لكل السوريين

جولة اللجنة الدستورية السادسة.. بدأت بتفاؤل حذر وانتهت بخيبة أمل كبرى

تقرير/ لطفي توفيق

بعد توقف دام تسعة أشهر، انطلقت أعمال الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية المصغرة الأسبوع الماضي في جنيف، وسط تفاؤل حذر من المراقبين بأن تتوصل هذه الجولة إلى نتائج مغايره لنتائج الجولات التي سبقتها.

وقبل انعقاد الجلسة الأولى لاجتماعات هذه الجولة، أعلن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، أنه جرى الاتفاق بين الأطراف المعنية في اللجنة على أربعة عناوين رئيسة سيتم نقاشها في الاجتماعات المقبلة، وأعرب غير بيدرسون عن أمله في إحراز تقدم بناء على هذه التفاهمات المسبقة.

ولفت بيدرسون، إلى أنه لأول مرة، يجلس رئيس وفد النظام والمعارضة معه لإجراء مناقشة جوهرية وصريحة حول كيفية المضي قدماً في الإصلاح الدستوري.

وأشار إلى أن اللجنة السورية المشتركة وافقت على البدء بعملية صياغة لمسودة إصلاحات دستورية في البلاد.

وأكد أن رئيسي الوفدين “متوافقان على بدء عملية بلورة إصلاح دستوري في سوريا”.

وذكرت مصادر مطلعة، أن الأطراف الثلاثة سيقدمون مقترحات مبادئ دستورية ليتم نقاشها بين الوفود، ثم تطرح للنقاش في الجلسة الأولى من هذه الجولة، وبناء عليه بدأت الاجتماعات الجانبية للوفود على أن تستكمل بانعقاد الجلسة الاولى للمجموعة المصغرة.

وأعطى ترحيب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، بالجولة الجديدة للجنة الدستورية، مؤشراً على الدعم الدولي لعملها، مما عزز تفاؤل بعض المراقبين باحتمالية تحقيق تقدم حقيقي، وسط حديث عن ضغوط روسية على النظام السوري، لدفعه إلى تغيير طريقة تعاطيه في المباحثات، والانخراط في مناقشة ملفات من صلب الدستور.

جدول الأعمال

وفقاً لما تناقلته وسائل الإعلام عن مصادر من المعارضة، فالعناوين التي تم الاتفاق عليها هي الجيش والأمن والاستخبارات، وهو بند قدمه وفد المعارضة، وبند سيادة القانون الذي تم تقديمه من قبل أعضاء من وفد المجتمع المدني، بينما طرح الوفد الحكومي بند سيادة الدولة وبند الإرهاب والتطرّف الديني.

وحسب مصدر من المعارضة تم تحديد جدول الأعمال مسبقاً، كما تم الاتفاق على المنهجية، وآليات التنفيذ بالتفاصيل، قبل القدوم إلى جنيف.

و”بالفعل تم تطبيق هذه المنهجية وهذه الآليات في أول اجتماع، وتم البدء في المبادئ الأساسية في الدستور”، حسب رئيس اللجنة المشترك عن المعارضة هادي البحرة الذي قال أيضاً “بحثنا اليوم آليات النقاش وآليات العمل ضمن اللجنة الدستورية، وتم عقد أول جلسة حول صياغة الدستور وفق الصياغات الدستورية المقترحة، وانتهت مرحلة النقاشات المفتوحة، وتم البدء بالعملية الأساسية التي شكلت من أجلها اللجنة الدستورية”.

الاجتماع المباشر

وصف بيدرسون الاجتماع المباشر الأول بين الرئيسين المشاركين للجنة الدستورية السورية بالجاد والصريح، وأعرب عن سعادته للقائه مع رئيس وفد الحكومة ورئيس وفد المعارضة معاً.

وقال للصحفيين “كانت المرة الأولى التي يجلس فيها الرئيسان المشاركان معي لإجراء مناقشة جوهرية وصريحة حول كيفية المضي قدماً في الإصلاح الدستوري، وكيف نخطط للأسبوع الذي ينتظرنا.”

وأعرب عن أمله في مواصلة الاجتماعات “بنفس الروح”.

وكان بيدرسون قد أبلغ مجلس الأمن مؤخراً حول هذه المسألة، وأشار إلى أن اتفاق الرئيسين المشاركين بشأن المنهجية يستند إلى ثلاث ركائز شكلت أساس تعامله معهما، وهي احترام الاختصاصات والقواعد الإجرائية الأساسية، وتقديم نصوص المبادئ الدستورية الأساسية قبل الاجتماعات، وعقد اجتماعات معهما، قبل وأثناء الجلسة القادمة، إضافة إلى التزامهما بتحديد مواعيد للاجتماعات المقبلة ومناقشة خطة العمل.

جلسات الجولة

ناقشت اللجنة الدستورية المصغرة في اجتماعها الأول، المبادئ الاساسية لمشروع الدستور المنشود، وتم طرح النص الدستوري المقترح لمبدأ سيادة الدولة، وتمت مناقشته من قبل  الأطراف الثلاثة.

كما تم الاتفاق على النقاط الإجرائية لعمل اللجنة بشكل واضح ومكمل لمنهجية العمل التي تم التوصل إليها بين الرئيسين المشتركين بتسهيل من المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا.

وحسب مصدر من المعارضة، أتاح الاتفاق على هذه النقاط الفرصة لبدء الدورة السادسة على أسس سليمة أتاحت لها “إنهاء مرحلة النقاشات الدستورية المفتوحة، والبدء الفعلي لعملية صياغة مشروع الدستور الجديد لسوريا”.

وفي اجتماعات اليوم الثاني قدم وفد هيئة التفاوض السورية “صياغة محكمة تصلح أن تكون مادة دستورية، وجرت نقاشات تقنية وفنية حول المقترح من قبل أعضاء اللجنة” حسب مصدر من الوفد.

و”تمت مناقشة النص الدستوري الخاص بالجيش والقوات المسلحة وقوى الأمن والاستخبارات” حسب تصريح الرئيس المشترك للجنة الدستورية هادي البحرة.

وفي جلستي الاجتماع لليوم الثالث، تمت مناقشة مبدأ سيادة القانون في الدولة السورية، الذي تقدم به وفد المجتمع المدني، وأكد فيه بشكل واضح على ضرورة خضوع كل مؤسسات الدولة للقانون، وضرورة تنفيذها لكل القوانين المنبثقة عن الدستور.

وفي اليوم الرابع، تمت مناقشة مبدأ مكافحة الإرهاب والتطرف، الذي تقدم به الوفد الحكومي،

وأشار مصدر من وفد هيئة التفاوض إلى أن الوفد وافق على مناقشة هذا المبدأ لأنه هام لإعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا.

وأشار إلى أن النقاش من وجهة نظر الوفد سيكون حول “ما هي الخطة الوطنية التي ترافق الحل السياسي، والانتقال السياسي، والخطة المتكاملة لإعادة الأمن والاستقرار لأراضي سوريا”، وليس مكافحة الإرهاب فقط.

وفي اليوم الخامس تم عرض المبادئ الدستورية الأربعة التي تمت مناقشتها خلال الأيام الماضية، بعد أن عمل كل وفد على صياغة المقترح الذي تقدم به، وفق الملاحظات التي تمت خلال الاجتماعات اليومية.

وحسب منهجية العمل المتفق عليها، يتم إقرار المبادئ التي تمت مناقشتها، بالتوافق عليها من قبل جميع أعضاء الهيئة المصغرة، وفي حال لم يتم التوافق عليها، يعود الأمر للرئيسين المشتركين لإحالتها للتصويت، أو رفعها مباشرة إلى اللجنة الموسعة.

خيبة أمل.. واتهامات متبادلة

وبعد نهاية أعمال اليوم الخامس، أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، انتهاء الجولة السادسة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية “دون تحقيق تقدم”.

وقال بيدرسون في مؤتمر صحفي عقده في مقر الأمم المتحدة بجنيف، إن “الجولة اختتمت بخيبة أمل كبرى، فهي لم توصلنا إلى أي تفاهمات أو أرضية مشتركة بين الأطراف السورية”.

وأشار إلى أن المشاركين في الجولة لم يتفقوا على موعد الجولة القادمة من المفاوضات.

وتبادل وفد المعارضة ووفد الحكومة الاتهامات حول فشل هذه الجولة.

وقال الرئيس المشارك عن المعارضة السورية هادي البحرة في مؤتمر صحفي عقده عقب مؤتمر بيدرسون، إن “النظام لم يقدم أي ورقة للتوافق على مبادئ دستورية في اليوم الختامي لاجتماعات اللجنة الدستورية”.

وأشار إلى إن وفد النظام رفض التوافق على أي مقترحات في اللجنة، حتى المقترحات التي قدمها بنفسه.

في حين قال رئيس وفد الحكومة أحمد الكزبري إن وفده طرح خلال الجولة السادسة مبادئ “تعكس طموحات الشعب السوري وهواجسه، وجاء برغبة صادقة وروح إيجابية لعمل كل ما يمكن من أجل إنجاح هذه الجولة”.

وأشار إلى أنه “تم الاستماع إلى الطروحات التي قدمها بعض المشاركين والتي كانت للأسف منفصلة عن الواقع، بل كانت تعكس في بعض جوانبها أفكاراً خبيثة وأجندات معادية”.

تشكيل اللجنة وجولاتها

أعلنت الأمم المتحدة بتاريخ 23/9/2019، عن تشكيل لجنة دستورية سورية تضم ممثلين عن النظام والمعارضة والمجتمع المدني، لمراجعة الدستور بهدف التوصل إلى حل سياسي ينهي النزاع العسكري في سوريا.

وتضم اللجنة 150عضواً، تختار ثلثهم دمشق، وتختار المعارضة ثلثهم، ويختار المبعوث الدولي الثلث الباقي، كخبراء وممثلين للمجتمع المدني.

وكانت عملية تشكيل هذه اللجنة قد تعثرت منذ الإعلان عنها في لقاء جمع بعض الأطراف السورية في منتجع سوتشي الروسي، في كانون الثاني عام 2018، بسبب الخلاف على تشكيلة اللجنة، وآلية عملها، وتوزع المسؤوليات بين أعضائها.

الجولة الأولى

انتهت الجولة الأولى من المشاورات الدستورية التي بدأت في 4 تشرين الثاني 2019، دون تحقيق نتائج تذكر، وتحدث أعضاء الوفدين السوريين عن أجواء فاترة سادت المباحثات.

ومع أن المبعوث الأممي قال إن الجولة الافتتاحية “سارت بشكل أفضل مما كان يتوقع معظم الناس”، إلّا أن المحادثات التي استمرت على مدى عشرة أيام، لم تثمر عن أي اتفاق يؤسس لبناء الثقة.

الجولة الثانية

وانتهت الجولة الثانية لاجتماعات اللجنة الدستورية التي انطلقت في 29 تشرين الثاني 2019، دون التوافق حول جدول أعمال لجنة مناقشة الدستور.

وقال بيدرسون إن الخلاف بين الأطراف حال دون الدعوة إلى اجتماع الهيئة المصغرة المكونة من 45 عضواً، والموكل إليها مهمة صياغة الدستور الجديد.

وشدد المبعوث الأممي على أهمية العمل على حماية اللجنة الدستورية، وعلى استمرارية عملها.

الجولة الثالثة

كما انتهت أعمال الجولة الثالثة للجنة في 29/8/2020، دون تحقيق نتائج تذكر، واستمرت الخلافات العميقة بين الأطراف المشاركة فيها حول عدة قضايا.

وفي تصريحات صحفية عقب انتهاء الجولة، أشار المبعوث الدولي إلى دخول سوريا عامها العاشر في الحرب، دون التوصل إلى تقدم في عمل اللجنة.

وأكد على عقد جولة رابعة تستند على النقاط المشتركة بين الأطراف، دون تحديد موعد لها.

الجولة الرابعة

واختتمت اللجنة في مدينة جنيف السويسرية في 4/12/2020، مباحثات جولتها الرابعة دون نتائج تذكر أيضاً، واستمر اختلاف وجهات النظر بين المشاركين على ما كان عليه.

وأشار المبعوث الأممي إلى أنه لاحظ مع فريقه “أرضية مشتركة” حيال بعض القضايا بين المشاركين.

وقال إن لجنة مناقشة الدستور اتفقت على جدول أعمال الاجتماع المقبل تحت موضوع “المبادئ الأساسية للدستور”.

الجولة الخامسة

كما انتهت جلسات الجولة الخامسة للجنة الدستورية في 2/2/2021، دون أن تتوصل إلى اتفاق واضح حول وضع مبادئ دستورية تنتج عنها كتابة دستور سوري جديد.

وبعد انتهاء الجلسة، عقد بيدرسون، مؤتمراً صحفياً في جنيف، صرح من خلاله بأن ما تم الوصول إليه في أعمال هذه الدورة “مخيّب للآمال”.

وحمّل وفد النظام مسؤولية فشل الجولة، بسبب رفضه لمقترح تقدم به، ورفضه الوفد، بيمنا وافق عليه وفد المعارضة.

كما تخللت جلسات هذه الجولة انتقادات وجهها وفد المعارضة لوفد النظام السوري، واتهمه فيها بتعطيل أعمال اللجنة من خلال “إطالة وقت المداخلات”.

يذكر أن المبعوث الأممي إلى سوريا ركز خلال إفادته في مجلس الأمن حول مسار اللجنة

الدستورية السورية، على ضرورة وجود مسار مختلف في التعاطي مع عمل اللجنة الدستورية، وأشار إلى أن تطورات الأزمة السورية تفرض الحاجة الشديدة إلى “عملية سياسية أوسع”.

وأكد على ضرورة تهيئة الظروف الدولية لدفع مسار العملية السياسية السورية، وخاصة فيما يتعلق بالمسار الدستوري “الذى تغيب عنه الإرادة السياسية لدى طرفي العملية السياسية الدستورية، النظام وهيئة التفاوض المعارضة” الأمر الذى أدى إلى عدم قدرة الطرفين على تقديم تنازلات وازنة يعتد بها تدفع نحو حلحلة مسار التسويات السياسية للأمام، حسب تعبيره.