لكل السوريين

لغة الحوار.. وبُراقم

لطفي توفيق

أطلقت الأمم المتحدة عام2002 اليوم العالمي للتنوع الثقافي.. والحوار بين الثقافات..

وهذا قرار جيد.. يحسب لهذه المنظمة المشلولة بفعل هيمنة “الكبار” عليها..

فالحوار بين الحضارات.. والثقافات.. والأديان.. أمر في غاية الأهمية للبشرية ومستقبلها..

ولكن كيف سيكون طرفاً في حوارات كهذه.. من لم يتعلّم لغة الحوار بعد؟!.

بل كيف سيعيد بناء وطن منكوب وممزق.. من لم يتعلّم لغة الحوار بعد؟!.

وكيف يُبنى وطن يحتضن كل أبنائه.. إذا لم يتعلّم كل أبنائه لغة الحوار

الذين عملوا طويلاً على صياغة الإنسان الرقم.. ربما يدركون الآن أن هذا الإنتاج لم يعد صالحاً للتداول البشري..

ولكن نموذج الإنسان- النمط.. الذي تم تكريسه بقوة..

مازال ماثلاً في معظم مفاصل لغتنا.. وثقافتنا.. وحياتنا..

ومازالت بصماته واضحة على لغة الحوار.. كوضوح الكارثة.

إذ يكفي أن تختلف، أو أختلف، مع الآخر أو عنه حول فكرة.. أو رأي.. أو تفسير بيت شعر في قصيدة، ليضعك هذا الآخر.. أو يضعني، في خانة الخصومة.. فالعداوة.

وإذا أطل هذا الآخر النمط.. على شاشة فضائية.. أو منبر ما, تحت مسميات لا حصر لها, قد تبدأ بالمحلل الاستراتيجي.. ولا تنتهي بالخبير والباحث.. و.. و..

يتصرّف ويتحدّث كمن أمسك بالمعرفة من قرنيها.. ووضعها في جيبه الصغير ليتصدّق بفُتاتها على من يتلهف لهذا الفُتات!.

في الماضي.. عاش في الصحراء العربية رجل من أهل النحو.. وصاغ لنفسه لغة تشبهه وحده, وبها تحاور مع الآخرين.. إلى أن هجره الآخرون, وبقي معه غلامه الذي لم يجد لنفسه عملاً آخر, فروّض نفسه على استيعاب لغة سيده.

وذات فجر صحا الغلام على صوت سيده الهادر:

يا غلام .. أصعقت العتاريس؟

ودون تردد أجاب الغلام: بُراقم

وبتردد قال النحوي: بُراقم!! ما معنى هذا يا غلام ؟!

وما معنى أصعقت العتاريس يا سيدي؟

العتاريس تعني الديوك.. سألتك أصاحت الديوك أيها الجاهل!

وأنا أجبتك يا سيدي العالم.. بُراقم تعني نعم

أما آن لنا أن نتعلم لغة الحوار بدءاً من سطورها الأولى..

لنعرف كيف يمكن أن نساهم معاً في بناء وطن لا تمزّقه العتاريس!..

أرجو ألاّ يكون الجواب .. بُراقم