لكل السوريين

العصر، وثقافة الخنجر

هل صحيح أننا مازلنا نتعاطى مع عصرنا بذهنية البدوي الذي مازال يقبع في أعماق جماجمنا منذ أيام سوق عكاظ !..

متحصناً بخيمة تحيط بها رمال النصف الخالي يحفِّظنا عن ظهر قلب أعددت للشعراء سُماً ناقعاً، ويغّرِبنا مع بني هلال إلى آخر الأرض، ويعيدنا مع رحلة الشتاء والصيف لندخل العصر، وحضارته، وثقافته على صهوة داحس والغبراء!..

ولذا أهملنا العصر، وسخرت الحضارة منا، وتركتنا الثقافة على هامشها مجموعات مهملة تتلهى بفتاتها وتتغنى بأمجاد غابرة وعابرة، وفشلنا في دخول عصرنا من بوابته الأمامية، وأعادنا هذا الفشل إلى خيمتنا ونصفنا الخالي رغم أننا نلبس الجينز والسموكن، ونحمل الموبايل بأحدث أنواعه، وندخل الإنترنت بكل مواقعه فهل كنا من صناع الحضارة يوماً كما قال الراوي؟!

أم هي نكتة سمجة تتجاوز سماجة تاريخنا الذي تلخص بثقافة الخنجر كوسيلة حضارية لانتقال الصولجان من السلف إلى الخلف الخلف الذي يمسح بفرمان ثقافة سابقه، وتاريخه، ويعيد بفرمان صياغة ثقافة مفصلة على مقاساته، وملونة بلون أحداقه غنية ومتنوعة كتنوع حريمه، ومكرماته!

في البعيد مضرٌ تغزو المناذرة وأنياب عبس تنهش جلد بني ذبيان، وقحطان يسخِّر فضائياته وأرضياته، وأبواقه للنيل من غسان، وعدنان معاً وجساس يغتال كليب من أجل ناقة، والزير ينتقم.

وفي القريب رام الله تقصف غزة بالهجاء عابر القارات وغزة تكفر رام الله القومي يلغي الاشتراكي بشطبة قلم، والاشتراكي يتهم القومي بالعصبية والتعصب، والسلفي يرجم الاثنين معًا بحجارة من سجيل.

وينصّب نفسه وكيلاً حصرياً لله على أرضه ويمارس البسملة قبل ذبح عباده من الوريد إلى الوريد.

البعض يكتب قصائد غزل للأزرق في عيون العم سام ويلوّن شعره بالأشقر حباً وتيمناً

والبعض يتحدث عن وطن مفصّل على مقاسات بني عثمان، والبعض يلبس معطفه في عزّ الصيف إذا هطل الثلج في سيبيريا، والبعض يتغنّى بآلاء آيات الله في الليل، والنهار، والطريق إلى الوطن للجميع.

يعبره القليلون، ويعيد تعبيده قليلون فـ ..”إنا لله وإنا إليه راجعون”.

لطفي توفيق.