المرأة الثاني غير مشروع وخاصة بخروجها وعودتها بأوقات متأخرة من العمل، وما يشاع عن طبيعة هذا العمل ما يحدث خللا اجتماعيا على نطاق الأسرة والمجتمع.

يقلل عمل النساء وخاصة المتزوجات بدوام إضافي من تواجدها بشكل دائم مع أطفالها وأفراد أسرتها، ما يسبب خللا في توازن الأسرة وتأثر سلوك ونفسية الأطفال وزيادة الضغوطات عليها بسبب كثرة المهام داخل وخارج المنزل، وعدم حصولها على الراحة الكافية كما تصبح عرضة أكثر للمشاكل الصحية.

أجبر التدهور المعيشي خلال السنوات الماضية، المرأة لتكريس طاقاتها في ميدان العمل، حيث تلجأ للعمل المزدوج بشكل يومي في سبيل مواجهة الظروف الاقتصادية التي حوّلتها إلى حاملة المسؤولية الكاملة عن أسرتها في ظل غياب معيل الأسرة.

شهدت السنوات الأخيرة زيادة في عدد النساء العاملات في مختلف القطاعات، حيث تضطر المرأة إلى العمل لساعات طويلة وتأخرها أو إلى استقطاب عمل ثانٍ ما قد يؤدي إلى أسباب نفسية واجتماعية قد لا تكون مُرضية أبدا ولكن ظروف المعيشة وغلاء الأسعار، هو ما دفعها إلى اختيار العمل بوردية ثانية للتّغلب على مصاعب الحياة.

وأثبتت دراسات أخرى أن النساء اللواتي يعملن أكثر من 40 ساعة في الأسبوع يكنّ عرضة لخطر الإصابة بأمراض تهدد حياتهن، مثل خطر الإصابة بالسرطان والسكري والتهاب المفاصل وبعض الاضطرابات النفسية كالوسواس القهري والاكتئاب، كما أنهن أكثر عرضة لمتلازمة الاحتراق الوظيفي بشكل أكبر من الرجال.

في أعقاب تدهور الأوضاع المعيشية بسوريا تظهر بين الحين والآخر مِهنٌ جديدة بين النساء السوريات تتنوع وتختلف حسب الحاجة، فمنها ما هو موسمي ومنها الدائم، وتبدو هذه المِهن غريبةً على المجتمع السوري نوعا ما، مثل بيع الدخان والعسل على الأكشاك، والمازوت والبنزين والخبز على الطرقات، إضافة إلى انتشار ظاهرة المطابخ المنزلية، إضافة إلى التسويق الإلكتروني والعمل من المنزل.

نتيجة للغلاء المعيشي المهول، وفي ظل تدني الرواتب والمداخيل، اتجهت نسبة كبير من الجامعيين للعمل في أعمال تبدو غريبة على المجتمع السوري، مثل تنظيف البيوت أو العمل في المعامل والمِهن الحرفية أو التجارة اليدوية الحرة، كتصميم حرفيات خزفية سواء خشبية أو فضة وبيعها للمحال التجارية. كما يوجد بعض الشباب الجامعيين يعملون في بيع الخضار أو الفواكه أو أي مهنة أخرى في الأسواق، أو حتى سائق “تاكسي” أو عامل في مطعم، بغية إعالة أنفسهم وأُسرهم، وتغيير واقعهم الاقتصادي الهش إلى مستويات تتناسب مع الواقع المعيشي الصعب الراهن.