شهدت المحافظات السورية السبت الماضي الخامس عشر من آذار، احتفالات بالساحات العامة إحياء للذكرى الرابعة عشرة لانطلاق الثورة السورية في مثل ذات اليوم من عام 2011 في كل من إدلب ودمشق وحلب وحمص وحماة، بالإضافة لأنشطة وكرنفالات في عدد من البلدات والقرى في المحافظات السورية.
وانطلقت الثورة السورية عام 2011 من احتجاجات شعبية عفوية سلمية في المناطق السورية المهمشة تطالب بالحرية والكرامة ووضع حد للقمع والفساد والدكتاتورية، لكنها سرعان ما عمت معظم مناطق سوريا.
وقمع نظام الأسد بالسلاح المظاهرات السلمية، فسقط مئات الآلاف من الضحايا، وتشرد الملايين نزوحاً في الداخل السوري ولجأوا إلى مختلف بقاع العالم، وتحولت سوريا إلى أزمة دولية وساحة للصراع بين القوى الإقليمية والدولية.
واعتاد السوريون خلال سنوات الحرب عند سماعهم صوت المروحيات أن يتخيلوا مشاهد الموت والدمار، ويستعدوا لتلقي البراميل المتفجرة التي تلقى عليهم من السماء وتزن أكثر من نصف طن، لكنهم وقفوا اليوم ملوحين لها بالأيادي محتفلين بقدومها، وهي تُلقي عليهم الورود وعبارات الحب والسلام.
وعمل القائمون على تنظيم إحياء الذكرى على تنويع الأوقات بين المحافظات السورية، حيث أقام أبناء محافظة إدلب احتفالاتهم، في حين أقامتها محافظات حلب وحمص وحماة ودمشق مساءً، في الوقت الذي سيكون فيه إحياء الذكرى في محافظة درعا يوم 18 مارس/آذار الجاري.
ويقول محتفلون في دمشق إن “الاحتفال له مذاق وطعم آخر بعد أن تذوقنا الحرية والكرامة بعد معاناة وتضحيات تكللت بعد الصبر والصمود بالنصر، وإسقاط نظام حكم آل الأسد وفراره إلى روسيا وأصبحت سوريا للسوريين”.
ويشيرون إلى أن “ما يميز المظاهرات والاحتفالات في هذه الذكرى أن كل المحافظات السورية تشارك فيها بعد أن كنا نحتفل فقط في الشمال السوري المحرر، أما اليوم فالجميع يحتفل من دمشق حتى القامشلي لأن السوريين أصبحوا يتنفسون عبق الحرية”.
ويلفت أحدهم إلى أن “سوريا جميعها من طائفة واحدة فقط هي المواطنة السورية، وسوريا للجميع ولا مكان لدعاة الفتنة والقتل فيها، فكلنا مع بعضنا بعضا يداً واحدة، ومن حق كل مواطن سوري أن يأخذ حقوقه بالمواطنة، ولا بد من حصر السلاح بيد الدولة”.
وأوضح “نحن السوريين نرفض كل أفكار التجزئة والتقسيم، فسوريا للجميع من كل الطوائف والأعراق، والثورة السورية قامت وصمدت 14 عاماً من أجل نيل كل مواطن سوري حريته، واليوم الثورة تنتصر ويتم ملاحقة الفلول لننعم ببلد تسوده الحرية”.
ويعتبر إحياء ذكرى انطلاق الثورة السورية في دمشق كان حُلماً طال انتظاره من أهالي دمشق وريفها خلال السنوات الماضية، التي حُرِم السوريون فيها حتى من متابعة صفحات الثورة السورية، إذ كان ذلك بحدّ ذاته جرما في قوانين الإرهاب.
شهدت العاصمة السورية دمشق مظاهرات في محيط ساحة الأمويين وسط المدينة احتفالا بحلول الذكرى الرابعة عشرة للثورة السوري، وذلك في ظل إجراءات أمنية مشددة.
كما خرجت مظاهرات في محافظات عدة احتفالاً بذكرى الثورة السورية، التي أعلنت انتصارها بإسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024. وشاركت مروحية عسكرية تابعة لوزارة الدفاع السورية في احتفالات السوريين بإحياء الذكرى الرابعة عشرة للثورة السورية في ساحة الأمويين وسط دمشق.
وألقت المروحيات العسكرية وروداً على المحتفلين في الساحة، كما عمدت إلى التحليق على ارتفاع منخفض وألقت منشورات تؤكد على واجب الجيش السوري في حماية السوريين، وحملت تلك المنشورات مباركة للسوريين بهذه المناسبة، وتأكيداً على قيم الحرية والكرامة التي انتفض من أجلها الشعب السوري، وضرورة المشاركة في بناء الدولة بعد رحيل النظام المخلوع.
ويتزامن حلول العام الـ14 للثورة السورية مع سقوط نظام الأسد يوم 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، حين بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من حزب البعث الدموي و53 سنة من سيطرة أسرة الأسد.