لكل السوريين

محمد العبدالله: الأدباء من محطة الإرهاب إلى رهاب كورونا

السوري/الرقةـ مرَّ الأدباء بفترة صعبة خلال محطة الإرهاب، وعايشوا مشاهد تضرَّج المكان فيها بالدماء فساد الخوف والفزع في ديارهم في محاولات بربرية لإفناء الأدب، والثقافة على أيدي ثلة من الأشرار غايتهم تدمير التراث الحضاري للإنسان، ونزعه من مراكز العلم فما كان للمثقفين إلا أن قرأوا الواقع بتأنٍّ، ولم يصمّوا أقلامهم عن سماع ما يجري ليبدؤوا من جديد، ويفضحوا مجازر الموت، والدمار التي كانت قاسية بصداها، وهشة بمظهرها، ومضمونها لينتقل المثقف اليوم خلال فترة انتشار وباء كورونا، ويضع بصمته من جديد في أسطر التاريخ، ويرسلها من منابر التواصل الاجتماعي.

من زمن سادت فيه المجازر، والدماء إلى زمن احترز فيه الأشخاص خشية الوقوع في أخطاء الجهل، والآثار الاجتماعية المنتشرة فحب التجمع، واللقاء بات سلوكاً بشرياً غير مناسباً في وقت الأسقام، والمرض إنه الكورونا، وكأنَّ همًّا ثقيلاً حطَّ على ربوع المنطقة ليجثم على صدور أهلها هي مأساة حقيقية حلت بأحوالهم، وكأنها تحذرهم من جديد بأنكم مستهدفون ليس فقط أنتم بل الجميع هدف، والجميع عليه الحذر.

لذلك ما كان للأديب إلا أن يتعظ من جائحة كورونا فجمع أقلامه لتكتب عباراته، ولسان حاله ألا يكون ضائعاً فيستغل وجوده وحيداً بين كتبه، وكتاباته بقراءة التاريخ، والشعر، والرواية، والتعرف على العديد من الثقافات التي كانت دليل الأدباء لتتجاوز نكباتهم التي حلت على صفحاتهم المعدودة بأفكارها، ولم تسطرها أقلامهم على أوراق واقعهم فتثير المكان بلوعة فراقها فيعبرَ الأدباء، والكتاب بواقعهم بعيداً عن خيالهم من خلال روايات فضحت حالات إرهاب، ومرض اجتماعي حط عوضاً عنه مرض كورونا الجديد الذي تفشَّى في العالم كالنار في الهشيم.

ومن خلال الصور، والأشياء كان ضرورة معرفة الاستعدادات التي رافقت الأدباء في المجتمع، وكيف كانت نهاية مرحلة الإرهاب على تلك الأقلام، وهل أعطى كورونا الوقت للمثقف لتخطي النقص في الأفق الثقافي للاطلاع على تلك التساؤلات كان لصحيفة السوري اللقاء مع الأديب محمد العبدالله الذي شبه انتهاء مرحلة الإرهاب بعودة الحياة لروح الإنسان فالفرق شاسع بين الموت، والحياة.

في حين أكد محمد اختياره لبلسمة الجروح التي طالت حتى أحاسيس، ومشاعر الطفل الذي عانى الخوف، والجوع بينما أدرك الأديب ضرورة نقل الواقع بصورة أدبية، وتجسيد الوعي، والفكر الإنساني الحضاري من حيث الشكل، والمضمون لتكون تضحياته مستمرة فالقادم الجديد هو كورونا الذي يستهدف الجاهل قبل المثقف فكورونا ساوى بين الطرفين ليس بقصد منه، ولا لعدم معرفته بالشيء إلا أنه يمتلك القدرة على الانتقال من الشخص المصاب إلى الآخرين بعدم الاكتراث لعواقب قد لا تروق لأحد الجهلة، أو لأحد المثقفين هو الترقب للأسوأ لقد أرهب كورونا الكثير بينما انتشر المرض في الكرة الأرضية بسرعة لامثيل لها فوجد الأديب ملجأ له للبحث عن رؤى جديدة، وجذابة تشده لمتابعة الأحداث الجديدة رغم سلبيتها، وترقب ما سيحدث لذلك لم يمتلك الكثير من الأشخاص صفات تخولهم ليكونوا في عداد الرسم الأدبي في مرحلة من المراحل بينما استخدم الكثير من المثقفين، ومنهم الإعلاميون، والأطباء أدواتهم داخل الأحداث لحظة بلحظة ليجدها المجتمع مباشرة لأنهم كانوا موجودين في خضمِّ الحدث، وعُرضةً للعدوى بينما كان الكاتب، والأديب يعكس موضوعاً جديداً مهماً في المجتمع إما الإعداد لبرامج ثقافية تشرح خطورة المرض، أو للحديث عن أهمية تجاوز هذه المواقف، والحالات بالتقيد بضوابط توضح خطورة التجمع، والبعض اعتبر المرحلة سيئة مرت به، وبمجتمعه فما كان له إلا التخاطب بشكل مباشر عبر وسائل التواصل مع الأصدقاء، والأقارب لحثهم على عدم الخروج من المنزل، والعمل على قراءة الكتب، والبحث أكثر عن مسببات مرض كورونا، واتباع وسائل السلامة.

الجهل، والمرض 

كما اعتبر محمد أن خطر الإرهاب ارتبط بجهل البعض في التعاليم الدينية رد مرض كورونا لارتباطه بخطر الجهل، والتجاهل بأسلوب النظافة، والاجتماع على موائد العادات، والتقاليد كما يهدف الإرهاب، والحروب لاغتيال كل ما هو جميل، وتدمير الجمال ليصبح واقع الأسرة المستهدفة سيئاً، ولا يترك سوى خياراً واحداً هو الحزن، والرعب يستأثر مرض كورونا بمآسي، ومشاهد الموت، والأسى، والخوف، و الجوع فهو يعكس تأثير مخيف على حياة الكاتب، والإنسان البسيط كما انعكس على حالته النفسية، والمعنوية فأصيب بخيبة أمل كبيرة عندما انهارت امبراطوريات الطب، والاقتصاد لتكون عاجزة عن ضبط حالات كانت عرضة لنقل العدوى للجميع في وقت ما لكن الكتاب كان لهم الدور في نقل الحلول في زمنهم الحالي، والتي كانت مطابقة لقرار الأطباء في الحد من التنقل، والالتزام بقرار الحد من الحركة الجماعية والعشوائية في الأسواق، والأماكن المكتظة بالناس، والعمل على التقيد بما يصدر من تعميمات، والوقوف جنباً إلى جنب مع الهيئات الطبية، وليس ترك ما يدور في اهتمامه، واهتمام الآخرين فيكون الأديب بعيداً عن المجتمع الطبي، وكادره فينزوي في بيته، وحاله التخلي عن نشاطه، وكتاباته، أو مجتمعه فحب الحياة لم يقتل الأمل لذلك ترى الكثير من الأدباء يكتبون قصص الفرح، والحزن معاً لذلك وسعت أقلام الأدباء لتسجل كل ما مرت به حقبة الاحتراز من مرض كورونا بأدق التفاصيل، وينقل أطواره للجميع، وبكل أمانة.

الأديب في تحديه الآخرين احترز من كورونا

أشار محمد إلى أن الأديب يعد الأقرب لنقل مآسي مجتمعه، وفرحه فالرابط الثقافي الذي يأخذ من الجميع، ويعطي الجميع هو تصوير لوحدة الشعور الإنساني من الألم، والحب، والفرح، والحنين إلى لقاء الأحبة، والأقرباء فعندما يصاب المجتمع بمرض ينعكس مباشرة على الحياة فيه، وقد يقود إلى انتشاره ليضر بالمحيطين به من الأهل، والأولاد فكان لابد من نقطة وصل لذلك كان الكاتب يعيش أحداث مرض كورونا لينقل ذلك من خلال كتاباته إلى أحبته، وأصدقاءه إما كشعر، أو كمزاح، أو كتحدي بأن يكون التحدي بحفظ بعض الشعر، أو بمحاولات لكتابة رواية تخص واقع العالم الذي ابطئ الحياة وأدخل الناس في الثبات الاحترازي فكان الفوز ببعض التحديات، وكانت الخسارة، وخصوصاً أن مرض كورونا لا يعرف صديقاً، أو حيادياً فكانت الحكمة، والرشد، والوعي هي الطاغية في محيطي فغياب الوعي، والتأني قد ينال من صاحب المحبرة فعندما يعلو غبار الجهل يسكت اللسان، والقلم، وتحرق الكتب، والمجلدات، كما يسود الفقر الثقافي فتعم الأمية لتفقد البوصلة جهتها، وأضاف محمد كما أن الاختلاف لا يعني عدم الانتماء للحضارة، ودليل يثري الذاكرة التي عاشت مشاهد الوحدة ليسجله الأديب، ويربطه بالواقع كما أن تحاور الكاتب مع الأشخاص، وتواصلهم مع المجتمع قد يؤجل في حال تعرضوا لخطر وباء قد فلت من ذمام الخيال ليلامس الواقع خلال هذه المرحلة العصيبة من الحياة فالحذر مطلوب من الجميع، فاحترز من كورونا.

تقرير- ماهر زكريا.