لكل السوريين

مفهوم “الحماية الذاتية” ضرورة حتمية للشعوب لتدعيم الاستقرار والأمان”

الرقة/ صالح إسماعيل

تأتي “الحماية الذاتية” مصاحبة لمفهوم الدفاع المشروع عن النفس، ويهدفان لحماية الخصائص الأصيلة التي تميز الأفراد والجماعات والشعوب للعيش بأمان وسلام، والوقوف بوجه محاولات الإلغاء والصهر والإبادة من قبل الأطراف المعتدية.

لذلك لا يمكن الوصول الى ثمرات هذا المبدأ من دون وجود وعي حقيقي بأهمية الحماية والدفاع الذاتي، وتوحيد الجهود الفردية خدمة للمصلحة العامة، والنضال ضمن هذا الإطار، والعمل على حماية أفراد المجتمع على كافة الأصعدة، وتشكيل نواة الحماية الذاتية وتفعليها بين أفراد المجتمع لترسيخ المفاهيم الأساسية في المجتمع.

وتبرز أهمية هذا المفهوم خاصة في ظل ما تعيشه الشعوب السورية من هجمات وعمليات عدوانية متكررة تقوض حالة ترسيخ الأمن والاستقرار التي تبنتها الشعوب خلال السنوات المنصرمة، وتتعارض مع مفهوم العيش المشترك الذي دفعت خلاله أثمان باهظة من أرواح وممتلكات.

الحماية حق مشروع

وحول هذا الموضوع اجرت صحيفتنا (السوري) لقاءات مع مواطني تل أبيض وعين عيسى حيث تطرقوا الى هذا الموضوع الذي يُشكل أحد أهم المبادئ العامة للحفاظ على المجتمعات، والشعوب الأصيلة بوجه محاولات الصهر والإبادة التي تنتهجها الدول المتسلطة والمعادية.

يقول المواطن إدريس محمود: “كانت الشعوب السورية وعلى مدى العقود والسنوات الماضية عرضة لعواصف التغيير ومحاولات زرع الفتنة والعنصرية بين أبناءه، من خلال الأنظمة الشمولية والقومية التي سيطرت على المنطقة، وبدأت برسم سياسات التفرقة والتغيير الديمغرافي، وأنكار الثقافات والشعوب الأصيلة بكل تنوعها وثقافاتها، ومعتقداتها، للعمل على صهرها في بوتقة عنصرية واحدة تخدم الواجهة السلطوية القومية ، كذلك الأمر يشمل كافة الجهود الفكرية والثقافية والإبداعية التي تمتلكها الفسيفساء السورية بشعوبها وثقافاتها وقواتها الذاتية المتنوعة.

وتابع “خلال الأزمة السورية التي اندلعت في 2011 كانت الشعوب السورية أمام خطر حقيقي يهدد كيانها بعد انهيار نظام الحماية والدفاع ( الفاشل أصلاَ) في سوريا بسبب العقلية التسلطية والقمعية المفروضة، والتي كانت عبارة عن سيف مسلط بوجه الشعوب السورية، لذلك كان لزاماً على الشعوب إعادة تنظيم نفسها من جديد، وتشكيل نظام للحماية والدفاع عن النفس في وجه خطر الإبادة، ومخططات الدول المحتلة والطامعة التي تستغل الظروف السياسية والعسكرية في المنطقة للانقضاض عليها، والسيطرة على  الموارد النفطية والطبيعية التي تختزنها”.

وبين “محمود” بأن الشعب الكردي في شمال وشرق سوريا من أولى الشعوب التي عملت لتشكيل نظام الحماية الذاتية لدرء المخاطر المحدقة بهم بعد تجربتهم الطويلة والمريرة التي عاشوها خلال القرون والسنوات الماضية، وما عانوه من ظلم واضطهاد ومحاولات إبادة وصهر من قبل الأنظمة المتعاقبة على حكم المنطقة، وتوالت الانتفاضات والثورات الشعبية للكرد في وجه الطغاة، حتى مرحلة الوصول لذروة الفاشية والعنصرية ضد الكرد فكانت انتفاضة القامشلي في أذار من العام 2004، والتي نبهت الشعب لأهمية الحماية، والدفاع عن النفس للمواجهة، لذلك تشكلت وحدات صغيرة من شباب وشابات الكرد ضمن المجتمع ليكونوا نواة تنظيم شعبي ثوري يحمون قيمهم من الإبادة، ليأخذوا التنظيم والتدريب والتوعية كأرضية للانطلاقة نحو ثورة الحرية وحماية القيم”.

مواجهة محاولات “الصهر والإبادة الممنهجة “

من جانبه أكد المواطن فاروق مصطفى بأن مبدأ الحماية الذاتية والدفاع المشروع الذي لعب فيها الشعب الكردي الدور الأكبر، بمساندتهم وانخراطهم في الثورة من أجل الحرية وإرساء الديمقراطية، لذلك أخذ الكرد وشعوب شمال وشرق سوريا من مبدأ الخط الثالث طريقاً لحماية المرافق العامة، ومنع القوى المعادية وعلى رأسها تركيا من العبث وتدمير المكتسبات تحت شعار (الثورة)، لذلك برزت شعوب شمال وشرق سوريا بكل مكوناتها (عرب ـ كرد ـ أرمن ـ شركس ـ أشورـ سريان ….)  كحامية لقيم الثورة والمجتمع بعد أن نجحت في ترسيخ هذا المبدأ وحماية أفراد المجتمع ومرافقه العامة، والارتقاء إلى مستوى يمكنها من الدفاع عن النفس أمام الأخطار الداخلية والخارجية المحدقة، الى جانب لجان الحماية الشعبية (الجوهرية) التي لعبت دوراً هاماً في كل كومين ومجلس ومؤسسة مكونة داخلها، وتعتبر ركن أساسي لحماية النظام الاجتماعي المتكون بيد شعوب المنطقة وبقيادة أبنائها.

وأضاف ” ما تم كسبه ونيله من حقوق مشروعة كانت مسلوبة من قبل الأنظمة القمعية والمرتزقة المدعومين خارجياً لتنفيذ الأجندات العدوانية يتم حمايته الآن “شعبياً”، ولأن المخاطر والتهديدات مستمرة فإن الحماية الذاتية هي ضرورة ملحة وحاجة لا يمكن الاستغناء عنها لحماية الشعوب التي تتألف من خليط من القوميات والديانات المتنوعة والمتكاتفة للعيش بسلام وأمان، وتجمعت على نظام لحماية قيمها المعنوية والمادية، وبدون الحماية فأن الإبادة الجسدية والثقافية والاجتماعية سوف تطال شعوبنا وثقافتنا وعاداتنا الأصيلة”.

وختم حديثه بالقول:” لذلك ما وصلنا إليه بعد تأسيس الإدارات الذاتية والمدنية في المناطق التي نجحت بحماية ذاتها بدماء أبناءها وصولاً لإعلان تشكيل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا هي بفضل (الحماية الذاتية)، و(الدفاع المشروع) بوجه محاولات الصهر والتصفية الممنهجة التي تتبعها أنظمة الهيمنة العالمية لتحقيق مخططاتها الخبيثة”.