لكل السوريين

ارتفاع معدل “العنوسة” يعكس التدهور الاجتماعي في إدلب

السوري/ إدلب ـ لقد أثرت الحرب في سوريا على حياة الفرد بشكل كبير، وهذا لا يخفى على أحد حيث تضرر المجتمع المدني ككل معارض كان ام مؤيد، وهنا نود تسليط الضوء من خلال “صحيفتنا” على ظاهرة العنوسة وما يقابلها الزواج المبكر.

حيث باتت تكاليف الزواج باهظة وتأمين مستقبل الشباب امراً صعباً، نتيجة تداعيات الحرب والأزمة الاقتصادية الخانقة، الأمر الذي ضاعف معدل العنوسة في ادلب على وجه الخصوص، وقد كان لنا لقاء مع الدكتور النفسي حازم المصطفى من ابناء ريف دمشق، والذي يقطن مدينة ادلب حالياً حيث علق على هذا الموضوع من خلال وجهة نظره.

أن ارتفاع سن الزواج والذي أطلق عليه (العنوسة)، هو نتاج ظروف تمر على المجتمع، وأهم تلك الظروف هي الحروب والتي بدورها تجبر الشباب على العزوف عن الزواج، حيث ارتفع معدل الزواج لدى الفتيات من 22الى 35سنة وعن فئة الشباب من 26الى37سنة.

ويضيف أن سن الزواج لدى الطبقة المثقفة هو مرتفع اساساً في سورية، أما ظاهرة العنوسة فهي حالة موجودة اصلاً، ولكن ظروف الحرب وتداعياتها، جعلت من تلك الظاهرة أمراً ملحوظاً، الأمر الذي جعل أهل الفتاة يبحثون عن الزواج اليسير، والذي يتجلى بتخلي الاهل عن الكثير من المستلزمات والمصاريف، كاللباس، ومراسم العرس، والمسكن، والكسوة، والذهب، وخاصة في أماكن النزوح والمخيمات حيث تقف مطالب والد العروس على “السترة”.

مشاكل عدة باتت تطفوا على السطح بشكل أسرع مع دخول الأزمة عامها العاشر، وكما ذكرنا سابقا العنوسة والزواج المبكر ومن مخلفاته العنف ضد المرأة.

وما إن تسال أحد الشباب عن عزوفه عن الزواج حتى يشير بيده الأولى ارتفاع الاسعار الجنوني، والتي تلاحق مستلزمات الزواج، والأخرى الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد، وهنا نود الإشارة إلى الفارق في سعر بعض مستلزمات الزواج، حيث ارتفع سعر غرفة النوم المتوسطة من 75الف الى 500الف ليرة سورية، وفي حين الذهب لم يكن بحال أحسن، حيث ارتفع غرام الذهب من 17 ألف الى 100الف ليرة سورية، وينطبق الحال على غلاء أجرة العقارات، إذ أصبح الحصول على منزل في منطقة آمنة صعب المنال.

ش. خ من بنات معرة النعمان، طالبة في كلية الحقوق جامعة ادلب تقول: من المعروف أن الفتاة بعد الانتهاء من تحصيلها العلمي، هناك هدفين أمامها الأول الالتحاق بوظيفة، والثاني البحث عن الزواج والاستقرار.

إلا أن ما آلت إليه ظروف البلد، وشبابها أصبح يشكل عامل قلق مخيف لدى شريحة واسعة من الشباب، والشابات، المقبلين على تلك المرحلة بحسب قولها.

وأضافت، كما أن العادات والتقاليد في مجتمعنا الشرقي له دور بارز في زيادة نسبة العنوسة، فأغلب البنات يتعرضن لحصار خانق في المنزل، وكبت لحريتهن من قبل الأهل وفي بعض الأحيان يتعرضن للعنف، في حال تجاوز تلك الخطوط الموضوعة، باسم العادات والتقاليد، وأيضا هناك عامل الفقر، وهو من أهم الأسباب الرئيسة التي فاقمت العنوسة، حيث دفعت معظم الشباب للهجرة خارج البلاد بغية تأمين مستقبلهم المفقود.

فاتن من مدينة سلقين، وهي إحدى ضحايا العادات والتقاليد، حيث قالت، لقد تقدم لي الكثير من الشباب ولكن كان الرفض دائما من قبل عائلتي، لأنهم فقراء ولا يملكون المال، في حين يقوم والدي برفع المهر بغية إجبار الشاب عن التخلي عن الفكرة، وها أنا ذا قد تجاوزت 35 وفقدت فرصة الزواج، وأصبح الحلم صعب المنال، إذ أن فرصة الزواج بشاب أصبحت صعبة، وأن مستقبلي قد يكون إما مع رجل فقد زوجته، أو أن أتزوج برجل كبير السن ويملك المال.

أما معتز، فكان له مبرر من نوع آخر، حتى يزوج ابنته التي تبلغ من العمر 14سنة، مبينا من الطبيعي أن تكون الفتاة أمام خيارين الأول اكمال دراستها، والثاني زواجها فإذا تعذر الأول، عليك بالثاني، وهذا ما فعلته، إذ أن غياب التدريس، وإغلاق المدارس، جعل خياري الثاني هو الأوفر، حيث أن الفقر وانعدام الدخل كان أهم الأسباب في القبول بتزويج ابنتي، وأعرف تماما أن ابنتي قاصر، ولكنني اغتنمت الفرصة وقبلت تزويجها، بعد معرفة أن الشاب حاله المادي ميسور وأن الفرصة ثمينة ولن تتكرر.

تغيب الإحصائية الدقيقة عن أعداد الفتيات العوانس في ادلب، حيث الكثافة السكانية، وتوجه الشباب للعمل ضمن الفصائل المسلحة، ومقتل عدد كبير منهم، واعتقال الكثير لدى أفرع الأمن السورية.