حلب/ خالد الحسين
يقف سامر العلبي مكتوف الأيدي أمام دجاجات نافقة يجمعها يومياً من مدجنته، يضعها فوق بعضها البعض في مكان قريب من المدجنة ينظر إليها محاولاً فهم أسباب نفوقها، ثم يتواصل مع أصحاب مسامك في المنطقة للتخلص منها بإطعامها للأسماك.
يطعم سامر الفراخ علفاً مخصصاً للدجاج ثلاث مرات في اليوم، يضعه في معالف بلاستيكية موزعة بالترتيب على شكل خطوط طويلة مستقيمة، يخلط الكثير من الأدوية في خزان الماء على السطح وصفها الطبيب المشرف الذي سبق وأن شرّح طيوراً نافقة وأخرى منهكة لتشخيص مرضها، فلا يكاد ينجو القطيع من مرض إلا وأصيب بآخر.
النفوق المتكرر الذي تسببه أمراض تلحق بطيور في المداجن، والخسائر التي يتكبدها مربون، دفعت بشركات محلية تبيع العلف لتطبيق ممارسات خاطئة تتعلق بغذاء الطيور بهدف تسريع نموها، مثل خلط الأعلاف بموارد محلية لتخفيف التكلفة العلفية المرتفعة التي تقلل من الأرباح.
تضيف هذه الشركات مواد بتكلفة منخفضة إلى الأعلاف، مثل إدخال مسحوق العظام ومخلفات مسالخ الدجاج من ريش ودم وجلد وأحشاء وغيرها بنسبة 5% بعد معالجتها وتحويلها إلى ما يسمى طحين اللحم، وهو مادة يحرم استخدامها من قبل منظمة الصحة العالمية بسبب أضرارها على الحيوان والإنسان الذي سيتناول اللحوم.
طحين اللحم هذا يضاف إلى الخلطات العلفية كبديل عن البروتين النباتي غالي الثمن، كذلك يضاف البريمكس (خليط من الأملاح والفيتامينات ومركّز الفروج) إلى الذرة وكسبة الصويا، وهما مصدران للطاقة والبروتين في الخلطة العلفية، “متجاهلين المخاطر الصحية التي قد تنشأ عن الاستهلاك البشري للّحوم” يقول الطبيب البيطري، محمد السلمو، اختصاصي بتغذية الدواجن.
أكثر من عشرين دجاجة نافقة من أصل أربعة آلاف هي حصيلة الخسائر اليومية بعد إصابتها بأمراض متنوعة. يقول سامر إن موت هذه الأعداد يسبب له إرهاقاً نفسياً، فهو يمضي أغلب وقته في مراقبة قطيع الدجاج، يتناوب على المهمة مع والده الذي يحل مكانه فترة نومه أو عند حاجته لشراء شيء ما من المدينة، كما أن طبيباً بيطرياً مختصاً بالدواجن يشرف على وضع القطيع الصحي.
لتسهيل الوصول للطيور حال حدوث أي طارئ، يعيش سامر مع والده في غرفة سكن صغيرة بمحاذاة المدجنة المبنية بعيداً عن المدينة بسبب الروائح التي تصدر عنها وخاصة في فصل الصيف. يراقب الكهرباء، ويجهز مولدةً كهربائية في حال الضرورة ليضمن توفير الإنارة داخل المدجنة طيلة اليوم.
لا يغفل سامر تهوية المدجنة بشكل جيد، فعادة ما تصمم المداجن من طابق اسمنتي طويل أو أكثر مفتوح من الداخل دون قواطع اسمنتية، وفي قسمها العلوي نوافذ على طول الجدار، تغطيها ستائر يمكن فتحها وإغلاقها تبعاً لاتجاه الرياح وحركتها وارتفاع الرطوبة والحرارة في الداخل، والتي من الضروري قياسها بميزان الحرارة بين الحين والآخر.
ويقول أبو منصور، مربي دجاج وصاحب مدجنة تضم 3000 طير، إنه يضطر للتعامل مع شركات الأعلاف المحلية، رغم إهمال الشركات لعملية تعقيم المفاقس والسيارات التي تنقل العلف والصوص إلى المداجن، ما يسبب بنقل الكثير من الأمراض، كما أن إدخالهم لطحين اللحم بنسب غير مدروسة في العلف يؤثر على جودة اللحم وصحة الدجاج بشكل عام.
وتسهم الأعلاف التي تحتوي على نسب من طحين اللحم بنقل مرض السالمونيلا إلى المستهلك، بحسب شرح الطبيب البيطري، ما يتسبب بأعراض مثل المغص والإسهال التي لاحظها مستهلكون، وخاصة بعد تناول وجبات الشاورما من المطاعم، وذلك عند عدم طهي اللحوم بشكل جيد، ويمكن أيضاً أن ينقل أمراضاً فيروسية مثل مرض اعتلال الدماغ الاسفنجي (جنون البقر) الذي انتقل منذ سنوات عبر أعلاف الأبقار المخلوطة بطحين اللحم إلى المستهلكين في بعض الدول.
ويرجع المشاكل التي تصيب قطاع الدواجن أيضاً إلى الصيصان والبيض، لأن البيوض تجمع من أمهات أعمارها مختلفة، ما يتسبب بتفاوت مناعة الطيور، فإن لم تكن مناعة الأمهات جيدة تكون مناعة الصوص ضعيفة، ويحتاج أدوية كثيرة وتظهر أمراض تترتب خسائرها على المربي.