لكل السوريين

لماذا يلجأ أهالي حمص إلى بسطات البالة؟

تقرير/ بسام الحمد

تنشغل سعاد في البحث بين أكوام الملابس على إحدى بسطات البالة في سوق الدبلان بحمص معبرةً عن رغبتها وشغفها بألبسة البالة مبررة ذلك بجودتها وأسعارها المنخفضة مقارنة مع أسعار البضائع المحلية الجديدة.

ولا تشعر المرأة بالخجل أو الإحراج من شراء كل حاجياتها من أسواقها بل على العكس تماماً فهي تنفرد بين زميلاتها في العمل بألبسة ذات ألوان وأقمشة مميزة حسب قولها إضافة إلى سعرها المقبول مضيفةً أنّ أسعار الملابس والأحذية في البالة ارتفعت بشكل كبير.

سوق البالة في حمص بات يشغل عموم الأسواق بمحال متفرقة ومتلاصقة حيث تنتشر البسطات والمحلات كما توجد محلات لبيع الألبسة المستعملة في أسواق عديدة، لكونها تجذب المستهلكين بجودة بضاعتها ورخص الثمن نوعاً ما.

ورغم أن الألبسة المستعملة باتت شائعة ونموذجاً لأناس من شرائح وأعمار ومهن مختلفة، إلا أن “البالة” استطاعت بتصنيفات جودتها وتفاوت أثمانها التمييز بين طلب سوري وآخر.

وتدرجت نظرة سكان حمص للألبسة الأوربية المستعملة، فمن تجاوز خجل ارتدائها قبل نحو عشر سنوات، انتقل زبائن إلى التباهي بها قبل أعوام قليلة، ليصبح غالبيتهم الآن خبيراً بتصنيفاتها المتفاوتة الجودة والأسعار.

وقبل عشر سنواتٍ من الآن، كان “لليرة السوريةِ عزها” كما يقول سوريون، يومَ كان سعر صرف الدولار الأميركي يعادل 50 ليرة سورية، وكان راتب الموظف السوري يكفيه ثمنَ طعام وشراب ولباس لأولاده.

في ذاك الوقت، كانت النسبة العظمى من الأسر السورية تستطيع ارتداء ملابس جديدة من أسواق المدن، رغم اختلاف الجودة والنوعيات بين بضائع محلية ومستوردة، وكان الحديث عن ملابس البالة حينذاك “همساً” إلا بين قليل ممن يفضلون ماركات أجنبية.

يقول أحد صاحب محل لبيع الألبسة المستعملة في أسواق حمص أنّ روّاد البالة لا يقتصرون على الطبقة ذات الدخل المحدود بل تشمل كافة شرائح المجتمع من مثقفين ومتعلمين وميسوري الحال ومحدودي الدخل، وقال هناك زبائن أقوم بعرض البضاعة أمامهم لاختيار ما يعجبهم قبل عرضها في المحل أو على البسطات.

ويضيف أنهم زبائن منذ سنوات طويلة فهو يعمل في هذه المهنة منذ ما يزيد على ثلاثين عاماً أما الإقبال على الشراء فهو متوسط وخاصة أننا في نهاية الموسم الشتوي وهناك تخفيضات، ولكن انخفاض القدرة الشرائية أثرت سلبياً على كلّ نواحي الحياة ومن ضمنها ألبسة البالة، وأشار أن سعر القطعة الواحدة تتراوح في محله بين 15 -20 ألف ليرة، وأنّه يوجد قطع ملابس يصل سعرها إلى مئة وخمسين ألف ليرة.

ويشيد صاحب البسطة بنوع الأقمشة ونظافة القطعة وغير ذلك، وأكد أنّه لولا وجود ألبسة البالة لاشتكى الناس أكثر من حاجتهم للملابس فالملابس الجديدة باهظة الثمن ولا يمكن لأي شخص الشراء منها وإنما هي لأشخاص محددين على عكس البالة التي يرتادها جميع الناس من كل الطبقات، كما أن أسعار ملابس البالة ارتفعت لصعوبة الاستيراد وخطورته، مؤكداً أنّه بعد (فرد الألبسة والأحذية) بإخراجها من الأكياس الخاصة بها تنتهي مخاوفهم بمصادرتها من قبل الجمارك فهذا ليس من اختصاص أحد إلا في حال تمّت المصادرة والبضاعة معبأة في أكياس ومختومة.

وفيما يخص استيراد ألبسة البالة والصعوبات التي تتعرض لها أوضح طبيب في أحد مشاف حمص أنه يشترط في ثياب البالة أن تكون خالية من الحشرات والمواد الكيميائية الضارة بالصحة وخاصة التي تسبب إصابات جلدية والتهابية وتحسسية كما ويشترط فيها أن تحمل شهادة تفيد بتطهيرها أو يتم تطهيرها من خلال الحجر الصحي في الموانئ ومن شروط الاستيراد أيضاً تقديم تعهد بتعقيم الشحنات محلياً وأمّا الجهة المسؤولة عن الرقابة على الشحنات المستوردة من الثياب من حيث مطابقتها للشروط الصحية واتخاذ الإجراءات اللازمة في حال وجود أي مخالفة فهي مديرية الجمارك.

لكن الموجود منها في الأسواق من الممكن أن تكون مهربة كما أنها من الممكن أيضا أن تكون ألبسة مستعملة يقوم أصحابها ببيعها على أنها بالة محلية، كما يمكن أن تكون ألبسة جديدة مصنعة محلياً ويوجد بها عيب معين أدى إلى بيعها في سوق البالة.