لكل السوريين

أهالي طرطوس مجبرون على السكن بالأرياف البعيدة لغلاء العقارات في المدينة

تقرير/ اـ ن

تسجل بدلات الإيجار في مدينة طرطوس وريفها ارتفاعا جنونيا، إذ يتجاوز إيجار المنزل شهريا الـ ٣٥٠ ألف ليرة أي ما يزيد عن راتب موظف لخمسة أشهر، وأن الإيجارات تواصل الارتفاع، وأصحاب العقارات يرفعون الإيجار كل ٦ أشهر وأحيانا أقل بحجة ارتفاع أسعار مواد البناء والعقارات، وأحيانا تكون المنازل قديمة وبحاجة لصيانات كثيرة وعلى الرغم من ذلك لا تهبط أجرتها عن ٢٠٠ ألف، كما تراوحت الإيجارات في الأرياف البعيدة ومناطق المخالفات بين 200 الى 300ألفا على الرغم من بعدها وسوء خدماتها، كما ترتفع إيجارات المحلات التجارية وبخاصة في الأسواق، ويتجاوز الخمسة المليون ليرة.

السيد المهندس رواد أخبرنا: ان ارتفاع أسعار الإيجارات يعود إلى ارتفاع كلفة الشقة أساسا وكلف الإكساء التي ارتفعت 90 ضعفا، ومع الركود الحاصل في سوق العقارات، بعد صدور قانون البيوع الذي يفرض مزيدا من الضرائب على البائع والمشتري، ارتفعت أسعار الإيجارات بأكثر من 300في المئة خلال الأسابيع الأخيرة، ويضطر كثر من المهجرين من مناطق طالتها العمليات العسكرية، منذ 2011، إلى السكن في منازل على الهيكل، أي بدون إكساء، في طرطوس وضواحيها، وذلك لانخفاض إيجاراتها نسبيا، ويشهد سوق العقارات شللا شبه تام، فضلا عن ركود حركة البيع والشراء عموما، بخاصة بعد صدور قانون البيوع الذي يفرض تعقيدات وضرائب كبيرة، ويتألم المواطنون في طرطوس كغيرهم من السوريين من لهيب نار أسعار العقارات التي ارتفعت بشكل غير مسبوق حتى بات شراء منزل حلما صعب المنال، قياسا لدخل المواطن شبه المعدم، حتى أضحى استئجار غرفة صغيرة تستر العائلة، وليس شقة، أمرا في غاية الصعوبة.

السيدة ولاء مهندسة معلوماتية في الدريكيش أوضحت لنا وقالت: تشير الوقائع إلى أن هناك ارتفاعا جنونيا لأسعار الشقق السكنية في مركز المدينة، وأن حركة البيع والشراء انخفضت منذ مطلع العام بسبب الغلاء الفاحش والتضخم بالأسعار وخوف الناس من البيع، وبينت: أن ارتفاع الأسعار وتضخمها بدأ عام الـ 2019، فسعر المنزل الصغير الذي لا يتجاوز الـ 60 مترا لا يقل عن 150مليون ليرة، هذا في الأحياء المحيطة بمدينة طرطوس، أما داخلها فلكل بيت سعر خيالي لا يصدقه عقل، فقد تجد بيتا بـ 400مليون ليرة، وآخر بـ 600مليون وأكثر، أما المحل التجاري الذي كان سعره 10 مليون فأصبح اليوم بـ 100مليون ليرة وأكثر، وأن سعر الشقة – بيعا أو إيجارا – يختلف حسب موقعها من السوق ورقم الطابق والمنطقة والشارع، لافتا إلى أن إيجار أفضل بيت كان العام الماضي خمسين ألفا، وان ارتفاع أسعار العقارات انعكس سلبا على غلاء الإيجارات، حيث يبدأ إيجار شقة صغيرة  في أحياء المدينة بـ 300 ألف ليرة حسب الموقع، وينتهي حسب ضمائر أصحاب العقارات والسماسرة الدلالين، كما أن إيجار مكتب تجاري يبدأ بـ 400ألف ليرة، والوضع ليس أفضل حالا في باقي المناطق، فأصحاب الملك يشترطون ويتدللون مستغلين حاجة المواطن، مع الإشارة إلى أنه مع كل تجديد لعقد الإيجار يرفع المالك الأجرة دون رحمة أو شفقة.

السيدة أحلام المحامية القادمة من ريف الشيخ بدر إلى طرطوس للعمل، لم تتمكن من استئجار مكتب مع زميلتها إثر ارتفاع سعره حيث وصل إلى 400ألف ليرة، وتساءلت معنا وقالت: أين الجهات المعنية من ضبط سوق العقارات؟ واضافت أن رفع الدعم عن بعض شرائح المجتمع وقع على رأس المستأجر لأن المالك يريد أن يربح ويعوض مدخوله بدل الدعم الذي سحب منه، وبينت أن حركة البيع والشراء ضعيفة بسبب ارتفاع أسعار العقارات الناجم عن ارتفاع أسعار مواد البناء الخام، وأن القيمة الرائجة غير متناسبة مع طبيعة المناطق جغرافيا، فالغبن في قانون البيوع العقارية للمالك والشاري  انعكس بشكل كبير على الشريحة طالبة السكن إثر ارتفاع الضرائب، كما أن تخمين الإيجار من المالية ونقل العقارات على القيمة الرائجة عليه الكثير من الملاحظات، إذ يكلف نقل عقار داخل التنظيم 4-5 مليون ليرة، وأن الكثير من المواطنين أوقفوا أعمالهم نتيجة القانون وظلمه، كما أن المالك والمستأجر يتهربان من إبرام عقد إيجار للتهرب من دفع الضرائب، وأشارت إلى تأخر إنجاز أية معاملة عقارية في إحدى دوائر المالية بنسبة 90%، فالمعاملة التي كانت تنجز بيومين، أصبحت تنجر خلال شهر، وبعد أن كان الحصول على براءة ذمة بخمس دقائق الآن تحتاج أسبوعين، وذلك بسبب عدم توفر الكهرباء وقلة المحروقات لتشغيل المولدات وعدم خبرة بعض موظفي المالية بالتعامل مع الحاسب حيث أن خطأ صغير برقم ما يعيد الإضبارة أو المعاملة إلى المرحلة الأولى في رحلة إنجازها، وأن تنفيذ أية معاملة يستلزم مراجعة المالية عشرات المرات، كما أن القادم من الريف يتكبد أجور نقل تصل حد الـمائة ألفا، وهنالك عدم تنسيق بين الدوائر المعنية من كهرباء واتصالات، ومن الأفضل كتابة المعاملات يدويا لحين توفر الكهرباء، وأضافت المحامية: أن من يتحكم بسوق العقارات هو العرض والطلب، وأن الأمر يعود لرغبة الشاري وظروف البائع، ويجب إعادة النظر بقانون السجل العقاري وإحداث قانون يتوافق مع متطلبات العصر وإعادة النظر بقانون ضريبة البيوع العقارية لأنها مرتفعة جدا، أن ارتفاع أسعار العقارات مستمر طالما هناك عدم استقرار أو ضبط لسعر الصرف.

السيد عمران وهو صاحب مكتب عقاري في منطقة دير طه أخبرنا: ان الأسعار المطروحة حاليا بالافتراضية وليست واقعية إطلاقا، وأن موجة ارتفاع الأسعار بدأت تتزايد منذ اوخر2019، ،وأشار الى صعوبة إيجاد زبون لعقار تم عرضه بالسعر المفترض، وفي حال تم ذلك، يباع العقار بنصف السعر المعروض به بعد المفاوضات بين البائع والمشتري، مع ذلك يبقى السعر مرتفعا للغاية، حيث أن عمليات بيع وشراء العقارات السكنية بطرطوس نادرة جدا، فيما تتزايد بشكل نسبي عمليات بيع وشراء العقارات التجارية، أما إيجارات العقارات السكنية والتجارية فتشكل نسبة 90% من التداولات، وحول أسعار المنازل في وسط المدينة وضح أنها بين مليون ومليونين ليرة سورية لـ المتر الواحد بدون إكساء، وتزداد أسعار المنازل المكسوة بنحو 50%، وتختلف هبوطا كلما كان موقعها قريبا من الأرياف، لكنه يبقى سعرا افتراضيا كون عمليات البيع والشراء بحالة فتور بسبب رفض الزبون الشراء بالسعر الخيالي، ورفض البائع التنازل، إذ يرى الأخير أن العقار أفضل من المال.