شهدت أسعار السلع الأساسية في سوريا من مواد غذائية ومحروقات انخفاضا ملموسا في المحافظات المختلفة، منذ سقوط نظام الرئيس الهارب خارج البلاد بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
جاء انخفاض أسعار السلع مدفوعا بتدفق السلع والمواد الاستهلاكية في الأسواق، بعد أن تجرّع السوريون على مدار سنوات فقرا وحرمانا بين معدل أجور متدنٍ وغلاء بالمعيشة لا يتناسب مع تلك الأجور المتدنية.
انخفضت أسعار المحروقات وباتت متوفرة بعد أن حددت وزارة النفط والثروة المعدنية في حكومة تصريف الأعمال بسوريا أسعار بيع المحروقات والغاز للمستهلكين.
وانسحب انخفاض الأسعار أيضا إلى المواد الغذائية الأساسية كالخضروات والفواكه، بعد أن رُفعت يد الاحتكار عنها وفُتحت البلاد لوصولها، إضافة إلى انخفاض التعرفة الجمركية.
وفي بيان سابق لها أعلنت هيئة تحرير الشام إزالة الرسوم الجمركية عن الكثير من البضائع وإلغاء القرارات التي كانت تمنع ظهور بعض السلع وترفع قيمة بعضها الآخر على نحو كبير لا طاقة للمواطن السوري في تحمّلها.
تباينت آراء الخبراء الاقتصاديين بشأن ما إذا كان انخفاض الأسعار الذي تشهده الأسواق السورية حقيقيًا أم وهميا، في ظل التحديات والمشكلات العديدة التي يعاني منها الاقتصاد في سوريا، واستمرار حالة عدم الاستقرار.
يرى خبراء اقتصاديون أن انخفاض أسعار السلع حقيقيا، إذ أنه جاء مدفوعا بقرار خفض الرسوم الجمركية في سوريا عما كانت عليه خلال عهد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد بين 50 و60%.
أوضحوا أن الرسوم الجمركية في سوريا كانت مرتفعة، في حين أنها كانت في المنفذ الحدودي بمنطقة معبر باب الهوى “الحدود السورية التركية” والمناطق التي سيطرت عليها المعارضة منخفضة، لافتين إلى أن حكومة تصريف الأعمال الحالية في دمشق وحدت الرسوم الجمركية في سوريا ما يعني أنها خفضتها في مناطق سيطرتها.
وأفادوا بأن إدارة الجولاني تسيطر على محافظات طرطوس واللاذقية ومعبر الجنوب نصيب، إضافة إلى معبر المصنع مع لبنان، وأن الأسعار انخفضت بتلك المناطق نتيجة خفض الرسوم الجمركية بنسبة تراوحت بين 40 إلى 50% على معظم السلع والمنتجات الغذائية أو الأدوات المنزلية والكهربائية.
وبيّنوا أن تهافت السائحين بعد سقوط نظام الأسد على سوريا سواء من إعلاميين وغيرهم زاد من طرح النقد الأجنبي بالسوق، مشيرين إلى أن هذا كان من أحد أسباب تحسن سعر الصرف لليرة السورية.
ويعتبر اقتصاديون أن العاملين النفسي والسياسي أيضا ساهما في تحسن سعر العملة المحلية في سوريا، لكنه تحسّن مؤقت إن يترافق مع معدل إنتاجي وزيادة القطع الأجنبي وكذلك استغلال المعادن الثمينة.
وأكدوا أن انخفاض الأسعار الحقيقي يحقق شرط ثبات الأسعار إضافة إلى الاعتماد على الإنتاج المحلي، ونوهوا إلى أن معظم السلع التي انخفضت في السوق المحلية السورية هي سلع مستوردة، ما يشكل خطرا على اقتصاد البلاد حال استمرار ذلك طويلا.
وبحكم الظروف الحالية بسوريا فإن الاستيراد يحلّ أزمة السوق، ولكن هذا يجب أن يكون لفترة محدودة، ثم أن خفض الرسوم الجمركية يشجع التجارة مقابل خفض الأسعار في السوق المحلي، لكنه بنفس الوقت يؤذي الإنتاج المحلي إذ لا يمكن للإنتاج في سوريا أن ينافس السلع المستوردة سواء من تركيا أو غيرها.
واستبعد اقتصاديون أن يكون الانخفاض الملحوظ بأسعار السلع وهميا، موضحين أنه انخفاض لحظي يرتبط بظروف معينة، حيث أن هذا الانخفاض مرحلي ربما مؤقت مرتبط بظروف محلية وخارجية.
كما أن الانخفاض الحقيقي للأسعار يرتبط بعدة عوامل أساسية، أبرزها تخفيض تكاليف الإنتاج، زيادة الإنتاج والمنافسة، ارتفاع الطلب والاستهلاك، تحسين القوة الشرائية للدخل بشكل عام، وأخيراً تقليل معدلات البطالة.
بينما الانخفاض الوهمي للأسعار يترافق مع انخفاض وهمي وغير حقيقي في سعر صرف الدولار بسبب المضاربة من قبل الصرّافين، مما يؤدي إلى ارتفاعه مجددًا بعد فترة.
وحذّر خبراء من إغراق الأسواق بالبضائع الأجنبية زهيدة السعر على حساب تدهور الصناعة الوطنية، ما يضطر التاجر والصناعي والمزارع لبيع المنتجات الوطنية بأقل من تكاليفها، مما يتسبب في خسائر، كتسريح العمال، وتراجع الإنتاج، إذ أن هذه السياسات تؤدي في النهاية إلى انهيار الاقتصاد الوطني، وتراجع قيمة الليرة السورية، مع ارتفاع متوقع وحتمي في الدولار والأسعار.
يجدر الإشارة إلى أن سعر الليرة السورية شهد حالة من الاستقرار عقب سقوط نظام الأسد، بعد أن حدد “مصرف سوريا المركزي” متوسط سعر الدولار مقابل الليرة عند 13,000 ليرة للشراء، و13,130 ليرة للبيع، وفقا لآخر تحديث، مما دعم العملة المحلية.