لكل السوريين

تخرجتا من الجامعة، وقتلتا بعد أسبوع.. قصة فتاتين أعدمهما داعش، وأهليهما لا يزالون يتذكرون

السوري/ الرقة ـ عاشت نساء الرقة واقعا مأساويا إبان تواجد مرتزقة التنظيم في مدينة الرقة، حيث عمد مرتزقة التنظيم لافتعال جرائم عديدة بحق النساء، لا تختلف عما تعيشه النساء المتواجدات حاليا في المناطق التي تحتلها تركيا ومرتزقتها في الشمال السوري.

عمل مرتزقة تنظيم داعش على منع الخروج من مناطق سيطرتهم في الفترة التي خضعت الرقة ومناطق سورية أخرى لحكمهم، ومن كان يخالف ذلك كان يلقى عقابا يفقده حياته، وهذا ما حدث مع الشابة رهف الخضر وصديقتها روزا، واللتان كانتا يستعدان للذهاب إلى مناطق الحكومة لإتمام الدراسة الجامعية.

لم تكن الفتاتان المغدورتين تعلمان أن السعي وراء العلم ينهي حياتيهما، حتى انتهى بهما المطاف بحالة قصاص تعرضتا لها على يد إرهاب لا يفرق بين بشر ولا حجر.

حسين خضر الشواخ، أحد أهالي مدينة الرقة، وهو والد رهف ذات العشرين ربيعا، لا يزال يتذكر المأساة الحقيقية حسب وصفه، فهو فقد فتاة في ريعان شبابها، والدموع لا تزال تنهمر على خديه، فبعد عمر الخمسين فقد فلذة كبده.

وقال حسين “لم تكن ابنتي الوحيدة التي قتلت على يد داعش، فغيرها يوجد الكثير من بنات الرقة وسوريا اللاتي لقين حتفهن على يد مرتزقة التنظيم الإجرامي، للأسف لم يكن ذنبهن سوى أنهن ذهبن لإتمام طريق علمٍ خطنه منذ صغرهن”.

ويضيف “بتاريخ 26\ 4\ 2017 تلقيت خبر مقتل ابنتي رهف مع صديقتها روزا في ساحة الرقة وسط المدينة، وعلى مرأى الناس أجمع، دون رحمة أو شفقة، رهف تدرس أدب عربي، ودراستها لم تكن مخالفة للدين الإسلامي كما كانوا يتحججون على الضحايا من الطلبة”.

وأشار إلى أن ابنته لم تكن راضية يوما عن الواقع الذي عاشته مدينة الرقة أثناء سيطرة التنظيمات الإرهابية المتوالية، وفضلت إكمال دراستها، إلا أنها كانت نهايتها.

وعن تفاصيل حادثة اعتقالها قبيل إعدامها، يوضح “أنهت رهف دراستها الجامعية، وعادت حاملة للشهادة بفرحة لا توصف، لم تستمر فرحتها سوى بضعة أيام، حتى أشيع أنها تخرجت، وفي ليل الـ 3 من نيسان من العام 2017 تفاجئنا بأصوات أشخاص اقتحمت منزلنا، وعندما شاهدت اللباس الأسود عرفت أنهم جاؤوا ليأخذوا ابنتي”.

أول سؤال وُجِه لرهف أمام مرأى أبيها، أين كنتي؟، متى خرجتي من الرقة؟، أنت نصيرية، وأخرجوا أبيها من الغرفة التي كانوا يحققون بها مع رهف، وبعدها خرجوا ورهف يعلو صوتها بالصراخ، حيث أنهم اعتقلوها إلى أحد مقراتهم في الرقة.

ويقول والد رهف “في أثناء اقتيادهم لابنتي حاولت اللحاق بهم، وقالوا لي سنعيدها غداً، وفي الصباح الباكر وأنا أتحضر للذهاب وإذ بأهل صديقتها روزا يتصلون بي، ويخبرونني بأن روزا أيضا اعتقلوها برفقة رهف، جن جنوني، هنا انتابني الخوف”.

بقيت رهف وروزا قيد التحقيق، لمدة أسبوع، ولا يعرف ذويهما أين حط بهم الرحال، ذهب والد رهف للسؤال عن ابنته، وقام بعض المرتزقة بطرده من الباب، وأخبروه بأنها بخير، وريثما ينتهي التحقيق ستعود برفقة روزا.

استمر الحال على ما هو عليه لمدة 23 يوما، وكل صباح يذهب والد رهف برفقة والدة روزا إلى مقر “الشرطة الإسلامية” للسؤال عن ابنتيهما، ولكنهما يعودان خاليي الوفاض.

أفرج مقاتلي التنظيم عن بعض النساء، وسارع ذوي البنتين إليها للاطمئنان على مصير بنتيهما، ولكن المرأة لم تجبهم بأي شيء، مكتفية بالقول “لم أواجه أيً منهما”.

وفور وصولهما إلى منزليهما، وإذ بخبر مقتلهما ينتشر بين الأهالي والجيران، هنا كانت الصدمة، فتاتين في مقتبل عمرهما يقتلان بكل دم بارد، هذا كان حال كثير من النساء في تلك الفترة، وأكثر من ذلك حيث أن أغلب أهالي المدينة لا يجرؤون على فعل شيء لمواجهة التنظيم الإرهابي.

تقرير/ مطيعة الحبيب