دمشق/ مرجانة إسماعيل
عَقب سقوط النظام السوري وفرار رئيسه بشار الأسد، نزل السوريون إلى الشوارع وأماكن الاحتجاز والأفرع الأمنية بحثا عن المعتقلين، وأظهرت مقاطع الفيديو التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي كيف توجه الأهالي نحو سجن صيدنايا لمعرفة مصير أحبائهم الذين اختفوا فيه، علّهم يجدونهم على قيد الحياة أو يمسكون طرف خيط يقودهم إليهم، إلا أن غياب التنظيم والجهات الحقوقية أدى إلى ضياع قسم كبير من الوثائق والتقارير والملفات الأمنية التي كانت ستساعد في كشف مصير المغيبين.
وتقدر الشبكة السورية لحقوق الإنسان وجود نحو 85% من السجناء في سوريا داخل سجون نظام الأسد، على مدار السنين الماضية.
وخلال فترة من الفترات ضم سجن صيدنايا وحده 20 ألف سجين، بحسب منظمة العفو الدولية، معظمهم أعدم أو مات بسبب الإهمال وتردي الوضع الصحي، وذلك وفقاً لما ذكره السجناء السابقون هناك.
وتقدر لجنة التحقيق الدولية عدد المعتقلين الذين خرجوا من سجن صيدنايا بنحو 4 آلاف معتقل، وتشدد اللجنة على ضرورة قيام الحكومة الجديدة بحماية الأدلة في سجون الأسد والأفرع الأمنية، وأن تطلب المساعدة من الأمم المتحدة بشأن السجون.
تعلق أم معتقل على الفوضى وعملية البحث العشوائي التي سادت عقب تحرير المعتقلين وخاصة في سجون دمشق “لقد تأكدنا من اقتراب نهاية هذا النظام، ولكن المشكلة الكبرى تكمن في أننا ورغم إدراكنا لهذه الحقيقة، نشعر أن آمالنا قد ضاعت وخابت، لماذا خابت آمالنا؟ لأننا كنا نعلق الكثير من الأمل على وعود المجتمع الدولي، على الالتزامات التي اعتبرناها أساسية لإنقاذنا”.
وتضيف: “منذ أكثر من 13 أو 14 عاما، ونحن نسمع من الحكومات العالمية عن التزاماتها تجاه شعوبنا وعن دورها في حمايتنا، ولكن عندما جاء الوقت للعمل الحقيقي، أين هذه الحكومات وأين وعودها؟ أين المنظمات الدولية أين الصليب الأحمر أين أولئك الذين كانوا دائماً يرددون وعودهم بمساعدتنا ويستثمرون في هذا الملف، مضت أيام بل أسابيع ونحن لا نرى شيئا ملموسا، كان على الصليب الأحمر أن يكون موجودا أمام السجون لحماية المعتقل المحرر ليقدموا له الماء على الأقل وأن يحافظوا على الوثائق..”
وتضيف “نحن كعائلات كآلاف من البشر، نقف اليوم أمام تساؤلات مصيرية: ماذا نفعل؟ ما الذي يمكننا فعله؟ ما الذي يمكن للعالم فعله؟ ما مصير أبنائنا كل المعلومات، والملفات والوثائق التي نملكها ما قيمتها إذا لم تُستخدم لإنقاذنا؟ مامصير الأوراق والملفات التي رميت في الأرض وأتلفت؟”.
تسابقت وسائل الإعلام والناشطون والمؤثرون إلى سجن صيدنايا لنشر الصور وبث مقاطع الفيديو و”اللايف”، وانتشرت أخبار عن وجود سراديب وأبواب سرية لم تثبت صحتها، وهو ما أكده الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) مشيرا إلى أنّ فرقه لم تعثر حتى على أي أبواب سرية في سجن صيدنايا بريف دمشق.
ويؤخذ على وسائل التواصل الاجتماعي، أنها تعزز التفاعل العاطفي قصير الأجل الذي غالبا ما يختفي قبل أن يتحول إلى عمل حقيقي، وهو ما حدث عقب فتح السجون السورية.
القضايا الإنسانية التي تصبح “تريند” على وسائل التواصل تستقطب اهتمام الجمهور لفترة قصيرة جدا، وبعد ذلك يتم استبدالها بقضية أخرى. هذا التغير السريع في الاهتمام يمنع الحركات الإنسانية من الحفاظ على زخمها.
وتدفع وسائل التواصل المستخدمين للاكتفاء بأفعال رمزية مثل الضغط على زر الإعجاب أو إعادة التغريد، بدلاً من المشاركة الحقيقية في معالجة القضايا، في حين أن معتقلي صيدنايا وضحايا التعذيب في سوريا قضية سياسية وإنسانية تحتاج إلى فعل حقيقي لحلها وتحقيق العدالة.
وكشفت صور ومقاطع فيديو وحشية النظام السوري المنهار في معاملته للمعتقلين، بعد سقوطه ووصول الفصائل السورية إلى معظم السجون وتوثيقهم تلك الجرائم.
يذكر أنه في 21 كانون الأول 2016، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار (A / 71/ 248)، الذي ينص على إنشاء آلية دولية محايدة مستقلة، للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة وفق تصنيف القانون الدولي المرتكبة في سوريا منذ بدء الثورة في آذار 2011.