لكل السوريين

الحكومة متهمة.. “إطلاق الرصاص العشوائي” آفة تفتك بأهالي السويداء وتواصل حصد الأرواح

السوري/ السويداء ـ لم يكتف المواطنون السوريون عبر سنوات الحرب السورية من أزمة المعيشة التي امست واقعاً يومياً يتعايشون معه ضمن خيارين لا ثالث لهما، فإما التقبل أو التذمر وكلاهما ليسا بحل، لتكون هذه الأزمة مترافقة عبر السنوات السبع الأخيرة بانتشار السلاح في محافظة السويداء بصورة غير منظمة وغير مرخصة لترسم المشهد بانتظار لوقوع العنف في أي لحظة، تلك الأيادي الحاملة له وليدة مرحلة من التخبط الأمني، والإحباط الاجتماعي الذي يفرض نفسه كجنين مشوه ولدته رحم الحاضر، وسط غياب لدور أجهزة الدولة في الرقابة المستمرة.

وفي حين أن حيازة السلاح سابقاً كانت تحت إجراءات صارمة أضافة إلى رخصة رسمية مرفقة برقم السلاح ونوعه وضمن حدود معينة لنوعية الأسلحة كسلاح فردي فقط “مسدس أو بارودة صيد”، ورغم أن القوانين بخصوص حيازة السلاح استمرت في شكليتها عند الجهات المعنية، إلا أنها تركت للإهمال أمام تنفيذها في الآونة الأخيرة لدرجة أن الاستعراضات بحمل السلاح ورش الرصاص الحي في الأجواء مفاجأة يمكن توقع حدوثها في أي لحظة من اليوم.

وهذا ما حدث في إحدى قرى الريف الشرقي لمدينة السويداء، حيث سمعت أصوات رصاص عنيفة في ساعة متأخرة من الليل أفاد شهود عيان أن مصدرها مجموعة من الشبان يركبون بسيارة” بيك أب” ويحملون بندقيات ويطلقون النار في الهواء وسط حالة من النشوة والمرح.

قبلها شهدت إحدى محطات توزيع البنزين اشتباكاً بين مجموعة من المواطنين الذين ينتظرون دورهم لساعات طويلة مشادة كلامية تطورت إلى جدال عنيف ومن ثم هجوم أحد المواطنين مستعيناً برفاقه بحوزتهم أسلحة، كان ضحيتها شاب أربعيني أصيب بعيار ناري ونقل على أثره إلى المستشفى الوطني في السويداء،

حادثة ليست بالغريبة ولا الأولى من نوعها، فقد عثر على جثة لشاب في الثلاثينات من عمره في المنطقة الصناعية في السويداء، كان قد فارق الحياة بعد إطلاق النار عليه ليلا، ونقل آخر إلى المستشفى الوطني بعد إقدام أبن أخيه على إطلاق النار عليه، بسبب خلاف على قطعة أرض.

أيضا يتكرر المشهد ذاته في مدينة السويداء بعد قيام مجموعة من الشبان بقطع طريق الملعب البلدي بالإطارات المشتعلة وإطلاق النار على إثر اختطاف شاب من عائلتهم، دون أي رد فعل من الأهالي خوفا من أن يطالهم الرصاص، والتجاهل المستمر من قبل الأمن.

وبحسب موقع “أوغاريت بوست” يرى الدكتور “مهيب صالحة” أن بقاء المحافظة خارج الصراع المسلح بين الطرفين السوريين، النظام والمعارضة، والقوى الإقليمية والدولية الداعمة لهما، لم يرضِ أطراف فيها أو كلها. مما بعث إلى استقالة مؤسسات الدولة من وظائفها القانونية، وخاصة القضاء والشرطة، وقيام الأجهزة الأمنية بلعب دور لا يخدم أمن ووحدة المحافظة وخيارات سكانها بدوافع مختلفة، إما شخصية، أو وفقاً لأجندات داخلية وخارجية، تستهدف جر المحافظة إلى أتون الصراع لكي تحترق فيه كما احترقت كل المناطق السورية.

هذا الواقع قاد محافظة السويداء، بحسب صالحة، إلى حالة من فوضى السلاح والفلتان الأمني، وانقسام المجتمع بين رجال الكرامة والمجموعات المسلحة التي شكلتها السلطات، الدفاع الوطني وكتائب البعث والقومي السوري ومجموعات تابعة لأفراد لا تخفي ارتباطها بالأجهزة الأمنية وتتلقى التعليمات منها”.

المحامي والناشط السياسي “م .عزيز” يقول” استخدم النظام في السويداء شعار دعوا الحديد يفلّ الحديد، وذلك بإحداث سلسلة من الجرائم التي تأخذ طابعاً أمنياً وهي جرائم تمتد من السلب والنهب والاختطاف وصولاً لجرائم القتل، وهي جرائم تعود في معظمها للغطاء الذي منحه النظام لمناصريه، وفي منحهم السلاح، ليقوم الأهالي وخصوصاً من المعارضين بالبحث عن السلاح والحصول عليه، مما جعل السلاح ينتشر بكثافة بين السكّان، بالموازاة مع انشقاق مستتر في صفوف الأهالي، وهو الوتر الذي تلعب عليه السلطة، وهكذا فأن السلاح متوفر، والمحرّض موجود، واللعبة جاهزة لإيقاد النار في المحافظة”.

عشرات القصص المشابهة تحدث في هذه المحافظة، والتي تنهكها تحديات المعيشة والفقر المهيمن على معظم سكانها، وهي الآن تتأرجح في دوامة السلاح المنفلت وتشكيل عصابات الخطف، في منطقة تعد من المناطق الآمنة نسبياً لعدم خوضها أو تورطها بالإرهاب الذي تسلل إلى محافظات مجاورة.

تقرير/ رشا جميل