لكل السوريين

احترام الإنسان وإنسانيته

حقوق الإنسان هي المبادئ الأخلاقية أو التعابير الاجتماعية التي تصف نموذجاً للسلوك البشري، الذي يفهم بأنه مجموعة من الحقوق التي لا يجوز المس بها، وهي مستحقة وأصيلة لكل شخص كونها أو كونه إنسان، فهي ملازمة لهم بغض النظر عن هويتهم أو، مكان وجودهم أو، لغتهم أو، أصلهم العرقي أو، دينهم أو أي وضع أو حمايتها.

إن إنسانية الإنسان لا حدود لسماء إنسانية البشر الحقيقية، وعِظَمِ مقامها لدرجة صعوبة درك أعماقها الأخلاقية بسهولة ويُسر، بينما الوصول الى قعر جمال مُحيطها الهادر يتطلب العمل الجاد المتواصل.

والإنسانية أساس الوجود البشري ولكنها تتلاشى بأقل حركة غير محسوبة أو كلمة وتصرّف خطأ بأي لحظة وآنٍ. انحراف المرء عن المنهج الإنساني القويم بسُلوك سبيل التعصّب والتمييز والعنف هدرٌ لعلو مكانته المعنوية وتضييع لسمو هذا المقام المميز؛ فالشخص الذي يخدع ويكذب وينافق ويحقد ويغتاب ويسلك سبيل العنف والغدر والقتل بسبب أنانيته، أو حُبًّا للجاه والمال والسُّلطة يضر نفسه أولا بتخلّيه عما كُتب له من علو المقام والمكانة، إنه خيار المرء ليكون بأحسن تقويم أم العكس الأنانية، حب الذات والتعصّبات أمراض تُصيب الإنسانية في مقتل وتُزيل المشاعر الروحانية الجميلة، تعمي البصر والبصيرة وتسلب حياة القلب والروح.

الإنسانية جوهرة ثمينة تُميّز البشر عن سائر الكائنات بمجموعة من الخصال والصفات التي تُحلق بالمرء في سماء طيب الأخلاق وسمو الصفات حتى يصل الى مرحلة الشعور بوجوب احترام الجميع وتقديرهم والتمنّي لأخيه بالإنسانية ما يحب لنفسه فيصبح انعكاسا لحقيقة أن الإنسانية أساس جوهر الوجود البشري وذاته الروحانية، صفات ملكوتية يكتسبها المرء من خلال التربية الصحيحة بالصغر، تربيةٌ تُقوي استعداداته الروحية الكامنة بوجوده، تدعم قدراته الفطرية وإمكاناته الإنسانية، تُحرر الطفل من تصرفاته غير المرغوبة؛ كالأنانية والحسد والكذب وتكبح جماح غرائزه السلبية وتُساعده على تنمية استعداداته وقابلياته الإيجابية، تُقوي قدرة التحكّم بالغرائز البشرية وتمنحها زخما عظيما.

تُسهم التربية الصحيحة في خلق إنسان قادر على بناء علاقات طبيعية مع الآخرين والتعامل معهم وفق متطلبات المجتمع والمصلحة العامة؛ فـ (التربية في الصغر كالنقش على الحجر).

الإنسانية، كمعاملة وسلوك، هي ممارسة للوعي الروحي والمعنوي والتعامل بالحب والمساواة واحترام كرامة الناس، وفقا للمبادئ والحقوق الإنسانية والاستمتاع بلوحة التنوّع الثقافي والديني والوطني والجنسي التي خلقها الله من دون التَّمْييز بين البشر.

تظهر السلوكيات الإنسانية بالتربية الصحيحة التي تُصقل إنسانية الإنسان لتُخرج جواهره للوجود، كما يُصقَل الكربون ليمنحنا حجر الماس. التربية تبني الأُسس الفكرية الصحيحة للمرء بانعكاساتها الأخلاقية المُؤثرة في تصرفاته اليومية، لتُساعده على التعامل الإنساني مع الجميع، تُسهم في تحقيق الانسجام النفسي والروحي مع الذات وتجاه الآخرين لتمنحنا بذلك فرصة ثمينة لبناء أسس ومُقوّمات وحدة العالم الإنساني وتأمين معيشة مُرفّهة وسعيدة وحياة آمنة.

احترام البشر أساس وجوهر التعايش معًا لتأمين العمل الإنساني المشترك وبناء قواعد العدل والمساواة بالعالم عبر دعم هذه الثورة الروحانية والأخلاقية. نتساءل: هل نمتلك الوقت لتربية أطفالنا، أم نترك هذه المهمة الحياتية للآخرين؟، نامل أن تكون رقتنا نموذجا يحتذى به.