السوري/ طرطوس ـ اللاذقية ـ تعد صناعة وإعداد دبس الخرنوب من الثقافات التي تتميز بها مدن الساحل السوري منذ القدم، ومع أن هذه الثقافة قد تراجعت نسبة تداولها لأسباب عديدة إلا أنها لا تزال تحافظ على مكانتها كجزء من الثقافة السورية الأصيلة.
ويتوفر الخرنوب في جبال الساحل إلا أن ثقافة استخدامه غير منتشرة كما في القدم على الرغم من فوائده العديدة، حيث أن الخرنوب كان يوضع فوق الزيتون المسلوق ليتخمر خشبها، وبذلك تعتبر شجرة خيرة.
وتعود بدايات صناعة دبس الخرنوب واكتشافاته الأولى للعصر العثماني، بحسب ما روته مسنة من ريف طرطوس الشرقي لمراسلتنا، تدعى أم عمار.
وتقول أم عمار “كان دبس الخرنوب يعد من المأكولات الشتوية التي لا يمكن الاستغناء عنها، كنا نذهب للجبال لجلبها، وكانت متواجدة بكثرة في ستينيات القرن الماضي وبداية السبعينيات منه”.
وتعتبر أن سبب الابتعاد عن اغتناءه في هذه الأزمان يعود لعدة أسباب، فبحسبها دخلت أنواع من الدبس إلى السوق، كما وأن الناس كانوا يهوون الصعود إلى الجبال للبحث عن الخرنوب، وكان ينتشر بكثرة على عكس الفترة الحالية، فالغزو الزراعي قضى على هذه النبتة البرية الجبلية.
وتقطف ثمار الخرنوب بعد منتصف شهر آب من كل عام، وتكون في هذه الفترة قد نضجت كليا، وأصبحت جاهزة لأن يصنع منها الدبس.
وعن طريقة صناعة دبس الخرنوب، تقول ماريا محمد، وهي مواطنة من بانياس بريف طرطوس كانت قد عاشت أيام صناعة الخرنوب في الزمن الجميل، ولا تزال تواظب على صناعته رغم قلة الخرنوب في الجبال “نقطف الثمار ذو اللون البني المحروق، نكسر قرون الخرنوب، ثم نضعه في الماء المغلي مدة قصيرة، نتركه ساعات، ثم نخرجه من الماء”.
وتضيف “نكرر العملية ثلاثة أو أربع مرات، ثم نقوم بتبريده، وبذلك نكون قد ضمنا أن طعم الخرنوب وحلاوته قد انتقلت كليا للماء، ثم نضعها على نار خفيفة، أحيانا نستخدم طاحونة الحبوب لنحصل على الخرنوب المجروش”.
وارتفع سعر دبس الخرنوب إلى عدة أضعاف قياسا بالفترات الماضية، ويعود ذلك لتواجد شجر الخرنوب في مناطق صخرية متفرقة في الساحل السوري، وبات من الصعب الحصول عليها، كما وأنها تحتاج لعمال لقطفها، ويوجد تكاليف مواصلات، ما دفع بعض العائلات الساحلية للعزوف عن صناعة دبس الخرنوب، وبالتالي ارتفع سعره.
وللخرنوب فوائد عديدة، فهو سكر طبيعي، ويساعد في تنشيط الدورة الدموية، وتنظيف الكلى وإدرار البول، وخفض الكوليسترول، كما ويعد مضاد حيوي ويساعد في عملية الهضم.
إضافة إلى تلك الفوائد، فإن دبس الخرنوب لا يصنع إلا في سوريا، وبذلك يكون جزء كبير ولا يتجزأ من الثقافة السورية العريقة الممتدة لآلاف السنين.
تقرير/ أ ـ ن