لكل السوريين

عادات وتقاليد سورية.. بعضها اندثر وأخرى في طريقها لذلك

هناك بلاد في العالم يردد اسمها وفي مقدمتها سوريا التي تكاد تنفرد بتقاليد مميزة عن مثيلاتها من الحواضر العالمية في تعايش الناس.

ويمارس أهل سوريا عادات قديمة عريقة توارثوها عن أجدادهم، تحكي روح التراث والأصالة والمحبة والتواصل الديني والأخلاقي والحياتي فيما بينهم.

في الأتراح

يقوم أحد المشايخ بغسل الميت للصلاة عليه، ويؤخذ إلى المقبرة وتتم الصلاة عليه ويدفن ثم يقف أهل المتوفى وأقرباؤه للأخذ بالخاطر على التربة، وبعدها يعودون إلى بيت الشعر الذي ينصب لهذه المناسبة لاستقبال المعزين لمدة ثلاثة أيام، في هذه الأثناء يقوم الأقرباء والجيران بأخذ الطعام لأهل المتوفى، وينصب المنقل ودلال القهوة في بيت الشعر، وكل من يأتي لأخذ الخاطر يشرب قهوة مرة على روح المرحوم، ويتم الدعاء له بالرحمة والشفاعة.

ويوجد شيخ يتكلم بالناس ويحاضر بهم أو يقرأ القرآن الكريم والنساء يذهبن إلى المنزل لتقديم العزاء للنساء ويشربن القهوة المرة على روح الميت أيضاً، ويسمع القرآن الكريم.

وفي اليوم الثالث تؤخذ الحسنة كل ما يطلع من خاطر الأسرة رز سكر قمح برغل أي شيء حيث يوزع قسم منها عن روح الميت كحسنة ويبقى شيء مما يأتي يوزع في يوم الأربعين تقرأ الفاتحة على روح الميت ويوزع الباقي على الفقراء.

في الأفراح                       

كان العرس يتكون من يومين أو ثلاثة أيام ليلة الحفلة تبقى العروس في بيت أهلها، وتلبس ثوباً ملوناً إما زهري أو أحمر أو أي لون آخر، ويجتمع عندها بعض الأصحاب والجيران يحتفلون.

تستخدم الدربكة، وفي بيت العريس يكون الاحتفال الأكبر يجتمع أهل القرية كلها على الدبكة والطبل والمزمار أو الأرغول يدبكون النقرة و الدبكة الشمالية حيث تختلف واحدة عن الآخرة بزيادة خطوة.

في اليوم الثاني: عند الظهيرة تذبح الذبائح ويطبخ الرز والبرغل والهريسة وهي القمح المقشور بالجرن المصنوع من الحجر الأزرق، يدق فيها ثم توضع مع لحم الدجاج أو الغنم ويغلي إلى أن يتجانس مع بعضه ويوضع عليه السمن العربي واللحم ويقدم للناس، والكل يشارك بالطعام لقمة عرس، وعند العصر يأخذون العروس من بيت أهلها أو إذا كانت ضيفة في بيت أحد الجيران أو الكبار يأخذونها منه إلى بيت العريس ويتابعون الاحتفال لفترة قصيرة وكل واحد يذهب إلى بيته حيث ينتهي العرس.

حفلة الطهور: بحسب المناسبة وفرحة الأهل يدعى الأصحاب والأقارب، وتذبح الذبائح ويطبخ الطعام مثل البرغل والأرز والهريسة، وتمد الموائد وكانت العادة تناول الطعام باليد دون استخدام الملعقة، وبعد الطعام يوزع الحلو على المدعوين، ويتخلل هذا الحفل بعض الاناشيد الخاصة بالمناسبة مثل انشودة يا مطهر الويلاد بالله عليك لا توجع الويلاد ندعي علي، وأحياناً تستخدم المزاهر والدف والغناء كما في الموالد.

استقبال الحجاج

يتم استقبال الحجاج بالزينة المكونة من أغصان السرو والورود واللافتات المكتوبة لهذه المناسبة مثل أهلا وسهلا بحجاج بيت الله الحرام، من زار قبري وجبت له شفاعتي، حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وتوضع على شكل قوس فوق باب الدار.

يخرج الناس لملاقاة الحجيج وتطلق الأعيرة النارية ابتهاجا بالوصول بالسلامة. يأتي المهنئون والأصحاب والجيران ومنهم من يأتي بهدية معه، أما القادم من الحج فيجلب معه الهدايا كالأحجار الكريمة كالعقيق وألعاب الأطفال والمسابح والحنة ويحضر معه أيضاً من ماء زمزم ليسقي الزوار من الماء المبارك.

الخطبة والعرس عند البــدو

كان البدوي إذا أراد أن يتزوج يختار ابنة عمه حليلة له فيطلبها من والدها بحضور أهله وأعمامه، فإذا كانت غريبة ينتظرون الجواب ويكون الزواج على الأغلب من بنات العم، وفي حال تم القبول يدفع المهر أو النقد أو السياق لوالدها ويكون على الأغلب غالياً، ويدل هذا على أن العروس غالية وتستحق هذا المهر بالإضافة إلى الذهب والحلي واللباس الثمين.

وفي أوقات كثيرة يكون الزواج مبادلة أو مقايضة كأن يتزوج ابن العم ابنة عمه وأخته تتزوج ابن عمها، أو أب يقايض بابنته يعطي ابنته لأخ أو لرجل آخر وهو يتزوج امرأة ثانية، وهناك حالات كثيرة تظلم فيها البنت كأن تبقى بدون زواج إذا رفضت العريس، حتى لو كان ابن عمها فتبقى بدون زواج وهو يتزوج غيرها وتكون وقتها محيرة أي لا أحد يستطيع خطبتها طالما ابن عمها يريدها.

إذا تم الاتفاق وتمت الخطبة وانقضى وقتها ينصب بيت شعر لهذه المناسبة ويدعى أهل العشيرة والأقرباء، يدوم العرس ثلاثة أيام، في اليوم الأول يكون الاحتفال في الليل في مكان واسع في وسط البيوت حيث يدبك الرجال، وتدق الطبول ويعزف على الزمر وتدبك النساء أيضاً مع الرجال في فناء واسع، يقدم الشاي والقهوة.

وفي اليوم التالي تذبح الذبائح وتقوم النساء الكبيرات بطهو الطعام ويعتمد عليهن في الطبخ حتى يضمن أن يكون الطعام ناجحاً ولذيذ الطعم، تضع النسوة الطعام في (المناسف)، وهي أواني كبيرة نحاسية يسكب فيها الرز والبرغل، ويوضع فوقه اللحم المسلوق بورق الغار وحب الهال والبهارات، توضع بشكل معين حيث يوضع الرأس في وسط ( المنسف ) والإلية في طرف المنسف ثم يسكب السمن العربي المحمى على النار فوق المنسف بعد تنسيقه، ويقدم للمعازيم ويجب على جميع الحضور تناول الطعام، بعد ذلك، يذهبون إلى بيت العروس لزفها إلى بيتها الجديد، فيحضرون جهازها المكون من فرش جديدة ووسائد وثياب.

أما في اليوم الثالث، فيقوم أهل العريس بذبح الذبائح على شرف ابنهم، ويذبح في يوم العرس ما لا يقل عن عشرين ذبيحة، وتكون طريقة الطعام باليد، فيجمع الطعام في طرف اليد مع قطعة من اللحم، ويوضع في الفم بطرف الأصابع بطريقة الدفع.

الخطوبة والـزواج

يتم اختيار العروس من قبل الأهل أو من قبل الشاب، فتذهب والدة الشاب أو أخته لمشاورة الفتاة، وفي حال موافقتها المبدئية تذهب “وجاهة” مؤلفة من والد العريس وإخوته الشباب وكبار رجالات ووجهاء البلدة إضافة إلى شيخ الجامع للتقدم بشكل رسمي لطب يد الفتاة من والدها، والاتفاق على المهر.

ويتم تحديد موعد الخطوبة، فتعطى الفتاة مبلغا من المال لتلبية احتياجاتها في هذا اليوم من تجهيز نفسها وثياب خاصة بالحفلة، وتحضر الوجاهة المؤلفة من الرجال مع العريس، وترافق وجاهة الرجال مجموعة من النساء تتألف من والدة العريس وأخواته وقريباته، فتتم قراءة الفاتحة ويذهب العريس فقط إلى الصالة التي تضم النساء ليقوم بتلبيس العروس ما تم شراؤه من الذهب والحلي الأخرى.

وتكون الضيافة جميع أنواع الحلويات والفاكهة والقهوة المرة لجميع الحاضرين وسط الزغاريد والأهازيج البهيجة كالعتابا والدلعونة والهوارة.

ويقوم احتفال بحضور العريس وسط مجموعة النساء، وتُمنح الفتاة بعد الخطوبة فترة زمنية يتفق عليها لإعداد نفسها وما تحتاج إليه، بعد أن يكون أهل العريس قد أعطوا أهلها المال المتفق عليه للتحضير للعرس.

ويسبق يوم العرس يوم “الحناء”، وهي عادة تقليدية في الريف تصبغ فيها يدا الفتاة برسوم الحناء الجميلة، وتكون لها حفلة بين أخواتها ورفيقاتها بصيغة الوداع لها، فغدا ترحل إلى بيت زوجها.

وفي اليوم الثاني تذبح الذبائح ويحضر أهل البلدة لتناول طعام الغداء أو العشاء في بيت العريس، في حين يتم إرسال اللحم والأرز واللبن والسمن إلى بيت العروس لإعداد الطعام الخاص بها وبأهلها ورفيقاتها.

ويتنوع الطعام المقدم في هذا اليوم حسب رغبة أهل العريس، وفي المساء يتم تجهيز العروس من لباس وزينة لاستقبال العريس وأهله في حفل بهيج.

من الأهازيج الشعبية التي تُغنى في الأعراس

عروس عروسة شيلي هالغطا وارميه، يلعن أبو هالغطا لأبو السَعالك فيه، والوجه دويرة قمر والورد فتّح فيه والصدر بستان لابن العم يطارد فيه، لأطلع ع راس التلّ وأظل أبكي وأقول يا فرقة الخلاّن ويلي شما أصعبك.

والبنت تقول لأمها “يا أمي بدّي مية عشرين من أهل البلد.. وعشرين غربية وعشرين يجيبوا حطب.. وعشرين للمية وعشرين يسحنوا الكحل لسود عينية”.

الأعياد الدينية

ومنها عيدي الفطر والأضحى، وكانت مظاهر الاحتفال بهذان العيدين ثرية ومتنوعة وخاصة في الأيام الغابرة، حيث كانت تمارس الاحتفالات في هذه المناسبة على الشكل التالي “يستعد الأهالي قبل العيد ببضعة أيام من خلال شراء الملابس الجديدة لأبنائهم، وإحضار المواد اللازمة لصنع أنواع المأكولات الجيدة والدسمة التي غالباً ما ترافق المظاهر الاحتفالية للأسرة والمجتمع”.

وفي صباح العيد، بعد صلاة الفجر، يذهب أغلب أبناء البلدة رجالاً ونساءً وأطفالاً إلى مقبرة البلدة لزيارة موتاهم، وقراءة بعض السور من القرآن الكريم وبعض الأدعية، وتكون النسوة قد حملت معها بعض الحلويات، حيث تقوم بتوزيعها على الحضور والأهل والأقارب الموجودين بجانب القبور الأخرى.

ويجتمع الرجال في المقبرة ويقرؤون ما يسمى بالتهليلة، ثم يقوم الجميع بمغادرة المقبرة، ويتجه الرجال إلى الجامع مصطحبين معهم أطفالهم، وغالباً ما كانت الشخصيات الرسمية في البلدة تشارك في صلاة العيد مثل مدير المنطقة أو رئيس البلدية وغيرها من الشخصيات الرسمية.

وكالات