لكل السوريين

المجالس العربية.. تراث متجدد بين الماضي والحاضر

يكاد لا يخلو أي بيت في مدن الرقة والطبقة ودير الزور ومنبج من المجالس العربية التي تلقى رواجا في المنطقة كنوع من التراث والزينة للبيوت، حيث لاقت تجدد في الآونة الأخيرة بعد أن كانت قد لامست طريق الاندثار، حيث أن الذين استمروا في صناعة هذه المجالس وجدوا من خلالها موقدا لاستمرار التصميم والإبداع.

وعلى الرغم من أن توجه العديد من العائلات صوب اقتناء المجالس الأوربية التي يعتقد الكثير من شرائح المجتمع رمزا للحضارة إلا أن المجالس العربية لا تزال تتواجد وبكثرة في مناطق متعددة من الرقة وأريافها.

وتعد مدينة الرقة المقصد الرئيس لأهالي الريف من ناحية جلب المجالس العربية، حيث أنه يتواجد فيها العديد من محلات صناعة هذه المجالس.

صحيفة السوري التقت بصاحب أكبر ورشة خياطة المجالس العربية وصناعتها في الرقة، والذي عرّف عن نفسه بأنه صبحي محمد، والذي قال “مهنة تصنيع المجالس العربية من أشهر المهن في المدينة، كون المنطقة عشائرية بامتياز، حيث أن العشائر العربية ترغب لكل شيء مرتبط بالعادات والتقاليد القديمة”.

وواكبت صناعة المجالس العربية التطور التكنولوجي، حيث أصبح أمر صناعتها حاليا مختلف كليا عن طريقة صنعها قديما، فقد كان في القدم صنع المجلس يستغرق وقتا طويلا.

ويعد أهل الريف أكثر ارتباطا باقتناء المجالس من أهل المدينة قياسا بارتباطهم بالعادات والتراث القديم على عكس أهل المدن الذين تحولت معظم أثاث منازلهم إلى مقاعد مفروشة وطاولات.

وتعتمد صناعة المجالس العربية على الصوف بالدرجة الأولى، حيث كان صانعوها يجلبون الصوف من أصحاب الأغنام، ويقومون بتنجيدها حسب المطلوب عند منجدي الصوف.

وفي الوقت الحالي اختلف الموازين، حيث أصبحت المجالس في كل بيت مرغوبة لدى أهالي المدينة بكثرة، بعد أن لاحظوا التطور الكبير في جودتها وجماليتها من حيث التصاميم بالإضافة إلى خبرات اليد العاملة التي باتت مطلعة أكثر على صناعتها، على عكس المجالس القديمة التي كانت محتكرة من قبل أشخاص معينين.

كما وأن اعتماد الإسفنج كبديل عن الصوف دفع أهالي المدينة لاقتنائها، حيث كانت المجالس المصنوعة من الصوف تسبب عبئا على ربات المنازل، وخاصة في أثناء قيامهن بغسلها.

وعن طريقة صنعها، أوضح محمد “طريقة تجهيز المجالس تمر بعدة مراحل، تبدأ باختيار الاسفنج المناسب، ثم تطريز الأقمشة حسب طلب الزبون، ثم يقوم الصانع بتجهيزها حسب القياس الذي يرغب به صاحب المنزل الراغب بفرش منزله بهذه المجالس”.

وفي الوقت الحالي تراجعت نسبة إقبال الأهالي على اقتناء المجالس نظرا لارتفاع أسعارها بنسبة وصلت لـ 8 أضعاف عما كانت عليه قبل عام ونيف من الآن، ويكمن غلاؤها في صعوبة توفير المواد الخاصة بصناعتها، بالإضافة إلى الانقطاع الكثير للكهرباء، بحسب ما قاله محمد.

ولعب موضوع إغلاق المعابر الحدودية في ارتفاع كامل الأسعار، بالإضافة إلى أن قانون قيصر المفروض من قبل الحكومة الأمريكية على حكومة دمشق قد أفضى إلى ذلك، ما سبب معضلة كبيرة لدى الأهالي.

وتعد مهنة صناعة المجالس العربية من أقدم المهن في المنطقة، ويعود تاريخها لثلاثينيات القرن الماضي، لكنها الآن باتت في مرحلة تراجع بسبب المعوقات التي ذكرت في التقرير آنفا، ما شكل عائقا أمام احتمالية تطورها أكثرها وتسويقها بشكل أسهل.

تقرير/ مطعية الحبيب