لكل السوريين

الاحتلال ومرتزقته شمالاً وحزب الله جنوباً.. حرائق بالجملة تفتك بقوت السوريين

مع دخول فصل الصيف، يتسع نطاق الحرائق وانتشارها في مناطق متفرقة من الجغرافية السورية، من الشمال الغربي إلى الشمال الشرقي، وحتى الجنوب السوري، بين تبنٍ ضمني للحرائق، واتجاهها لبعد سياسي وسياسة تجويع أقرب ما يكون من محض الصدف.

وفي شمال شرق سوريا لوحدها، أدت الحرائق التي حدثت في العام الماضي إلى إتلاف ما يقارب النصف مليون دونم، ما أثار سخطا كبيرا من قبل مواطني شمال شرق سوريا، الذين أكدوا أنها تدخل في إطار الحرب الكونية على المنطقة التي تحررت من الإرهاب المدعوم تركياً.

ويعود السيناريو ليتكرر في هذا العام، ولكن في أراض سورية أخرى هذه المرة، فشهدت مناطق جنوب سوريا وتحديدا السويداء وأريافها حرائق أتلفت محاصيل ومزروعات وأشجار مثمرة وغيرها.

كالعادة.. البداية بكوباني

كما حدث العام الماضي، بدأت الحرائق في هذا العام بمدينة كوباني الحدودية مع تركيا وأريافها، حيث وجه مزارعون من المنطقة تضرروا من جراء الحرائق أصابع الاتهام لجيش الاحتلال التركي ومرتزقته ممن يسمون بالجيش الوطني.

عدة حرائق صغيرة اندلعت في قرى بلك، وتوتانك، وخانك خليان، ونوردان، وبغديك، وخرابيسان، ومزرعة داوود شرق وجنوب شرقي كوباني والتي تم السيطرة عليها وإخمادها من قبل فرق الإطفاء ما حال دون تمددها.

وفي الـ 17 من أيار الماضي، التهمت النيران 25 هكتارا من محصول الشعير في قرية شيوخ فوقاني التي تبعد قرابة 32 كم غربي كوباني.

وقال الرئيس المشترك لبلدية “القنايا” بريف كوباني، علي محو إن سبب الحرائق في قرية الشيوخ فوقاني، هو “إطلاق رصاصات حارقة، على الأراضي الزراعية (…) من داخل مناطق درع الفرات في الجهة الغربية من نهر الفرات”.

وشهدت بلدة صرين جنوب كوباني، اندلاع ثلاث حرائق في حقول الشعير، ما تسبب باحتراق حوالي/5/ هكتارات الاسبوع الفائت.

ويتذمر أهالي كوباني وأريافها من تكرار هذه الأفعال التي يصفونها بالشنيعة، حيث أنهم يعدون هذه الحرائق هي سلاح استخدمه المحتل ليمارس سياسة تجويع بحق أهالي المنطقة.

مناطق التماس مع المرتزقة حُرقت كلها

تعرضت أراضي المواطنين في مناطق التماس مع مرتزقة الاحتلال التركي في ناحية تل تمر بريف الحسكة إلى حرائق أدت إلى إتلاف المحاصيل كافة.

وتعد منطقة تل تمر نقطة تماس مع المنطقة التي احتلتها تركيا في العام الماضي، وهي من الأراضي التي اعتاد أهلها زراعتها بشكل دوري كل عام، وتزرع بمحصولي القمح والشعير.

وأقدم مرتزقة الجيش الوطني على افتعال حرائق طالت مساحات شاسعة بريف تل تمر وأبو رأسين بريف الحسكة الغربي، وأتلفت تلك الحرائق محاصيل تقدر مساحتها بآلاف الدونمات.

وقال أحمد، وهو مواطن من تل تمر، اعتدنا على هذه الأفعال الإجرامية، الكل يعلم أن الوضع المعيشي سيء، وكنا نأمل أن يتم الموسم، ولا يتكرر سيناريو العام الماضي، لكن المحتل يبدو أنه يريد أن يجعلننا نعيش في مجاعة حقيقية”.

المحتل يحرق أراضي المسلم وغير المسلم

وأشار حاج عبد إلى أن المحتل التركي يمارس عبر مرتزقته كل الجرائم سواء بحق المواطنين أو بإتلاف محاصيلهم، في سيناريو يذكرنا بالعام الماضي.

واعتبر أن مرتزقة الجيش الوطني يواصلون ما كان داعش يمارسه بحق أبناء تل تمر، حيث أن غالبية سكان تل تمر من الطائفة الآشورية.

وقالت خالدية محمد “العام الماضي حرقوا أراضينا، قلنا لأنهم يعتبروننا أن كفارا، وبعدها بأسبوع شملت الحرائق معظم أراضي المواطنين السوريين، فاقتنعنا أنها سلاح يستخدمه المحتل ومرتزقته كسياسة تجويع بحق كل أبناء مكونات وطوائف الشعب السوري”.

وتعرضت مساحات شاسعة في تل تمر ونواحيها من محصولي القمح والشعير لحرائق العام الماضي، ووجه الأهالي الاتهام وقتها لخلايا تابعة لتركيا، وأخرى للحكومة السورية، في حين تبنى تنظيم داعش الإرهابي حرق محاصيل زراعية في العراق وسوريا.

أشجار عفرين ومحاصيلها واجهت ذات المصير

وفي عفرين المحتلة، يختلف الوضع تماما، فالمحتل لا يحتاج لخلايا لافتعال الحرائق، فالنيران تشتعل في منتصف النهار، والمرتزقة يحرقون الأشجار أمام أعين مالكيها، دون رقيب أو حسيب.

ولا تعد الحرائق وحدها السلاح الوحيد الذي أتلف المحاصيل والأشجار في عفرين، فقد أقدم المرتزقة فور احتلال تركيا لعفرين وضواحيها بقطع الأشجار وبيعها خشبا وإدخال قسم كبير منها إلى الداخل التركي.

وشب حريق هائل الأسبوع الماضي في أراض زراعية في عفرين كانت مزروعة بالقمح والشعير، وحاول أصحابها إخماد الحريق إلا أن التنظيمات الإرهابية وسعت نطاق حرقها للمحاصيل حتى أتلفت النيران مساحات ليست بالقليلة بحسب ما ذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وفي ناحية جنديريس التابعة لعفرين، أقدم مرتزقة السلطان مراد على حرق أرض تبلغ مساحتها 50 دونما، بحجة أن صاحبها لا يدفع الزكاة كل عام، ولم يجدوا له اسما بين أسماء دافعي الزكاة.

وأسفرت حرائق اندلعت، أمس الجمعة، في ناحية شيراوا بمنطقة عفرين شمال سوريا، إلى اح

تراق الآلاف من أشجار الزيتون وعشرات الهكتارات من حقول القمح، وسط اتهامات موجهة من السكان إلى التنظيمات الإرهابية بافتعال الحرائق لتجهير السكان الأصليين من المنطقة”.

ونشبت الحرائق بدءاً من سهل قرية باصلة جنوب شرق مدينة عفرين وتسيطر عليها فصائل تابعة لتركيا، وامتدت بفعل سرعة الرياح إلى سهول قريتي عقيبة وبينه الواقعتين تحت سيطرة قوات الحكومة السورية، قبل أن تتمكن فرق الطوارئ من إخمادها في ساعاتٍ متأخرة من ليل الجمعة الماضية.

إجراءات احترازية، واستعدادات مستمرة

بدورها، تواصل المؤسسات التابعة للإدارات المدنية في مناطق شمال شرق سوريا بذل الجهود الممكنة من ’’تشكيل فرق إطفاء، وتفعيل مراكز اتصال’’ وغيرها، بغية تلافي أي طارئ قد يصيب المحاصيل الزراعية.

أما الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا، ففد سارعت هي الأخرى لإصدار قرارات عدة بخصوص موضوع الحرائق، فقررت محاسبة أي شخص يتجول بين حقول المزارعين دون عمل له، أو عدم معرفته من قبل الأهالي، وأوعزت للمزارعين بتشكيل دوريات حراسة لأراضيهم لحين الانتهاء من موسم الحصاد.

وأوعزت للجان المختصة بالقطاع الزراعي بضرورة إجراء محاضرات توعوية للأهالي وشرح المخاطر التي تنجم عن استهتار المواطنين بالمحاصيل الزراعية، من ناحية تجولهم بين الحقول، ورميهم لأعقاب السجائر بطريقة عشوائية.

السويداء.. حرائق بالجملة وحزب الله متهم

شهدت محافظة السويداء سلسلة من الحرائق المتفرقة في الأيام القليلة الماضية، طالت أكثر من 600 دونم من المحاصيل الزراعية والأشجار، رغم أن فصل الصيف لم يدخل في ذروته بعد، وتعددت الأسباب وراء نشوبها، فمعظمها مفتعلة من قبل مجهولين، ويحمل البعض مسؤوليتها لأشخاص مقربين من حزب الله في المنطقة، ومنها ما هو ناجم عن أخطاء بشرية كالإهمال، ورمي القمامة قرب الأراضي المزروعة، وإطلاق النار العشوائي.

وتعد المنطقة الممتدة بين درعا والسويداء ذات نفوذ واسع لحزب الله اللبناني، ويحمل الأهالي الحزب المسؤولية الكاملة، حيث أن السويداء تعد من منطقة قليلة النفوذ بالنسبة لقوات الحكومة السورية.

وفي هذا السياق، طلب رئيس اتحاد الفلاحين في المحافظة من الجمعيات الفلاحية تشكيل مجموعات لحراسة المحاصيل الزراعية والحقلية والأشجار، وتخصيص رواتب للمكلفين بالحراسة من ثمن بقايا الزرع، وذلك بالتعاون مع المزارعين، وربط مجموعات الحراسة بالجهات المعنية بالتعامل مع الحرائق.

وكانت دار الإمارة التقليدية في السويداء قد أطلقت دعوة إلى أهالي المحافظة لتشكيل مناوبات حراسة لحماية الأراضي الزراعية من الحرائق، وتخصيص أجور مالية للحراس من ثمن بقايا الزرع، أو من أموال الوقف.

وبالفعل.. بدأ المواطنون في المحافظة بتشكيل مجموعات لحماية محاصيلهم الزراعية.

وفي قرية عرى في ريف السويداء الغربي تم تكليف عشرات الشبان لحراسة الأراضي على مدار الساعة تفادياً لوقوع أي طارئ أو حريق، وبالتحقيق مع أي شخص غريب يتواجد في المنطقة دون سبب أو مبرر.

وفي قرية شنّيرة في ريف السويداء الجنوبي، نظّم عشرات الشبّان أنفسهم في 4 مجموعات تتكون كل واحدة منها من 10 شبان، حيث تتوزع هذه المجموعات في محيط القرية، بينما يبقى بعضهم في مقر الجمعية الفلاحية، وفي حال حدوث أي حريق تقوم المجموعات بإعلام الباقين في المقر ليبلغوا أهل القرية الجاهزين مع صهاريجهم من أجل سرعة الانطلاق لإخماده.

وفي منطقة الغارية في ريف السويداء الشرقي تشارك فصائل محلية في عمليات الحراسة الليلة للأراضي الزراعية.

ومن المتوقع أن تعم هذه الحلول الأهلية كافة نواحي المحافظة بعد اندلاع الحرائق التي أتت على مئات الدونمات الزراعية خلال الأيام القليلة الماضية، في ظل غياب دور الجهات المعنية في الحد من هذه الحرائق أو الكشف عن فاعليها.

تقرير/ رشا جميل ـ ماهر زكريا