لكل السوريين

لبنان يودع مرحلة الفراغ الرئاسي.. ويبدأ مرحلة التحديات والمهام الكبرى

بعد أكثر من عامين على الفراغ الرئاسي، انتخب لبنان قائد جيشه رئيساً جديداً للجمهورية اللبنانية، فيما اعنبر محطة مفصلية في تاريخه، وجاء انتخاب العماد جوزيف عون في وقت لا يزال لبنان يعاني من تداعيات الانهيار المالي الذي شهده عام 2019، إضافة إلى آثار الحرب الإسرائيلية الأخيرة عليه.

وينتظر أن يشهد البلد جهوداً مكثفة لتشكيل حكومة جديدة، وتنفيذ إصلاحات جوهرية في مختلف القطاعات.

وكان مجلس النواب اللبناني قد انتخب جوزيف عون رئيسا للبلاد، بعد حصوله على 99 صوتا خلال الجولة الثانية من التصويت حضرها جميع النواب الـ 128.

وفشلت الجولة الأولى بسبب تصويت نواب حزب الله وحركة أمل بأوراق بيضاء لإظهار استمرار وجودهم وثقلهم في لبنان، ثم صوتوا في الجولة الثانية لصالح جوزيف عون.

وكان الأسبوع الأول من العام قد شهد حراكاً واسعاً لإنجاز الاستحقاق الرئاسي الذي يتأثر بالتداعيات الإقليمية والعالمية، بدءاً من وقف إطلاق النار مع إسرائيل، مروراً بسقوط نظام الأسد في سوريا، وصولاً إلى دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

وفي موازاة مع ذلك، واصل الموفد الفرنسي الخاص إلى لبنان لقاءاته مع قوى سياسية عدة بينها حزب الله، تركزت حول الانتخابات الرئاسية.

وأجرى الموفد الأميركي لقاءات مماثلة مع نوّاب وشخصيات سياسية مختلفة، لضمان فوز عون بمنصب الرئاسة.

مهام كبرى وتحديات

يواجه الرئيس اللبناني الجديد مهمة صعبة تتمثل في تشكيل حكومة حديدة، وصياغة رؤية وطنية متكاملة وممكنة التطبيق، مع أن حصوله على 99 صوتاً يمنحه تفويضاً كبيراً من البرلمان للقيام بذلك.

وسيتركز الاهتمام اللبناني بشكل أساسي على تحديد من سيكون رئيس الحكومة، ومن سيشغل المناصب الوزارية، بالإضافة إلى معرفة البرنامج أو البيان الوزاري الذي ستتبناه الحكومة، كونه سيحدد المسار الذي ستسلكه البلاد في المرحلة المهمة المقبلة.

كما تنتظر الرئيس الجديد والحكومة التي سيشكلها تحديات كبرى، أبرزها إعادة الإعمار بعد الحرب الأخيرة التي دمرت فيها إسرائيل أجزاء كبيرة من جنوبي وشرقي البلاد، ومن الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت.

كما يتعين عليه وعلى حكومته المضي في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي يشمل الالتزام بالقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي عام 2006، ونزع سلاح كافة المجموعات المسلحة “غير الشرعية”.

وستتضاعف هذه التحديات في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، وخاصة المؤشرات المتزايدة على أن إسرائيل لن تنسحب من لبنان تنفيذاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي توصل إليه الجانبان، كما جاء على لسان أكثر من مسؤول إسرائيلي في الآونة الأخيرة

بيان تأسيسي

بعد أن أنهى لبنان حالة الفراغ الرئاسي التي استمرت لمدة عامين وثلاثة أشهر، ودخل مرحلة جديدة بدعم من الخماسية العربية الدولية المكونة من وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية ومصر والمملكة العربية السعودية وقطر، يمكن القول إن هذه المرحلة قد أُسست لقيام لبنان جديد شكّل ملامحه خطاب الرئيس المنتخب خلال مراسم القسم.

حيث أدى العماد جوزيف عون اليمين الدستورية كرئيس للبلاد فور إعلان النتائج، وقال خلال مراسم التنصيب “اليوم تبدأ مرحلة جديدة من تاريخ لبنان، أعاهدكم أن أمارس صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة كحكم عادل بين المؤسسات”.

وأضاف “وصلنا إلى ساعة الحقيقة ونحن في أزمة حكم يفترض فيها تغيير الأداء السياسي والاقتصادي، لبنان بقي كما هو رغم الحروب والتفجيرات وسوء إدارة أزماتنا”.

وتابع “إذا أردنا أن نبني وطناً علينا أن نكون جميعاً تحت سقف القانون، لا تدخّل في القضاء، ولا محسوبيات، ولا حصانات لمجرم أو فاسد”.

واعتبر المراقبون هذا الخطاب بمثابة بيان تأسيسي للبنان الجديد، حيث تناول الجوانب المالية والاقتصادية الاجتماعية والقضائية، وركّز على أن لبنان بحاجة إلى عملية إعادة إعمار شاملة.

يذكر أن لبنان شهد فترات فراغ رئاسي أبرزها بين عامي 2014 و2016، قبل انتخاب ميشال عون رئيساً، وبعد انتهاء ولايته، عقد البرلمان اللبناني 12 جلسة فشل فيها بانتخاب رئيس جديد، وكانت آخر جلسة في عام 2023، حيث تعطلت بسبب ترشيح حزب الله وحركة أمل، سليمان فرنجية، مقابل جهاد أزعور الذي رشحه تحالف القوى المسيحية وأطراف أخرى معارضة للثنائي الشيعي اللبناني.

ومنذ أكثر من 81 عاماً على استقلاله عن الانتداب الفرنسي في 22 تشرين الثاني 1943، لم يشهد لبنان أي عملية سلسة لتسلم وتسليم السلطة بين رؤساء الجمهورية.