حاول وزير الدفاع الفرنسي فيما يبدو، التخفيف من العاصفة التي خلفتها تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون، وقال أمام نواب لجنة الدفاع الوطني والقوات المسلحة “ليس لدى فرنسا أي نية لإرسال جنود إلى أوكرانيا لشن حرب ضد روسيا”.
وكان ماكرون قد أشار لأول مرة خلال مؤتمر دعم كييف الذي انعقد في باريس، إلى إمكانية إرسال قوات برية إلى أوكرانيا.
وأصرّ على إثارة المزيد من الجدل، إذ قال أثناء زيارته إلى براغ “نقترب بالتأكيد في أوروبا من لحظة حيث سيكون من المناسب ألّا نكون جبناء”، ودعا أنصار كييف إلى “الارتقاء إلى مستوى التاريخ”.
وفي نهاية الشهر الماضي، قال ماكرون “إن باريس ستبذل قصارى جهدها لمنع روسيا من الفوز في هذه الحرب”، وأكد أن باريس ليس لديها “حدود وخطوط حمراء” بشأن دعم كييف.
وبالمقابل، أشار سيرغي ناريشكين مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية إلى أن “موسكو لديها معلومات تفيد بأن فرنسا تقوم بإعداد وحدة عسكرية يصل عددها بشكل أولي إلى نحو ألفي شخص لإرسالها إلى أوكرانيا”.
وأكد “أن القوات الفرنسية ستصبح هدفاً مشروعاً ذا أولوية لهجمات القوات المسلحة الروسية”.
وسبق أن شدد ناريشكين على أن تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزعماء أوروبيين آخرين بشأن إرسال قوات من الناتو إلى أوكرانيا “خطيرة للغاية”، واعتبر أنها “تدفع إلى حافة حرب نووية”.
إرسال قوات برية لأوكرانيا
في وقت تتزايد فيه شكوك أوروبية حول استمرار الدعم الأميركي لكييف، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “ليس من المستبعد إرسال قوات برية غربية لتحقيق هدف أوروبا المتمثل في إنزال الهزيمة بموسكو”.
وفي كلمة له خلال اختتام مؤتمر دولي لدعم أوكرانيا ضم مجموعة من القادة الأوروبيين، رسم ماكرون صورة قاتمة لروسيا، وقال إن مواقفها “تتشدد في الداخل وفي ساحة المعركة”.
وقال “نحن مقتنعون بأن هزيمة روسيا ضرورية للأمن والاستقرار في أوروبا”، مضيفاً أن موسكو تبدي موقفاً أكثر عدوانية ليس فقط في أوكرانيا بل بشكل عام.
وأشار ماكرون إلى أنه رغم عدم وجود إجماع على إرسال قوات برية غربية إلى أوكرانيا، فإنه ينبغي عدم استبعاد أي شيء، وأضاف “سنفعل كل ما يلزم لضمان عدم تمكّن روسيا من الفوز في هذه الحرب”.
وذكر الرئيس الفرنسي أنه تقرر إنشاء تحالف لتوجيه ضربات في العمق الروسي، ولتزويد أوكرانيا بصواريخ وقنابل متوسطة وطويلة المدى.
ولم يعلّق المستشار الألماني أولاف شولتس أو الرئيس البولندي أندريه دودا على تصريحات ماكرون خلال المؤتمر الذي حضره نحو عشرين رئيس دولة وحكومة، وألقى خلاله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خطاباً عبر الفيديو، كما شارك فيه وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، ودول من بينها الولايات المتحدة وكندا.
حرب النفاق
سارع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إرسال رسالة تحذير صريحة للغرب خلال خطابه السنوي للأمة الذي يحدد خلاله أولويات بلاده، وحملت الرسالة تهديداً حقيقياً بحرب نووية.
وبدوره، حذّر الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف من أن إرسال قوات إلى أوكرانيا لن يكون في مصلحة الغرب.
وقال خلال مؤتمر صحفي إن إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا “لن يكون في مصلحة تلك الدول بتاتاً، وعليها أن تدرك ذلك”.
وأوضح بيسكوف أن إثارة هذا الاحتمال يشكّل “عنصراً جديداً مهماً جداً” في الصراع.
وقال مستشار سابق بوزارة الخارجية الروسية “عند رؤية الأسلحة المتطورة التي قدمتها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا لأوكرانيا، فإننا لسنا بحاجة لأن نكون خبراء عسكريين لمعرفة أنها ستتطلب شهوراً طويلة من التدريب للجنود الأوكرانيين”.
وأكد أن انتشار هذه الأسلحة وإرسال الرجال المسلحين من أوروبا الغربية إلى أوكرانيا أمر حقيقي، ووصف موقف حلفاء أوكرانيا بـ”الكذب المحض” و”النفاق الخالص”.
يذكر أن رئيس مركز الاستشراف والأمن في أوروبا إيمانويل ديبوي، يرى أن ماكرون يريد استعادة قيادة فرنسا لأوروبا بالتزامن مع إعلان وزارة الدفاع الفرنسية تسليمها مساعدات عسكرية لأوكرانيا تصل إلى 2.6 مليار يورو.
ويشير إلى ما أسماه “سباق التسليح”، بين فرنسا وألمانيا التي تعتبر ثاني أكبر داعم عسكري للجيش الأوكراني بعد الولايات المتحدة، وحسب ديبوي تريد باريس تأكيد زعامتها فيما يتعلق بضمان الأمن ودعم كييف.