حلب/ خالد الحسين
بعدما كانت أسواق حلب تكتظ بعدد كبير من التجار وكانت تعتبر الأولى على سوريا من حيث التجارة والاقتصاد المتنامي وأصحاب المهن والحرف التقليدية القديمة والنادرة باتت اليوم تخسر تدريجياً تجارها وحرفيها والسبب الهجرة، ومن الملحوظ مؤخراً كثرة عبارة ” للبيع ” معلقة على المحال التجارية أو البيوت السكنية.
ودار الحديث مؤخرًا عن انخفاض غير مسبوق في عدد التجّار بحلب، بعدما كان بعضهم يشكل رمزاً رئيساً من الرموز الاجتماعية للعاصمة الاقتصادية السورية، وركناً أساسياً من أركان اقتصادها ونشاط أسواقها على مدار تاريخها.
وخلال تصريحات قد تكون الأولى من نوعها، كشف رئيس غرفة تجارة حلب، عن وجود انخفاض لافت في عدد التجار المنتسبين للغرفة.
وفي التفاصيل، فقد أكد المسؤول انخفاض عدد المنتسبين لغرفة تجارة حلب ووصوله مؤخراً إلى 7500 منتسب بعد أن كان خلال العام الماضي 9440 منتسباً، علماً أن عدد المنتسبين للغرفة كان قبل إصدار قانون التأمينات الاجتماعية الذي ألزم التجار بتسجيل عمالهم في التأمينات حوالي 16000 منتسب.
أعاد شهبندر التجار السبب في الانخفاض لعدم قدرة الفعاليات التجارية على الاستمرار بالعمل نتيجة ارتفاع التكاليف والنفقات المترتبة عليها والضرائب المفروضة المرتفعة وفرض التسجيل بالتأمينات الاجتماعية على الفعاليات التجارية الصغيرة، إضافة لعدم توافر مستلزمات العمل التجاري الأساسية وارتفاع أسعارها كحوامل الطاقة ما دفع كثيراً من الشركات التجارية العاملة في سورية للذهاب اليوم إلى بلدان أخرى.
وفي تصريحات صحفية بيّن أن تكاليف العمل في سورية باتت مرتفعة مقارنة بالتكاليف في البلدان المجاورة، فعلى سبيل المثال أصبح استيراد المواد الأولية صعباً وتكاليفه مرتفعة وطرق تسديد قيم المستوردات صعب ونتيجة لذلك أصبحت الدول المجاورة تنافسنا نتيجة العديد من العقبات، في حين تقدم الكثير من التسهيلات في هذه الدول.
ولفت إلى أن هناك تسهيلات تقدمها الحكومة للتشجيع على العمل التجاري والصادرات لكنها لا تكفي لمنافسة دول أخرى نتيجة انخفاض التكاليف لديها مقارنة بتكلفة إنتاج البضائع المحلية ما يتسبب بخسارتنا الأسواق الخارجية.
ورأى أن الشيء الأساسي الذي نحتاجه من أجل تحريك عجلة العمل الاقتصادي هو توافر حوامل الطاقة من محروقات وكهرباء وغاز وتخفيض أسعارها وثباتها وعدم تغير أسعارها بشكل يومي، والتي تعتبر عوامل أساسية في عملية الإنتاج وتسهم في تخفيض التكاليف، لتعود سورية كما كانت سابقاً من أكثر الدول التي تباع منتجاتها في جميع أنحاء الوطن العربي.
واعتبر أهم بند يحكم العمل التجاري اليوم هو المحافظة على رؤوس الأموال، مضيفًا: “لكن للأسف الكثير من رؤوس الأموال السورية تم جذبهم إلى دول أخرى، ما جعلنا اليوم في سباق مع الزمن للعمل على تشجيع الاستثمار وإعادة المستثمرين ليس فقط من خلال إصدار القوانين وإنما من خلال تقديم تسهيلات كبيرة للمستثمرين كي ننتج بضائع بتكاليف منخفضة يسهم بزيادة حركة الصادرات السورية إلى الخارج”.
في الاتجاه المقابل، رأى عضو مجلس إدارة غرفة تجارة حلب، أن انخفاض عدد المنتسبين للغرفة سببه الأساسي القانون الخاص بغرف التجارة والذي ينص على وجوب تسجيل عمال بالتأمينات الاجتماعية من أجل الحصول على السجل التجاري، والذي أصبح عبئاً على العديد من هذه الفعاليات، إضافة لفرض ضريبة الرواتب والأجور.
واعتبر أن هذه الأعباء المفروضة على المنشأة أو الفعالية التجارية للتسجيل بغرف التجارة سببت انخفاض عدد السجلات التجارية.
وأشار إلى أن العديد من التشريعات التي صدرت والتي تخص العمل التجاري أدت إلى ارتفاع حجم اقتصاد الظل من خلال لجوء العديد من الفعاليات إلى عدم التسجيل بغرف التجارة وإحدى هذه التشريعات هو القانون رقم 8 والذي أدى إلى خروج الكثير من الفعاليات من العمل التجاري ولجوئهم للعمل تحت مسمى اقتصاد الظل، إضافة إلى طريقة احتساب ضريبة الدخل من قبل المالية والتي لم تكن منصفة وأدت إلى خروج العديد من الفعاليات التجارية من العمل.
وعن تأثير استقرار سعر الصرف في العمل التجاري بيّن أن استقراره مؤخراً يعتبر عاملاً مؤثراً ومهماً وأساسياً في ارتفاع حجم الإنتاج والعمل لكن المشكلة الأساسية التي نعاني منها ارتفاع تكاليف العمل بشكل كبير والنفقات وارتفاع مستلزمات العملية الإنتاجية من محروقات وغيرها.
وعلى سبيل المثال فإن الفعالية التجارية التي كانت نفقاتها سابقاً بحدود 20 مليون ليرة أصبحت اليوم بحدود 200 مليون.