لكل السوريين

التنوع المجتمعي في سوريا.. فسيفساء تصطدم بحكم الأمر الواقع

منذ اليوم الأول لوصول هيئة تحرير الشام إلى دمشق بعد سقوط النظام السوري، تحاول جماعة الجولاني إرسال تطمينات إلى الداخل والخارج حول رؤيتها لشكل الدولة وهويتها في سوريا، كما تحاول خلع رداء التطرف الديني والراديكالية الإسلامية التي شُبعت بها قياداتها وعناصرها منذ اليوم الأول لتأسيسها مع اختلاف المسمى العام لهذه الجماعة على مدار السنوات الماضية.

ولكن هذه التطمينات تتساقط أمام الكم الهائل من الانتهاكات بحق مكونات الشعب السوري والمخالفين لفكر هيئة تحرير الشام، سواء خلال فترة حكمها في إدلب، أو بعد وصولها إلى السلطة في سوريا حيث استمرت تلك الانتهاكات، ومن المؤكد أنها ستستمر مع استمرار سيطرة قيادات ذات خلفيات متطرفة على مفاصل الدولة السورية.

وبينما تتنوع مكونات المجتمع السوري وتتجمل فسيفساؤه بعشرات الثقافات والأعراق والأديان والطوائف، سيصطدم هذا التنوع بلون الحكم الواحد الذي سيطر على سوريا وسيعمل خلال الفترة المقبلة على صهر كل تلك الثقافات ضمن نطاق الأغلبية المطلقة التي يتشدق به حكام سوريا الجدد ليلاً ونهاراً.

وبذات الوقت فإن التعويل على المجتمع الدولي، وإطلاق نداءات الاستغاثة لن يحقق مطالب التنوع المجتمعي في سوريا، لأن الدول الكبرى تبحث عن مصالحها ولا تضيرها عملية صهر مكونات الشعوب طالما أن مصالحها تتحقق، والأمثلة على ذلك عديدة من أفغانستان إلى إيران إلى الأنظمة العربية القومجية التي صهرت تنوعها الثقافي، وقبلت بذلك القوى الدولية الفاعلة طالما أن تلك الأنظمة تساعد على تحقق مصالحها وسيطرتها على العالم.

وقد لا يكون الحفاظ على تنوع المجتمع السوري سهلاً، ولكنه هدف وطني نبيل يستحق النضال والتكاتف من قبل كل مكونات المجتمع لمنع محاولات صهرها، مهما كانت قسوة الحاكم الجديد وسطوة أجهزته الأمنية والعسكرية.

هيئة التحرير